تحركات المسؤولين الليبيين وسط المواطنين... ظهور نادر على وقع تغيرات سياسية

حفتر زار مقهى في بنغازي... ومعيتيق تجوّل بميدان الشهداء في طرابلس

حفتر داخل مقهى ببنغازي (القيادة العامة للجيش الوطني الليبي)
حفتر داخل مقهى ببنغازي (القيادة العامة للجيش الوطني الليبي)
TT

تحركات المسؤولين الليبيين وسط المواطنين... ظهور نادر على وقع تغيرات سياسية

حفتر داخل مقهى ببنغازي (القيادة العامة للجيش الوطني الليبي)
حفتر داخل مقهى ببنغازي (القيادة العامة للجيش الوطني الليبي)

فاجأ المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» المواطنين بالظهور بينهم في أحد مقاهي مدينة بنغازي (شرق البلاد) مساء أول من أمس؛ في تحرك نادر لم يُعهد كثيراً على المسؤولين الليبيين، نظراً للدواعي الأمنية التي تفرضها الأوضاع في البلاد.
وأرجعت القيادة العامة للقوات المسلحة في بيان لها، هذا الظهور لحفتر على أنه «من باب محبته وقربه للمواطنين واستغلاله لفرص مقابلتهم بشكل مستمر»؛ وفيما أوضحت أن القائد العام زار أحد مقاهي بنغازي القديمة بعد انتهاء زيارته إلى معرض بنغازي للكتاب، نوهت إلى أنه التقى خلال الزيارتين عددا من عامة مواطني المدينة «الذين استقبلوا زيارته بحفاوة».
ويندر في ليبيا تخلي المسؤولين عن الحراسات الخاصة والإجراءات الأمنية المشددة والتحرك وسط المواطنين بأريحية، باستثناءات قليلة للغاية، ودائما تتم وفق خطة مسبقة لتأمين المكان الذي يبغي المسؤول ارتياده، لكن مراقبين يرجعون ذلك إلى «التغيرات السياسية التي تشهدها ليبيا راهناً، وتتواكب مع حسابات اختيارات السلطة التنفيذية الموحدة».
وقبل أن يذهب حفتر لتناول كوب من القهوة، زار معرض بنغازي للكتاب، وتفقد - بحسب بيان مكتب إعلام القيادة العامة - أجنحة دور النشر المختلفة، مؤكداً على أهمية هذه الأنشطة «في تنوير العقول ومحاربة الأفكار الضالة التي تستهدف شباب الوطن وتجرهم إلى مصير مجهول».
ونوهت القيادة العامة إلى أن هذه الزيارة «تأتي دعماً للحركة الثقافية في البلاد، خصوصاً مع مشاركة غالبية دور النشر بنغازي في المعرض الذي ترعاه الهيئة العامة للإعلام والثقافة والمجتمع المدني».
كذلك، تجول نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، في الآونة الأخيرة، في عدد من شوارع مدينة طرابلس للوقوف على الأعمال التي أنجزتها شركة الخدمات العامة للنظافة. ورافق معيتيق في هذه الجولة، بحسب وسائل إعلام محلية، رئيس اللجنة التسييرية للشركة محمد إسماعيل، والتي بدأت سيراً على الأقدام من شارع الوادي مروراً بميداني الشهداء والغزالة وصولا لجزيرة ميناء الشعاب بطريق الشط.
ولا تزال رئيسة البعثة الأممية لدى ليبيا ستيفاني ويليامز تسعى لتحقيق توافق بين أعضاء منتدى الحوار السياسي حول الآليات المقرر اعتمادها لاختيار القيادة السياسية المقبلة التي ستدير المرحلة الانتقالية.
ولعل من أبرز الجولات الميدانية القليلة التي قام بها فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، جاءت عقب توليه منصبه قبل 5 أعوام تقريباً، عندما تجول صباحاً في شوارع طرابلس للمرة الأولى، لإثبات مدى تفاعل المواطنين وتجاوبهم مع «الرئيس الجديد».
وأدى السراج وأعضاء من المجلس الرئاسي حينها صلاة الجمعة في اليوم ذاته في مسجد الناقة بالمدينة القديمة والتقوا بالناس في الميدان الرئيسي قبل العودة إلى القاعدة البحرية التي تخضع لحراسة مشددة والتي يتمركزون بها منذ وصولهم من تونس نهاية عام 2015.
وقال بيان وزعه مكتب السراج في حينه، إنه «وقف على أحوال المواطنين الذين صادفهم في جولته، وتبادل معهم الحديث حول أوضاعهم واحتياجاتهم»، وبعد الصلاة تعالت التكبيرات والأناشيد، مرحبة ببداية عهد جديد وقدوم حكومة «الوفاق»؛ غير أنه منذ ذلك التاريخ لم تكرر هذه الجولات، باستثناء زيارات لتقديم واجب العزاء لبعض سكان طرابلس.
شيء قريب من هذا، فعله رئيس مجلس وزراء الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الله الثني، الذي تجول داخل أروقة معرض بنغازي للكتاب في السادس من الشهر الجاري، والذي شهد إقبالاً كبيراً، وجرت خلاله العديد من الأنشطة بمشاركة العديد من المبدعين والمثقفين والأدباء والكتاب والفنانين والصحافيين والإعلاميين إضافة إلى الأكاديميين والطلاب، ودعا الثني للعمل على انتظام المعرض بشكل سنوي تعزيزاً للثقافة لدى أبناء المجتمع الليبي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.