إسرائيل تواجه انتشاراً «مخيفاً» للسلالة البريطانية

رغم تطعيم مليوني مواطن باللقاح

أحد مراكز فحص «كورونا» في القدس أمس (أ.ب)
أحد مراكز فحص «كورونا» في القدس أمس (أ.ب)
TT

إسرائيل تواجه انتشاراً «مخيفاً» للسلالة البريطانية

أحد مراكز فحص «كورونا» في القدس أمس (أ.ب)
أحد مراكز فحص «كورونا» في القدس أمس (أ.ب)

في الوقت الذي سجلت فيه إسرائيل إنجاز عملية تطعيم بلقاح «فايزر» الأميركي، وتحولها إلى ميدان تجارب للقاح، كشف تقرير صادر عن «أمان»، وهي شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، بأن الطفرة الجديدة من فيروس «كورونا» التي انتشرت في بريطانيا، باتت تنتشر في إسرائيل بشكل «مخيف»، وأن اكتشاف إصابات أيضاً بالطفرة الجنوب الأفريقية يزيد الخطر.
وأكد تقرير «أمان»، الذي طُرح، أمس (الأحد)، على طاولة «مركز الأمن القومي الإسرائيلي لمتابعة شؤون (كورونا)»، بأن الطفرة باتت تنتشر بين السكان الإسرائيليين بمعدل مرتفع، وحذر من أن هذه الظاهرة باتت تؤثر بالفعل على مدى انتشار المرض وتخرب على جهود مكافحته. وأثار هذا التقرير قلقاً واسعاً وردود فعل منزعجة في شبكات التواصل الاجتماعي، وخرج نائب وزير الصحة، يوآف كيش، ليهدئ من روع المواطنين، قائلاً إن إسرائيل تعيش منذ بضعة أيام إغلاقاً مشدداً لمدة أسبوعين، وفي الوقت ذاته تواصل أكبر حملة تطعيم في العالم، ومن شأن هذا أن يقلل الأخطار إلى الحد الأدنى.
وكان العلماء في إسرائيل قد دخلوا في نقاشات واسعة حول جدوى التطعيم ضد الفيروس، وأجمع غالبيتهم على أن اللقاح ناجع مع فيروس «كورونا» العادي، وكذلك مع الطفرة البريطانية، وأن هناك فحوصات حثيثة لمعرفة مدى نجاحه في مكافحة الطفرة المقبلة من جنوب أفريقيا. وقال خبير فيروسات في جنوب أفريقيا، البروفسور باري ديفيد شوب، في حديث مع موقع «واي نت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إنه ورغم القلق، ووفقاً للاختبارات التي أجريت حتى الآن، وتعتبر غير كافية، فإن اللقاحات ضد فيروس «كورونا» فعالة أيضاً ضد الطفرات الجديدة في بريطانيا وجنوب أفريقيا.
وأضاف: «لقد تم العثور على المتغير بالتأكيد في جنوب أفريقيا، لكننا لسنا متأكدين من مصدره. وهناك كثير من الطفرات في فيروس (كورونا)، ولكن ما يثير القلق هو عندما تتشكل الطفرات المسؤولة عن اتصال الفيروس بالخلايا البشرية، وفي طفرة، جنوب أفريقيا، تم العثور على ثلاث طفرات جديدة».
وقال البروفسور شوب إنه «كلما ازدادت الطفرات زاد القلق بشأن عدم فعالية اللقاحات ضدها. ومع ذلك، أوضح أنه في هذا الوقت لا يوجد ما يشير إلى أن اللقاح لا يعمل ضد الطفرة. وحتى لو كانت هناك مشكلة في تأثير اللقاح على الطفرة، يمكن تعديل اللقاح وتكييفه».
يُذكر أن إسرائيل بدأت، أمس، في إعطاء الجرعة الثانية من لقاح شركة «فايزر» المضاد لـ«كورونا» إلى المرضى والمسنين، بعد ثلاثة أسابيع من بدء حملتها الوطنية للتطعيم. وأعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أنه اتفق مع شركة «فايزر» على أن تكون إسرائيل حقل تجارب للقاح تُقاس فيه مدى فعاليته وآثاره. وقال إنه بناء على هذا الاتفاق وافقت الشركة على إحداث زيادة كبيرة في أعداد اللقاحات والإسراع في إرسالها إلى تل أبيب. وبموجب هذه الصفقة، من المتوقع وصول 10 ملايين جرعة بحلول شهر مارس (آذار) المقبل. وهذا إضافة إلى كميات من لقاح «موديرنا»، الذي بدأ هو الآخر في الوصول إلى إسرائيل منذ الخميس الماضي، واشتملت الدفعة الأولى منه على 100 ألف جرعة.
وأعطت إسرائيل الجرعات الأولى لنحو 1.9 مليون شخص من أصل 9.29 مليون نسمة، لكن معدل الإصابات اليومي في إسرائيل ما زال عالياً، ويتعدى 5 آلاف. وبحسب وزارة الصحة، فقد أصبح العدد الإجمالي للإصابة المثبتة في إسرائيل منذ بداية الوباء نحو نصف مليون. ووصل عدد الإسرائيليين في المستشفيات في حالة خطيرة بسبب إصابتهم بـ«كوفيد - 19» إلى 975. وهو رقم قياسي جديد منذ بداية الوباء.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.