منحت «قمة العلا» أبعاداً اجتماعية مختلفة نظرت بها لعمق الروابط بين دول مجلس التعاون الخليجي، منها الدينية واللغوية والثقافية والتمازج الأسري بين شعوبها، لتخلق لحظات استبشار بعد توقيع اتفاق العلا على طاولة القمة التي وضعت نهجاً جديداً لأسلوب المجلس، وسط حضور كبير يعبر عن أهميتها.
وعلى مدار الأيام الماضية ارتفعت أصوات الشعوب الخليجية إثر «طي الخلاف» وعودة العلاقات بين دول أعضاء مجلس التعاون ولاقت كثيرا من التعليقات الإيجابية نتيجة توحيد الصف الخليجي ولم شمل العديد من الأسر التي لاقت صعوبة الاجتماع نتيجة المقاطعة.
وجاء هذا بعد قرار فتح الحدود بين السعودية وقطر، واستقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأمير قطر تميم بن حمد بعناق وصفه رواد التواصل الاجتماعي بأنه «يغني عما مضى من عناقات مؤجلة»، مع تأكيد بيان العلا الخليجي الذي وقعه القادة، بأنه «يؤكد على أهمية الوحدة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ويهدف إلى تعزيز الأمن والسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة».
وتلقب المنطقة الخليجية في العديد من وسائل الإعلام بـ«البيت الخليجي» وهو اللقب الذي يعبر عن بُعد تاريخي واجتماعي مستنبط من عادات وتقاليد المنطقة، وأهمية الروابط المشتركة بين شعوبها ولأن المكون القبلي والاجتماعي مهم في تكوين المجتمعات الخليجية سمحت أطراف الأزمة آنذاك بالزيارات العائلية من الدرجة الأولى وفق نظام معين يستوجب إصدار تأشيرات من الجهات المعنية وأيضا الدخول للدواعي الدينية من أداء الحج والعمرة.
وتشكل الشعوب الخليجية عنصر الأساس في تكوين وتقوية الكيان السياسي، حيث تتشابه معظمها في السمات والخصال وتتوزع من قبائل متصلة في عموم الدول الست، وهي كذلك كانت عماد استقرار وترابط العقد الاجتماعي وحجر الأساس في المعادلة الخليجية، وقوة الترابط مع السلطات السياسية.
وأكدت سمية الصافي، أستاذة علم الاجتماع، أن تأثير الخلافات السياسية على الروابط الاجتماعية للأسر الممتدة عادة ما يكون ضئيلا، ولا تتضرر به في الغالب، وأن الأبحاث والدراسات العالمية تتجه لذلك كحقائق.
وأشارت الصافي في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن التأثير الجديد الذي من الممكن أن يكون له رصيد سلبي وانعكاس على حياة الفرد هو من شقين، في ضوء الخلافات السياسية، حيث إن غياب أحد أفراد الأسرة في كيان دولة أخرى سيكوّن ردة فعل سلبية ويخلق حالة اكتئاب نتيجة البعد، إضافة إلى أن التأثير الإعلامي الموجه سيعطي بعدا في توسيع دائرة الحنق والانغماس في الخلاف.
وتضيف أن ما يميز الأسر الخليجية، هو اعتيادهم على التواصل ومحدودية الخلافات السياسية التي يحسب للسياسيين فيها إبعاد الشعوب عن الخوض في المعتركات التي هي متغيرة، بينما العلاقات الأكبر هي الاجتماعية.
ورغم الأزمة الماضية، كانت الشعوب تحرص على البعد عن التراشق الإعلامي الذي كان أبرز منتجات الأزمة، ولم يكن أمام الخليجيين شعبيا إلا الاستبشار مع عودة فرحة التواصل التي فقدت خلال 3 أعوام، حتى أصبح أبرز مكاسب العودة هي عودة الترابط الاجتماعي كأسرة واحدة.
وعلى الرغم من أن المنطق الذي تديره الأزمة سياسي في وقتها، فإن المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية كانت حاضرة وهذا ما يبرر ردات الفعل المشتركة بين الشعوب الخليجية والتي تؤكد بدورها على تعزيز العمل المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي.
قمة «العلا» تعزز «العقد الاجتماعي» بين الخليجيين
قمة «العلا» تعزز «العقد الاجتماعي» بين الخليجيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة