تفاصيل احتجاز الناقلة الكورية... «الحرس» الإيراني اقتحمها وأجبرها على تغيير مسارها

ناقلة النفط الكورية الجنوبية هانكوك كيمي (رويترز)
ناقلة النفط الكورية الجنوبية هانكوك كيمي (رويترز)
TT

تفاصيل احتجاز الناقلة الكورية... «الحرس» الإيراني اقتحمها وأجبرها على تغيير مسارها

ناقلة النفط الكورية الجنوبية هانكوك كيمي (رويترز)
ناقلة النفط الكورية الجنوبية هانكوك كيمي (رويترز)

أكدت الجهة المالكة لناقلة النفط الكورية الجنوبية اليوم (الثلاثاء)، أن قوات «الحرس الثوري» الإيراني اقتحمت السفينة وأجبرتها على تغيير مسارها والسفر إلى إيران، في أحدث استيلاء بحري لطهران وسط تصاعد التوترات مع الغرب بشأن برنامجها النووي، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».
وأتت هذه التفسيرات للحادثة العسكرية التي حصلت أمس (الاثنين) على متن سفينة «إم تي هانكوك كيمي» لتناقض التفسيرات الإيرانية التي قالت إن القوات أوقفت ناقلة النفط لتلويثها مياه الخليج ومضيق هرمز. وبدلاً من ذلك، بدا أن إيران سعت إلى تصعيد الضغط على سيول قبل مفاوضات بشأن مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية المجمدة في بنوك كوريا الجنوبية وسط حملة ضغط أميركية تستهدف إيران.
وبدأت إيران أمس تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20 في المائة، وهي خطوة فنية صغيرة تبتعد عن مستويات تصنيع الأسلحة التي تبلغ بنسبة 90 في المائة، في منشأة فوردو تحت الأرض. يبدو أن هذه الخطوة تهدف إلى الضغط على الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي انسحبت من جانب واحد من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية، وقبل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، الذي قال إنه مستعد لإعادة الدخول في الاتفاق.
وقدم مسؤول في شركة «دي إم شيبينغ» في بوسان، بكوريا الجنوبية، الذي تحدث إلى وكالة «أسوشييتد برس» بشرط عدم الكشف عن هويته، تفاصيل عن احتجاز الناقلة «هانكوك كيمي». وكانت السفينة مسافرة من ميناء الجبيل السعودي إلى الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة عندما وصلت القوات الإيرانية إلى السفينة وقالت إنها ستستقلها.
وقال المسؤول إن القوات الإيرانية أوضحت في البداية أنها تريد إجراء فحص غير محدد على السفينة.
وأشار المسؤول إلى إنه عندما تحدث قبطان السفينة إلى مسؤولي أمن الشركة في كوريا الجنوبية، اقتحمت القوات الإيرانية المسلحة الناقلة بينما حلقت مروحية إيرانية في سماء المنطقة. وأضاف المسؤول أن القوات طلبت من القبطان إبحار الناقلة إلى المياه الإيرانية ضمن تحقيق غير محدد ورفضت توضيح موقفها.
وقال المسؤول إن الشركة لم تتمكن منذ ذلك الحين من الوصول إلى القبطان، كما أن الكاميرات الأمنية المثبتة على السفينة التي نقلت في البداية لقطات من مكان الحادث إلى الشركة مغلقة الآن.
وبعد أن فقدت الشركة الاتصال بالقبطان، تلقت إشعار تنبيه أمني لمكافحة القرصنة، يقترح أن القبطان قام بتنشيط نظام تحذير على متن الطائرة. لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت السفينة حاولت طلب مساعدة خارجية، بحسب التقرير.
ويقوم الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية في الشرق الأوسط بدوريات روتينية في المنطقة جنبًا إلى جنب مع تحالف تقوده الولايات المتحدة يراقب مضيق هرمز الذي يمر عبره 20 في المائة من نفط العالم. هناك أيضًا جهد منفصل بقيادة أوروبية تعمل هناك.
ونفى المسؤول أن السفينة كانت تلوث المياه.
في الأشهر الماضية، سعت إيران إلى تصعيد الضغط على كوريا الجنوبية لفتح نحو 7 مليارات دولار من الأصول المجمدة من مبيعات النفط المكتسبة قبل أن تشدد إدارة ترمب العقوبات على صادرات النفط في البلاد.
وأعلن رئيس البنك المركزي الإيراني مؤخرًا أن البلاد تسعى لاستخدام الأموال المقيدة في بنك كوري جنوبي لشراء لقاحات فيروس كورونا من خلال «كوفاكس»، وهو برنامج دولي مصمم لتوزيع لقاحات «كورونا» على الدول المشاركة.
وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية اليوم (الثلاثاء) إنها تخطط لإرسال وفد من المسؤولين إلى إيران لإجراء محادثات بشأن تأمين الإفراج المبكر عن السفينة وأفراد طاقمها. وبحسب «الحرس الثوري الإيراني»، فإن الطاقم ضم بحارة من إندونيسيا وميانمار وكوريا الجنوبية وفيتنام. وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إنها سترسل وحدتها لمكافحة القرصنة بالقرب من مضيق هرمز - مدمرة من فئة 4400 طن وقوامها حوالي 300 جندي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، تشوي يونغ سام، إن المسؤولين الإيرانيين أكدوا أن طاقم السفينة بخير. وقال إنه تم إرسال دبلوماسي كوري جنوبي يتخذ من إيران مقراً له إلى موقع السفينة المحتجزة.



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.