تحذيرات من التأخر في توزيع اللقاحات

تحذيرات من التأخر في توزيع اللقاحات
TT

تحذيرات من التأخر في توزيع اللقاحات

تحذيرات من التأخر في توزيع اللقاحات

عندما نشر البنك الدولي توقعاته بشأن النمو الاقتصاد العالمي مطلع الصيف الماضي، كان التساؤل السائد هو حول إمكانية تطوير لقاح في أقل من سنة لمواجهة جائحة «كوفيد – 19»، ووقف انتشارها قبل أن تقضي على إمكانات النهوض والانتعاش في معظم دول العالم.
وبعد ستة أشهر على صدور تلك التوقعات، تحققت المعجزة العلمية ووافقت السلطات الصحية في العديد من الدول على المباشرة بتوزيع عدد من اللقاحات، بينما تتسارع الخطوات للموافقة على المزيد منها ومصانع الأدوية تعمل بوتيرة إنتاجية غير مسبوقة.
وتدور التساؤلات الآن حول وتيرة توزيع اللقاحات على المواطنين والترابط الوثيق بين سرعة هذه الوتيرة وسرعة الانتعاش الاقتصادي ومدى رسوخه، في حين يجمع الخبراء على أن نمو الاقتصاد العالمي هذه السنة بات رهين اللقاحات وفاعليتها وقدرتها على وقف انتشار الوباء والحيلولة دون الاستمرار في تجميد الحركة الاقتصادية.
ويشير التقرير الأخير الذي صدر الثلاثاء الماضي عن البنك الدولي، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، إلى أن معدّل نمو الاقتصاد العالمي هذه السنة سيكون في حدود 4 في المائة، أي ما يعادل تقريباً معدّل التراجع في العام الماضي الذي بلغ 4.3 في المائة، كما يتوقع التقرير أنه في حال نجاح حملات التلقيح والسيطرة على الوباء قبل نهاية العام الحالي، قد ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة تتجاوز 5 في المائة، معوّضاً بذلك خسائر العام الماضي. لكن في حال تعثّر حملات التلقيح، كما هو حاصل في معظم البلدان، واستمرار انتشار الفيروس وارتفاع عدد المصابين، لن يتجاوز النمو الاقتصادي هذا العام 1.6 في المائة، أي ثاني أدنى نسبة منذ ثلاثة عقود بعد التراجع الذي شهده عام 2009 بنسبة 1.7 في المائة نتيجة الأزمة المالية.
وفي حين يلاحظ خبراء البنك الدولي، أن الأولويات السياسية في المدى المنظور تنحصر في السيطرة على الوباء وضمان توزيع اللقاحات بسرعة على نطاق واسع، ينبّه خبراء منظمة الصحة إلى أن خطط التلقيح ما زالت تعترضها عقبتان أساسيتان: الاختناقات اللوجيستية لتوزيع اللقاحات بالسرعة المبرمجة، وعدم تجاوب نسبة عالية من السكان مع دعوات التلقيح ما يزيد من صعوبة الوصول إلى المناعة الجماعية (مناعة القطيع) الكفيلة وحدها بوقف انتشار الوباء. ويرجّح خبراء البنك الدولي، في حال فشل حملات التلقيح لاحتواء الفيروس هذا العام، أن يسجّل الاقتصاد العالمي نمواً سلبياً رغم المساعدات الهائلة التي أقرّتها الدول الغنيّة لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة.
وكان البنك الدولي قد عدّل تقديراته للعام الفائت في ضوء التحسّن الذي طرأ على النمو الاقتصادي في البلدان الغنيّة رغم حدّة الموجة الوبائية الثانية والانتعاش المفاجئ للاقتصاد الصيني من حيث سرعته ومعدّله الذي تجاوز 2 في المائة، والذي من المتوقع أن ينمو بنسبة 7.9 في المائة هذا العام. لكن بالمقابل سيكون التراجع الاقتصادي في البلدان الناشئة أخطر من المتوقع.
ويقول رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في تمهيده للتقرير الأخير «إن الاقتصاد العالمي مدين اليوم للإنجازات الضخمة التي حققتها البحوث العلمية والجهود الجبارة التي بذلتها القطاعات الصحية. ولا شك عندنا في أن مستقبل الانتعاش الاقتصادي خلا الفترة المقبلة يتوقف بنسبة كبيرة على دعم هذه القطاعات ومدّها بالموارد الكافية والاستثمار في البحوث العلمية».
وينبّه البنك الدولي إلى عواقب تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة على ضوء البيانات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية حول حملة التلقيح في الاقتصاد العالمي الأكبر والأكثر تضرراً من الجائحة.
وتفيد منظمة الصحة بأن عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح حتى مطلع هذا الأسبوع في مدينة نيويورك لم يتجاوز 110 آلاف، وأن أكثر من ثلثي الجرعات اللقاحية التي وزّعت على جميع أنحاء الولايات المتحدة لم يصل بعد إلى المواطنين.
وفي حين تواجه حملة التلقيح في نيويورك تعثْراً لوجيستياً كبيراً دفع بصحيفة «نيويورك تايمز» إلى القول إنه إذا استمرّ على حاله ستحتاج المدينة إلى أربع سنوات كي تلقّح جميع سكانها، أمرت سلطات مدينة لوس انجلوس طواقم الإسعاف بعدم نقل المصابين في حالات خطرة إلى المستشفيات لعدم وجود أسرّة كافية ونقص في الطواقم الصحية، بينما يسقط ضحايا الوباء بمعدّل وفاة واحدة كل عشر دقائق.
وكانت وسائل الإعلام قد نشرت في الأيام الأخيرة صوراً لطوابير طويلة من السكان ينتظرون الحصول على اللقاح المجاني أمام العديد من المستشفيات الأميركية الكبرى في نيويورك وكاليفورنيا وكواورادو، في حين تواجه دول أوروبية عدة مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال صعوبات جمّة في تنفيذ خطط التلقيح وفقاً للبرامج والجداول الزمنية التي وضعتها.


