حراك عراقي لحسم موعد الانتخابات

يقوده رئيس الجمهورية مع القيادات السياسية

ناشطون أغلقوا بإطارات مشتعلة شارعاً في الناصرية أمس (شبكة أخبار الناصرية)
ناشطون أغلقوا بإطارات مشتعلة شارعاً في الناصرية أمس (شبكة أخبار الناصرية)
TT

حراك عراقي لحسم موعد الانتخابات

ناشطون أغلقوا بإطارات مشتعلة شارعاً في الناصرية أمس (شبكة أخبار الناصرية)
ناشطون أغلقوا بإطارات مشتعلة شارعاً في الناصرية أمس (شبكة أخبار الناصرية)

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر سياسي رفيع المستوى أن «الأسبوع الحالي سيشهد لقاءات واجتماعات مكثفة بين الزعامات والقوى السياسية في العراق من أجل حسم مصير الانتخابات المبكرة». وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حدد يوم 3 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات المبكرة. وفيما لم تعترض القوى السياسية على الموعد المذكور علناً، فإنه؛ طبقاً لما يدور خلف الكواليس، بات من الصعب إجراء الانتخابات في هذا الموعد.
وطبقاً للمصدر السياسي، فإن «هذا الأسبوع سيشهد حراكاً سياسياً مهماً يقوده رئيس الجمهورية برهم صالح مع القيادات السياسية في البلاد، فضلاً عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، مبيناً أن «الهدف من لقاء الزعامات السياسية هو بلورة موقف نهائي حيال الانتخابات، لا سيما أنها تجري وسط سلسلة من الأزمات والخلافات». وبشأن «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، يقول المصدر إن «المطلوب من المفوضية تحديد موقفها النهائي بشأن ما إذا كانت قادرة على إجراء الانتخابات في الموعد الذي حددته الحكومة أم في موعد آخر حتى تتضح الصورة»، موضحاً أنه «بعد استكمال هذه النقاشات، سيتم الإعلان بشكل رسمي عما إذا كنا قادرين على إجراء انتخابات في الموعد الحكومي (6 - 6 - 2021) أم في موعد آخر؛ كأن يكون الشهر العاشر من العام الحالي». وأوضح أن «من بين المسائل التي تحتاج إلى حسم نهائي واتخاذ موقف بشأنها من قبل جميع القوى السياسية، مسألة إجراء الانتخابات عبر البطاقات البايومترية بوصفها الأسلوب الصحيح للحد من عمليات التزوير، وكذلك الإشراف الأممي على الانتخابات، وتخصيص الأموال الكافية لإجرائها».
وكانت «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» أعلنت الأسبوع الماضي عن تسجيل 424 حزباً للمشاركة في الانتخابات حتى الآن. ووفقاً لوثائق رسمية صدرت عن المفوضية، فإن المجموع الكلي لطلبات تسجيل الأحزاب بلغت حتى الآن 424، وعدد الأحزاب المجازة بلغ 231 حزباً، بينما بلغت طلبات التسجيل للأحزاب قيد التأسيس 99 طلباً.
وفي حين لم يعلَن حتى الآن عن أي تحالفات سياسية جديدة، فإن هناك مفاوضات بين أطراف سياسية كثيرة من أجل الدخول في قوائم موحدة في الانتخابات أو لإقامة تحالفات ما بعد ظهور نتائج الانتخابات.
من جهته، كرر زعيم «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، دعوته إلى تشكيل تحالف عابر للمكونات والقوميات والمذاهب. وفيما لم يعلن أي من القوى والأحزاب رأيه الواضح في هذه الدعوة، فإن الحكيم دافع عما يعدّه الحل الوحيد الذي من شأنه المساعدة في تنظيم الساحة السياسية ويسمح بتكوين ذراعي النظام السياسي؛ وهما الموالاة والمعارضة. وقال الحكيم خلال تجمع لعدد من وجهاء وشيوخ مدينة الصدر في بغداد، إن «من شأن هذا التحالف العمل على ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة واحترام الخصوصيات»، منوها بأن «الهوية الوطنية تترسخ بالمشروع الوطني، والعراق أولاً، وبدعم كل ما هو عراقي، وتحويل ذلك إلى ثقافة وسلوك». وأشار الحكيم إلى أن العراق يقف «أمام مفترق طرق بين منهج الدولة واللادولة؛ فالاستقرار والازدهار والاستقلال وسلطة القانون والعلاقات الرصينة مع دول المنطقة والعالم، كلها طموحات تحتاج منهج الدولة لتحقيقها، وكل النخب والكفاءات وشيوخ العشائر مدعوون لدعم الدولة وتقوية منهجها بتقوية قوى الدولة».
كما عدّ الحكيم أن «تمكين الشباب يعد مفتاحاً لحل المشاكل العراقية، ولا بد من الوثوق بقدرات الشباب، فتمكينهم منهج إسلامي واجتماعي وإنصاف لكل شرائح المجتمع»، مبيناً الحاجة إلى «عقد اجتماعي وسياسي جديد يطور العقد السابق ويأخذ بعين الاعتبار التحديات والمتغيرات وتطلعات الأجيال الجديدة».
بدورها، أكدت «كتلة التغيير» الكردية في البرلمان العراقي أن إجراء الانتخابات المبكرة يحتاج إلى «قانون لحل مجلس النواب يصوت عليه الأعضاء بالأغلبية المطلقة، وبناء عليه؛ يتم الاتفاق على موعد إجراء هذه الانتخابات». وقال النائب يوسف محمد، رئيس الكتلة، في بيان إن «الموعد الذي حدده الكاظمي لإجراء الانتخابات المبكرة في يونيو المقبل غير ملزم للسلطات والمفوضية؛ حيث إن الكاظمي كان قد حدد هذا الموعد كجزء من الالتزام السياسي ببرنامجه الحكومي الذي تعهد فيه بإجراء هذه الانتخابات».
وأوضح أن «الجهات التنفيذية يجب أن تعمل على تحسين نظام العدّ والفرز الإلكتروني سيئ الصيت والذي شابته الكثير من المخالفات في الانتخابات السابقة، وأثار الكثير من اللغط، إلا إنه رغم كل هذه السلبيات اعتمد ضمن قانون الانتخابات».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».