أنطوني رحايل: هدفي إيصال صورة لبنان الإيجابية إلى العالم

العربي الوحيد الذي حصد جائزة «أفضل بلوغر طعام» لعام 2020

TT

أنطوني رحايل: هدفي إيصال صورة لبنان الإيجابية إلى العالم

لا يتعب المدوّن أنطوني رحايل من التجوال في مناطق لبنانية، وكذلك في عواصم غربية وعربية ملقياً الضوء على إنجازات لبنانيين في عالم الطبخ والحلويات والوجبات السريعة.
إلى جانب إنجازاته في عالم الطبخ، يبدي اهتماماً كبيراً بالبيئة اللبنانية وطبيعتها وأهلها. المساحات الخضراء والأطباق من أكلات تراثية وأخرى تشير إلى المائدة اللبنانية، تلون فيديوهات يصورها وينشرها عبر موقعه الإلكتروني «نو غارليك نو أونيونز». نحو 100 ألف متابع له عبر وسائل التواصل الاجتماعي يغريهم بلقمة من هنا ومنقوشة من هناك وطبخة بيتوتية على الأصول، فينقلها مباشرة في أعماله المصورة. يفتح شهيّتهم بشكل غير مباشر ويبدأون بتداول الأماكن التي يزورها بعد أن يدونوا أسماءها كي تكون وجهتهم السياحية الأولى في بلاد الأرز.
مؤخراً حصد أنطوني رحايل جائزة «أفضل بلوغر طعام» العالمية لعام 2020. هذه الجائزة التي يشرف عليها أعضاء لجنة حكم من أهم وأشهر الطباخين في العالم أمثال نوسريت التركي.
ورحايل، العربي الوحيد الذي يفوز بهذه الجائزة لهذا العام ويعلّق: «الجائزة تعود إلى بلدي لبنان فهو الذي حقق الفوز والانتشار، وهدفي أن أحمل وجهه الإيجابي إلى أقاصي العالم كقضية وطنية لن أنساها». ويتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أفتخر بحصولي عليها. هذا يعني أنّ عيناً خارجية تتابع وتراقب وتقدّر الجهود التي أقوم بها. وكل ما أقدمه من إنجازات يعود تلقائياً إلى لبنان وأبطاله من مواطنين لا يستسلمون. وأنا أنقل الصورة الإيجابية هذه وأشدّد عليها من خلال زياراتي إلى مناطق لبنانية وكذلك إلى عواصم عربية وغربية يوجد فيها اللبناني المبدع».
يرى رحايل الذي توقف عن ممارسة عمله كطبيب أسنان من أجل الالتحاق بهوايته وشغفه بالطعام، أنّ الأكل هو لغة حوار عالمية وأنّه يمارس مهنته مدوّنا، انطلاقاً من هذا المبدأ. ويقول في سياق حديثه: «قضيتي محورها لبنان أولاً، من ثمّ إبراز مكامن وأسرار الطعام اللبناني».
يتذكر رحايل إنجازاته لعام 2020 التي خوّلته أن يحصد هذه الجائزة العالمية. «لقد كان عاماً غنياً بإنجازات كثيرة لم يستطع (كوفيد - 19) أن يمنعني من تحقيقها. فلقد نشرت عبر قناتي على (يوتيوب) 1700 فيديو يتابعني عبرها نحو 120 ألف شخص. وزّعت نحو 850 مليون ليرة مساعدات مادية وغذائية لأهالي قرى لبنانية مختلفة. وحفرت في ذاكرتي محطات معينة كلقائي بفؤاد العبد مؤسس شركة الأغذية (كاليفورنيا غاردن) وفوزي فاخوري أقدم صانع فخّار في بلدة بيت شباب، وبكيت عندما علمت برحيلهما هذه السنة. زرت أستراليا ونشرت 40 فيديو عن إنجازات لأكثر من 130 مطعماً و5 آلاف مبدع لبناني. وفي دبي حققت نجاحاً كبيراً ناقلاً صورة اللبناني الناجح من هناك في 70 شريط فيديو».
وعن أكثر المناطق اللبنانية التي لفتته هذا العام يقول: «منطقة عكار بطبيعتها وأهلها وأطباقها. فهي فريدة من نوعها ومن لا يفكر بزيارتها فهو الخاسر الأكبر (اللي ما شايف عكار ما شاف شي). كذلك لا يمكنني أن أنسى مناطق لبنانية أخرى كالشوف والجنوب والشّمال فجميعها مناطق رائعة نتعلّم ونكتسب الكثير من خبرات أهلها. ونتعرّف فيها إلى أكلات تراثية وشعبية تشكّل أساس المائدة اللبنانية الأصيلة. هذا هو لبنان الذي أحب والذي أرغب دائماً في نشر صورته الحلوة إلى العالم أجمع».
زار رحايل خلال عمله بصفته «بلوغر طعام»، نحو 1500 قرية لبنانية ومئات الأفران وتذوّق وصوّر آلاف الأطباق. «إنّها لحظات رائعة أستعد لها منذ الخامسة صباحاً كي أستطيع الوصول إلى القرى النائية. هذه القرى والأطباق المميزة بطبيعتها من غابات ومعالم وغيرها يتداولها من يتابعونني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويخططون لزيارتها والتعرف إليها عند زيارة لبنان».
يحرص رحايل على إبراز خصائص المائدة اللبنانية من أصغر مكوناتها إلى أكبرها. فيقول: «لقد حاولت هذا العام أن أبرز الفرق بين أنواع الكبة في لبنان الزغرتاوية من الشمال ومن النبطية في الجنوب وكذلك بالنسبة للصفيحة البعلبكية ومنافستها الزحلاوية. فما نتذوقه من أطباق طعام واحدة نكتشف الفرق بينها ونتحسّسه عن قرب بين منطقة وأخرى. فالنكهة والبهارات المستخدمة أو طريقة التحضير وتقديم الطبق تختلف. الأمر نفسه ينطبق على طبق الدجاج بالأرز أو حلو الكنافة بالجبن والخبز والكعك وحتى المنقوشة بالصعتر، أو غيرها من المكونات المشهور بها لبنان».
ومن يتابع أنطوني رحايل عبر برنامجه التلفزيوني «مشوار» على شاشة «إم تي في» يتنقل معه في محطات ومناطق لبنانية يكتشفها بأسلوبه الشيق. ويعلّق: «يشهد هذا البرنامج نسبة مشاهدة عالية. وهو ما دفع بالقيمين على المحطة إلى إعادة عرضه يومياً. وقد صوّرت منه 50 حلقة ولاقت نجاحاً كبيراً».
خلال فترة الحجر شاركته زوجته فيديوهات مصورة ينقلان خلالها عملية إعداد أطباق طعام من مطبخ منزلهما. «كانت تجربة رائعة حفّزتني على تقديم وصفات طعام جديدة أحبها متابعي فكانوا يطالبوني بها يومياً. فالطعام الذي يحضّر في البيت له محبوه، سيما أنّه يتمتع بنكهة خاصة يعكسها من يحضّرها على الطبق. وهو ما نسميه في عالم الطبخ «النَّفَس الطّيب».
جائزة «أفضل بلوغر طعام» لعام 2020 سبقتها جائزة أخرى حصدها أنطوني رحايل في عام 2019. هي «أفضل بلوغر لطعام الشارع». فما هي أحلامه المستقبلية؟ «أحلامي كثيرة. وقريباً جداً سأحققها كأن أصوّر فيلماً في هوليوود، وأطل على محطة (سي إن إن) وأقدم برنامجاً على منصة (نتفليكس الإلكترونية)».


مقالات ذات صلة

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».