ماجي جبران: الأطفال الفقراء أعطوني أكثر مما قدمت لهم

اختارتها «بي بي سي» من بين 100 سيدة ملهمة في العالم

مسيرة جبران في العمل الخيري تزيد على 30 عاماً
مسيرة جبران في العمل الخيري تزيد على 30 عاماً
TT

ماجي جبران: الأطفال الفقراء أعطوني أكثر مما قدمت لهم

مسيرة جبران في العمل الخيري تزيد على 30 عاماً
مسيرة جبران في العمل الخيري تزيد على 30 عاماً

تتعدد الألقاب التي يسعى بها محبو السيدة المصرية ماجي جبران، لتتويج حالة المحبة التي ترتبط بسيرة تلك السيدة المصرية وعملها وسط الفقراء منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، فيُطلقون عليها «الأم تريزا المصرية»، «القديسة ماجي» و«أم الفقراء»، فيما تعتبر هي أن لقب «ماما ماجي» هو الأقرب لقلبها، وأكثرهم صلة بمعان الإنسانية والكرامة.
إلى جانب ترشيح الأم ماجي أكثر من مرة لنيل جائزة نوبل للسلام، وكذلك حصولها على العديد من التكريمات منها جائزة «صناع الأمل» في دبي عام 2017. قامت هيئة الإذاعة البريطانية أخيراً بتسميتها كواحدة من بين 100 سيدة مُلهمة على مستوى العالم، وجاء في حيثيات اختيارها أنها «كرست حياتها لتغيير حياة الأطفال المهمشين في مصر، فتركت حياة الترف ومهنة أكاديمية مميزة لكي تكرس كل طاقاتها لتراقب الأولاد وتغسل أقدامهم ولتقول لهم وهي تنظر في عيونهم إن حياتهم مهمة».
في حوارها مع «الشرق الأوسط» تتحدث «ماما ماجي» بشأن ما يعنيه لها معنى الإلهام الذي ترى أنه بالنسبة لها «قوة قادرة على تشجيع الناس على إنجاز عمل جيد»، وتضيف تعليقاً على اختيارها ضمن 100 سيدة ملهمة في العالم «أشكرهم على أنهم رأوا أنني نموذج للإلهام، وأرى أن كل إنسان في العالم لديه جانب مُلهم، يُلقي الله بالحماس في قلوبهم لفعل أشياء صالحة وسامية، وأي تكريم لا يكون لفرد فقط، يكون للفكر والجهد وللروح التي انطبعت على فريق العمل، وهو انتصار لقيم الخير والجمال والإنسانية، فطريق النجاح جميل حتى بصعوباته».
طفولة
بدأت محطات عمل «ماما ماجي» مع الفقراء بداية من جمعية «ستيفنز شيلدرن» الخيرية التي أسستها عام 1985. وهو قرار غيّر شكل حياتها بالكامل تقول: «منذ طفولتي وقد تأثرت بوالدين طيبين، والدي كان يُعالج المحتاجين بالمجان، وكانت أخته تُطعمهم بالمجان أيضاً، وهذه بالنسبة لي ذكريات مُلهمة تركت آثارها داخلي، فنشأت على أن الإنسان يجب أن يكون له دور في الحياة يُفيد به أكبر عدد من الناس، وشعرت أيضاً أنني كما عايشت ولمست الحنان والعطف ممن حولي في طفولتي كنت أريد أن أقدم مثلهم للآخرين، وكلما تقدمت في العمر عرفت أن السعادة الحقيقية في أن أُسعد الآخرين، فالحياة فن، لا يكتمل الاستمتاع بها سوى بالعطاء، لذلك فلا زلت أتذكر إلى اليوم موقفاً حدث قبل تفرغي للخدمة، عندما كنت في زيارة لمنطقة بها محتاجون، فتشبث يومها بي طفل بيده ودموعه تملأ وجهه طالباً مني ألا أغادر، لازلت أتذكر كلمته لي «ما تمشيش»، هنا اختلفت حياتي تماماً، وشعرت بأن لي دوراً أمنحه لمثل هذا الطفل، وما فعلته مثال موجود في كل مكان وكل تاريخ.
لعل هذا العطاء الذي ارتبط بمسيرة السيدة ماجي جبران في العمل الخيري التي تزيد عن ثلاثين عاماً جعل الألقاب تتوالى عليها، فيما تتوقف هي دائماً عند لقب «ماما ماجي»، تقول: «لقب ماما وسام كبير بشكل لا يمكن وصفه، أحب أن يقول لي كل إنسان (ماما)، أشعر وأنا أسمع تلك الكلمة أن قلبي يقفز من السعادة، فتلك الكلمة تعكس معاني المجد والكرامة والجمال، نعمة أكبر من كل نعم الحياة، فكل إنسان وكل مخلوق في الحياة له أم، فتلك الكلمة تجسيد للإنسانية كلها، هي أصل كل الأشياء».
الفقير غني بحبه