مقالات ذات صلة

البنك الدولي يوافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا

الاقتصاد أحد شوارع أبوجا (رويترز)

البنك الدولي يوافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا

أعلن البنك الدولي، يوم الاثنين، أنه وافق على حزمة تمويل بقيمة 1.57 مليار دولار لنيجيريا، في إطار برنامج جديد لدعم القطاعات الصحية والتعليمية.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
الاقتصاد عمال ملابس يخرجون من أحد المصانع خلال استراحة الغداء في دكا (رويترز)

البنك الدولي يلتزم بتقديم أكثر من ملياري دولار لبنغلاديش

قالت بنغلاديش الثلاثاء إن البنك الدولي تعهد بتقديم أكثر من ملياري دولار من التمويل الجديد في هذا العام المالي لدعم جهود الإصلاح المستمرة بالبلاد

«الشرق الأوسط» (دكا)
الاقتصاد جانب من أعمال المؤتمر الدولي الأول لسوق العمل بالرياض (الشرق الأوسط)

برعاية خادم الحرمين... الرياض تستضيف النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل

برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تنظم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

البنك الدولي يرفع توقعات النمو في الهند إلى 7 %

رفع البنك الدولي يوم الثلاثاء توقعاته للنمو الاقتصادي في الهند إلى 7 في المائة للسنة المالية الحالية، من تقدير سابق بلغ 6.6 في المائة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام شاشة تعرض خطاب الموازنة لوزيرة المالية نيرمالا سيتارامان في مومباي (رويترز)

«البنك الدولي»: «فخ الدخل المتوسط» يعوق التقدم في 108 دول

أعلن البنك الدولي أن أكثر من 100 بلد - من بينها الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا - تواجه عقبات خطيرة يمكن أن تعوق جهودها لتصبح من البلدان مرتفعة الدخل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، الثلاثاء، قيادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، لكن التناوب على رأس أكبر حلف عسكري في العالم لا يعني أنه سيكون بالإمكان إحداث تغيير جذري في عمله.

وقال إيان ليسر، من معهد «جيرمان مارشال فاند» للدراسات في بروكسل: «في (حلف الأطلسي) يتقرر كل شيء؛ كل شيء على الإطلاق، من أتفه الأمور إلى أكثرها استراتيجية، بالإجماع... وبالطبع؛ فإن مدى الاحتمالات المتاحة للأمناء العامين لإحداث تغيير في العمق في عمل (حلف الأطلسي)، يبقى محدوداً جداً».

ويعمل الأمين العام «في الكواليس» من أجل بلورة القرارات التي يتعين لاحقاً أن توافق عليها الدول الأعضاء الـ32.

