بعد وقوعها تحت سطوة «داعش».. مدن الأنبار بعضها يبكي على بعض

شهادات من عراقيين عانوا من حصار الإرهابيين وإهمال المسؤولين

عراقيون من أهالي الفلوجة نازحين في قضاء شقلاوة التابعة لأربيل في إقليم كردستان أول من أمس (أ.ف.ب)
عراقيون من أهالي الفلوجة نازحين في قضاء شقلاوة التابعة لأربيل في إقليم كردستان أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد وقوعها تحت سطوة «داعش».. مدن الأنبار بعضها يبكي على بعض

عراقيون من أهالي الفلوجة نازحين في قضاء شقلاوة التابعة لأربيل في إقليم كردستان أول من أمس (أ.ف.ب)
عراقيون من أهالي الفلوجة نازحين في قضاء شقلاوة التابعة لأربيل في إقليم كردستان أول من أمس (أ.ف.ب)

أكثر من مليون مواطن من سكان محافظة الأنبار نزح منها إلى مناطق متفرقة من العراق بسبب الإرهاب والعمليات القتالية بين القوات العراقية ومقاتلي تنظيم داعش، حتى باتت بعض المدن والأحياء السكنية خالية تماما من السكان. «الشرق الأوسط» تجولت في مناطق متعددة من مدن هذه المحافظة التي تعاني من احتلال تنظيم داعش لمعظم مناطقها ونقلت معاناة من تبقى من أهلها المحاصرين لهنا وهناك.
يقول الحاج عبد الله (70 عاما) متقاعد وأحد سكان منطقة حي القادسية في مدينة الرمادي: «تركنا منطقتنا بعد أن دخلها مسلحو تنظيم داعش، خصوصا بعد ما سمعناه عنهم وشاهدناه من قتل وإجرام بحق المدنيين وتشويه لصورة الدين الإسلامي الحنيف عبر أفعالهم التي طالت حتى رجال الدين.. تركنا منازلنا لأننا لا نريد العيش تحت سطوتهم.. واليوم نحن نتخذ من هذا المكان.. ويقصد الحاج عبد الله حديقة الألعاب وسط الرمادي.. مئات العوائل تسكن هنا وتعاني قسوة العيش في ظروف صعبة ببرد الشتاء وشحة الغذاء والدواء ولم أتسلم راتبي منذ شهور.. أنا في نهاية عمري وأعاني من أمراض كثيرة وعائلتي كبيرة أولادي وأحفادي معي كنا نعيش بسلام وأمان في بيتنا إلى أن أصبحنا تحت قسوة أيام سوداء مظلمة فقدنا فيها الدار والجار والأمن والأمان».
ومن مدينة هيت 60 كلم غرب الرمادي مركز محافظة الأنبار والواقعة منذ 6 أشهر تحت سطوة مسلحي تنظيم داعش تقول السيدة أم سرمد (50 عاما): «اقتاد المسلحون ابني قبل 3 أشهر بحجة انتمائه سابقا للشرطة العراقية ولم أسمع عنه شيء لحد الآن غادر بقية أبنائي المدينة باتجاه شمال العراق، حيث مخيمات النازحين وبقيت أنا هنا بعد أن رفضت مغادرة المكان إلا بعد أن أعرف مصير ابني.. وفي كل يوم أطرق الأبواب بحثا عن ولدي.. وأنتهي مع دموعي.. وهذا الحال نفسه يتكرر مع الكثير من النساء اللاتي فقدن أبناءهن بعد دخول مسلحي تنظيم داعش مدننا».
وفي قرية جبيل 20 كلم شمال مدينة هيت غرب الأنبار والقريبة من منطقة أزوية التي شهدت مجزرة داعش بحق أبناء عشيرة البو نمر يقول نامس (27 عاما): «هناك جريمة كبرى اقترفها مسلحو تنظيم داعش بحق أهلنا، حيث نادوا عبر مكبرات الصوت على كل من ينوي الرحيل من المنطقة أن يسلك الطريق صوب الرمادي ويغادر المدينة.. وفعلا غادر معظم الشباب المنتسبين إلى الأجهزة الأمنية مع عوائلهم وفي الطريق نصب مسلحو (داعش) حواجز وقاموا باحتجاز الشباب بعد أن تم إنزالهم من السيارات واقتادوهم بعد تقيدهم إلى حيث تمت تصفيتهم بإعدامات جماعية».
وبالعودة إلى مدينة الرمادي، وتحديدا في منطقة الشقق السكنية قرب ناظم الورار وسط المدينة تروي أم حاتم (49 عاما) قصتها المؤلمة، حيث تقول: «بعد الأحداث الطائفية المؤلمة التي عصفت بالعراق في سنة 2006 قررت الرحيل بعائلتي من بغداد صوب مدينة الرمادي بعد أن قتلت الميليشيات زوجي أبو حاتم وفعلا بعت بيتي وسكنت هنا في الرمادي بعد أن اشتريت شقة سكنية في المجمع السكني». وأضافت أن «ابني حاتم (24 عاما)، هو الولد الوحيد لي مع 7 بنات، تطوع للقتال في صفوف مقاتلي العشائر ضد تنظيم داعش.. وفي أحد الأيام طرق أصدقاء حاتم الباب وقالوا له منطقة السجارية تتعرض لهجوم من قبل مسلحي (داعش) فذهب حاتم للقتال وعاد به أصدقاؤه شهيدا.. فقدت ابني الوحيد.. ومن يومها لم يطرق بابي مسؤول ولا أحد يسأل عن حالنا خسرت ولدي وأقول خسرته لأنه كان معيلنا الوحيد خسرته كما خسرت زوجي من قبل ولا أعرف ماذا ينتظرنا بعد هذا». تصمت قليلا لتقول: «ها أنا الآن أعيش مع الخوف مع بناتي بينما يتصارع بعض المسؤولين مع شديد الأسف على المكاسب والمناصب بعد أن هربوا مع عوائلهم، حيث المدن الآمنة تاركين البسطاء من الناس يواجهون مصيرهم المحتوم».
الشيخ مال الله بارزان العبيدي رئيس المجلس البلدي لناحية البغدادي 90 كلم غرب الرمادي قال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ ما يقارب الـ8 أشهر ومدينتنا تقبع تحت حصار مؤلم من قبل مسلحي (داعش) وبين فترة وأخرى يحاول المسلحون السيطرة على مدينتنا التي تقاوم ببسالة وتفشل في كل مرة هجمات المسلحين.. ورغم تصدينا البطولي رغم أن المسلحين سيطروا على كل المناطق في الأنبار ما زلنا نحن وأبناء عشائرنا صامدين.. والغريب في الأمر أننا لم نتلق الدعم الكافي من قبل الحكومة وكأننا لسنا أبناء هذا البلد نداءات كثيرة وجهناها للحكومة من أجل دعمنا وإغاثتنا، ولكن بلا جدوى.. وضع الأهالي صعب للغاية، بل كارثي نعاني من نقص في المواد الغذائية والطبية وانعدام تام للخدمات والوقود.. وإن لم تستجب الحكومة لمطالبنا فستشهد ناحية البغدادي - لا سمح الله - مجزرة كالتي حصلت مع عشيرة البو نمر.. وعندها ستكون الحكومة هي المسبب في هذه الكارثة بعدم استجابتها لنداءاتنا المستمرة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.