تتأمل «ماما ماجي» حياتها مع الأطفال، هذه المحبة المتبادلة وكذلك الدروس اللانهائية التي يمكن التوقف عندها بكثير من التقدير، تقول: «الأطفال كنوز متحركة، لم أفكر عندما بدأت العمل معهم قبل نحو 32 عاماً ما الذي يمكنهم أن يعلموني إياه، أو يقدموه لي، ولكنني اليوم أستطيع أن أقول إنني أخذت أكثر مما قدمته بكثير، فالطفل يعطي أمه سعادة وفرحاً، تعلمت أن الفقير غني بحبه، لقد رأيت عجائب من هؤلاء الأطفال، فمثلاً قبل أيام كنا ننظم مسابقة للجري بين الأطفال، وبينما الجميع ينافس للوصول والفوز، تعثر أحد الأطفال في منتصف الطريق، وسقط أرضاً، فإذا باثنين من زملائه يقررون التوقف عن المنافسة والرجوع للخلف وإصرارهم على أن يساعدوا زميلهم بالاتكاء عليهم والسير معاً، فما إن رأى باقي المتسابقين هذا المشهد حتى قاموا بالمثل وساروا معاً، وأعلوا دون قصد منهم قيمة المساندة والإخاء، فمنحتهم لجنة التحكيم جميعاً جوائز، فالألم الذي شعر به زميلهم علمهم جميعاً، فالألم هو أكبر مدرسة في الحياة».
مفتاح التعليم
تولي رابطة الجمعيات الخيرية التي تشرف عليها الأم ماجي جبران اهتماماً خاصاً بالتعليم، تقول عنه: «نُقدر كل وسيلة تعليمية تسعى لكسر الحلقة المفزعة للجهل والفقر والمرض، فالتعليم يجب أن يكون مفتاحاً سليماً يفتح الأبواب، ونحن نسعى إلى جانب تشجيع الأطفال على الذهاب لمدارسهم، أن نقدم برامج تعليمية تسعى لأن يتعرف الطفل على قيمة نفسه، فالإنسان إذا عرف قيمته تصالح مع نفسه، وإذا تصالح مع نفسه يتصالح مع السماء والأرض، فنحن إلى جانب اهتمامنا بالنشاط الرياضي، نهتم بالنشاط العقلي الذي هو مركز توجيه الإنسان وكنزه، نعلمهم الابتكار، فقد خرج من عندنا اليوم من أصبحوا فنانين وشعراء ومُلهمين، وكم يسعدني عندما أسافر لكثير من دول العالم أن أجد شباباً يسلمون علي ويقولوا لي إنهم كانوا معنا في الجمعية، وكثير منهم يسعى للتطوع معنا لمواصلة حلقة العطاء التي شعروا بها وهم صغار».
جوهر الحب الحقيقي
ترفض «ماما ماجي» أي ادعاء بأن أنشطتها وخدمات جمعياتها تُمنح على أساس ديني: «أنا لست الرب كي أحكم على أحد، كلما ابتعدنا عن الأحكام والإدانة اقتربنا من جوهر الحب الحقيقي ومن الله، فأنا أقدم المساعدة للجميع دون سؤال عن دينه أو معتقده، أتذكر الآن يوماً كنت أسير فيه في إحدى المناطق المحتاجة فوجدت طفلاً يمسك بقطعة زجاج كادت تقطع يده، أنقذناه فوراً، هل يُعقل أن نفكر للحظة في دينه قبل إنقاذه، أتمنى أن ينتشر هذا الفكر في كل العالم، ألا نرفض أحداً أو نفكر في إنقاذ محتاج لمجرد اختلافه عنا، فلدينا في فريق العمل أطباء متطوعون مسيحيون ومسلمون على السواء، فأنا أؤمن أن ما يزرعه الإنسان يحصده».
وتتابع في السياق ذاته: «التعصب شيء مؤذي وهدام، وهو حجب لرؤية الحق، والعاقل في كل مكان لا يمكن أن يسمح بالتعصب مهما كانت دوافعه، والتسامح يبدأ بتسامح الإنسان مع نفسه، فمن يعيش دون تسامح يعيش في ألم فظيع، ولنتعلم من رب الناس كيف أنه يُشرق شمسه كل صباح على الأشرار والصالحين على السواء، وكأنه يمنح الخير للجميع، كلنا واحد نولد من أم، نعيش فترة ونرحل، التسامح يبدأ بفكرة أن وجود أي شخص مرتبط بوجود الجميع، حتى لو اختلفوا عنه في الرأي».
أبكي الحرمان
تتأمل الأم ماجي تاريخها الطويل مع قصص الفقر والمحتاجين بفيض من التأثر «منذ بدأت العمل لمساعدة المحتاجين وأنا أبكي كل يوم، أبكي بسبب ما أراه من الأطفال، أبكي الحرمان والمجروحين، والمغلوبين على أمرهم، لم أكن أتخيل قبل عملي معهم أن الحياة بها أمور بتلك الصعوبة، ومع ذلك أرى من الأطفال غاية الحماس والنقاء والرغبة في العطاء، أحياناً أعطي لطفل طعاماً فألاحظ أنه لا يأكله، أسأله إذا كان لا يعجبه، وأفاجأ أنه يحتفظ بالطعام كي يعطيه لشقيقه الجائع عندما يعود للبيت، هذا العطاء يعطيه الفقير بلا حدود.