وأوضح جامي شيا، المتحدث السابق باسم «الحلف» والباحث لدى معهد «تشاتام هاوس» البريطاني للدراسات، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الأمين العام «لديه سلطة تحديد الأجندة، وهو الذي يترأس (مجلس شمال الأطلسي)؛ الهيئة السياسية للقرار في (الحلف)». لكنه لا يمسك وحده بقرار الدخول في حرب، وليس بالتأكيد من يضغط على الزر النووي، فهاتان من صلاحيات الدول الأعضاء؛ على رأسها الولايات المتحدة.

وهذا لا يعني أن قائد «الحلف» لا يملك نفوذاً.

وأشار إيان ليسر في هذا الصدد إلى أن الأمين العام الأسبق، جورج روبرتسون، كان له دور مهم في تفعيل «المادة5» بعد اعتداءات «11 سبتمبر (أيلول) 2001» على الولايات المتحدة.

ستولتنبرغ مع روته بالمقر الرئيسي لـ«الناتو» في بروكسل يوم 17 أبريل 2024 (رويترز)

وتنص «المادة5» من ميثاق «الناتو» على أن أي هجوم على دولة عضو «سيعدّ هجوماً على كل الأعضاء»، تحت عنوان: «الدفاع الجماعي». وجرى تفعيلها مرة واحدة في كل تاريخ «الحلف» لمصلحة الولايات المتحدة ولو رمزياً.

كما أن شخصية الأمين العام الجديد سيكون لها دور، وهذا ما يثير ترقباً حيال مارك روته بعد 10 سنوات من قيادة رئيس الوزراء النرويجي السابق ينس ستولتنبرغ.

فهل يعمل على ترك بصماته منذ وصوله، أم ينتظر ولاية ثانية محتملة؟

وقال شيا إن الأمناء العامين «يميلون عند وصولهم إلى أن يكونوا مرشحي الاستمرارية، لكن إذا بقوا بعض الوقت، فهم بالطبع يزدادون ثقة».

قيادة المساعدات

ودفع ستولتنبرغ «الحلف» باتجاه تقديم دعم متصاعد لأوكرانيا، لا سيما بعد غزو روسيا أراضيها في فبراير (شباط) 2022. وطرح تقديم مساعدة سنوية لا تقل عن 40 مليار دولار لأوكرانيا، وحصل على التزام من الدول الحليفة في هذا الصدد. كما حصل على صلاحية أن يتولى «الحلف» القيادة الكاملة لعمليات تسليم المساعدات العسكرية الغربية.

زعماء «الناتو» خلال انعقاد قمتهم في واشنطن يوم 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

يبقى أنه في زمن الحرب، تكون لوحدة الصف والاستمرارية الأفضلية على كل الحسابات الأخرى؛ مما لا يشجع على أي تغيير.

وقال دبلوماسي في «حلف الأطلسي»، طالباً عدم الكشف عن اسمه: «في ظل وضع جيوسياسي بمثل هذه الصعوبة، من المهم للغاية الحفاظ على الاستمرارية وعلى التوجه ذاته في السياسة الخارجية والأمنية».

يبقى أن الجميع في أروقة مقر «الحلف» في بروكسل ينتظرون من روته أسلوباً جديداً في الإدارة يكون «جامعاً أكثر بقليل»، بعد عقد من قيادة «نرويجية» مارسها سلفه «عمودياً»، وفق ما لفت دبلوماسي آخر في «الحلف».

ومارك روته من معتادي أروقة «حلف الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي» بعدما قضى 14 عاماً على رأس الحكومة الهولندية.

وهذا ما يجعل الجميع يراهن عليه بصورة خاصة لتعزيز التنسيق بين «حلف الأطلسي» والتكتل الأوروبي، في وقت يؤدي فيه «الاتحاد» دوراً متصاعداً في المسائل الأمنية.

وهذا الملف معلق بسبب الخلافات بين تركيا؛ العضو في «الحلف» من غير أن تكون عضواً في «الاتحاد الأوروبي»، واليونان حول مسألة قبرص.

وفي حال عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن الدول الحليفة تعول على مهارات روته مفاوضاً من أجل الحفاظ على وحدة «الحلف».

ورفض ستولتنبرغ إسداء أي نصيحة إلى روته في العلن، مكتفياً بالقول إنه سيكون «ممتازاً». لكنه لخص بجملة ما يتوقعه الجميع من الأمين العام لـ«الحلف» بالقول: «ستكون مهمته الكبرى بالطبع إبقاء جميع الحلفاء الـ32 معاً».