هناك أمثلة لا حصر لها فأنا أعمل كل يوم ليل نهار وسط الأطفال ومع فريق عمل رابطة الجمعيات، ولا يخلو يوم أبداً من عبر ودروس مُبكية».
لعل هذا الزخم الذي يميز تجربتها يدفعنا لسؤالها عما إذا كانت تنتوي جمع سيرتها الذاتية في كتاب قائلة «يشجعني كل من حولي على ذلك، فلدينا منجم من الحكايات الملهمة للإنسانية».
وسط هذا الزخم من الإنجاز الخيري، هل تتصور ماما ماجي حياتها ولو للحظات لو كانت قد استمرت في العمل كأستاذة في الجامعة الأميركية؟ تجيب قائلة: «لم أفكر في هذا أبداً، وممنونة لكل من عرفت من ناس، بداية من آبائي وأجدادي مروراً بأبنائي الأطفال وأحفادي والعاملين معي وزملائي في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فأنا أؤمن أن لكل شيء تحت السماء وقتاً، كنت أُعلم في الجامعة والآن أنا في فترة تعلم، أتعلم من الأطفال وغيرهم، فالحياة ثرية جداً، كالزهور والموسيقى، أرجو من كل إنسان ألا تنتهي حياته قبل أن يُشارك النغمة الجميلة داخله مع الوجود.
وفي نهاية عام صعب مرّ على العالم، تتأمل الأم ماجي جبران، الحياة بعد «كورونا» بمشاعر لا تخلو من تأمل وبصيرة: «كورونا رسالة للعالم من الرب، رسالة تقول لكل شخص أن ينتبه ويتأنى، فلو أننا نسير بسرعة في الطريق لما انتبهنا لوجود إشارات مرور، هكذا الحياة تأخذنا بإيقاعها السريع دون منحنا لحظات للتأمل، فالعالم يقضي ساعات طويلة من عمره في معمله للتوصل لتركيبة دواء، لذا فيمكننا النظر لهذه الفترة بأنها فترة أكثر هدوء لإعادة تأمل حياتنا من جديد».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».