رؤية اللون... مسألة تتعلق بالطبيعة أم بالثقافة؟

يوجز معرض داخل متحف التاريخ الطبيعي جميع الدروس المتعلقة بمسألة الفوارق بين الألوان

أطفال يتراقصون أمام أشعة من الضوء الملونة لاستكشاف أسرار مزج ألوان إضافية (نيويورك تايمز)
أطفال يتراقصون أمام أشعة من الضوء الملونة لاستكشاف أسرار مزج ألوان إضافية (نيويورك تايمز)
TT

رؤية اللون... مسألة تتعلق بالطبيعة أم بالثقافة؟

أطفال يتراقصون أمام أشعة من الضوء الملونة لاستكشاف أسرار مزج ألوان إضافية (نيويورك تايمز)
أطفال يتراقصون أمام أشعة من الضوء الملونة لاستكشاف أسرار مزج ألوان إضافية (نيويورك تايمز)

تحولت الأيام إلى اللون الرمادي، بينما يبدو المستقبل متشحاً بالسواد، وجميعنا نرى ما حولنا مغطى باللون الأحمر في الوقت الذي تجثم على نفوسنا مشاعر الكآبة. من يدري، ربما كانت الألوان الفردية هي ما يصيبنا بالإحباط، وكل ما علينا فعله لتجاوز ذلك النظر إلى طيف الألوان بأكمله.
وتحت عنوان «طبيعة اللون»، جرى طرح جميع أطياف الألوان الموجودة على كوكب الأرض في معرض متعدد الألوان داخل المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي بنيويورك ناول قضايا تتعلق بكيمياء وفيزياء وثقافة الأطياف الواضحة للألوان. كان هذا المعرض قد افتتح أبوابه في مارس (آذار)، لكن سرعان ما أغلق من جديد، بجانب جميع المعارض الأخرى المرتبطة بالمتاحف على مستوى المدينة. وكان من شأن القيود الصحية التي كانت ضرورية لإعادة فتح المعارض، إزالة العديد من المعروضات التفاعلية والتخلص من الشاشات التي تعمل باللمس، وكذلك الألعاب والأحاجي.
ويوفر المعرض للزائرين، من كبار وصغار، لكنه يستهدف الصغار على وجه الخصوص، رؤية واسعة النطاق للون باعتباره ظاهرة علمية وثقافية.
تبدأ الدروس النيوتونية الموجهة إلى الأطفال في معرض يحمل اسم «طبيعة اللون»، وهو مجهز بمجموعتين من المصابيح المتذبذبة، تتميز واحدة باللون الأبيض والأخرى باللون الأصفر. وعندما تضيء المجموعة الصفراء، فإنها تجعل كل شيء في الغرفة يبدو رمادياً، إلا إذا كنت ترتدي معطف مطر أصفر اللون. أما عندما يجري تشغيل مجموعة المصابيح البيضاء، فإن كل شيء من حولها يبدو طبيعياً، مما يعتبر دليلاً على أن اللون الأبيض يمثل مجموع جميع الألوان. وفي وقت لاحق من العرض، يمكن للأطفال التراقص أمام أشعة من الضوء الملون، ويمكنهم كذلك استكشاف أسرار مزج ألوان إضافية، بجانب أنهم لا بد أن يقعوا في غرام ظلالهم متعددة الألوان.
جدير بالذكر في هذا الصدد أننا نحن البشر لدينا رؤية ثلاثية الألوان للعالم، مع تقسيم الألوان بوجه عام ما بين الأحمر والأخضر والأزرق. أما الكائنات الأخرى فلديها منظورات أخرى تجاه اللون، فعلى سبيل المثال بمقدور النحل وحيوان الرنة رؤية الأطوال الموجية فوق البنفسجية. ومن منظور التطور، يمكن القول إن الألوان مكنتنا من إيجاد الحب والعثور على الطعام، وكذلك ساعدتنا على تجنب أن نتحول إلى وجبة غذاء لكائن آخر. تجدر الإشارة إلى أن طائر لوركيت قوس قزح، الذي يعيش في الفلبين وغينيا الجديدة، يتميز بريش ملون جزئياً على صدره (يستخدمه في اجتذاب رفيقة له)، بينما يحمل ريش الذيل اللون الأخضر الداكن (ما يساعده على الامتزاج مع الأشجار).
ومن بين الكائنات الأخرى التي تستخدم اللون في اجتذاب الجنس الآخر، السحلية ذات الحلق المروحي والذي يمتزج فيه اللونان الأزرق والبرتقالي، وسمك سيامي الشرس، الذي يتلألأ بلون برتقالي قوي. أما فيما يخص أطياف لون بشرة بني جنسنا، فإنها تظهر بجلاء في صورة للمصورة البرازيلية أنجليكا داس، وتضم بشراً من جميع «الأعراق»، مصنفين تبعاً للغة لونية كونية واحدة: لوحة ألوان «بانتون».
في الواقع، التقطت صورة «سيلفي» لنفسي ووضعتها على برنامج «فوتوشوب» لقياس درجة لون جلدي بالبكسل. وحتى تحت الإضاءة، بدت بشرتي «البيضاء» بدرجة 481 بانتون.
من ناحية أخرى، تكشف استطلاعات الرأي مرة بعد أخرى أن الأزرق اللون المفضل لدى البشر. الملاحظ كذلك أنه على مدار قرون من تاريخ الفن الغربي، كان الأزرق اللون الأكثر ارتفاعاً في تكلفته، خاصة أنه كان يجري إنتاجه من نوع نادر من اللازورد.
فيما مضى، كان يمكنك رسم صورة السيدة مريم العذراء وهي ترتدي اللون الأزرق الغالي كعلامة للتعبير عن إخلاصك وتفانيك الديني. في المقابل، فإنك إذا فعلت هذا اليوم، فإن الأمر قد ينتهي بك لمواجهة اتهام بدعم تنظيم إرهابي، نظراً لأن اللازورد يأتي بصورة أساسية من مناجم في أفغانستان، يخضع الكثير منها لسيطرة تنظيم «طالبان».
واستمرت ندرة اللون الأزرق حتى أوائل القرن الثامن عشر، عندما لوثت مطحنة ألوان ألمانية عن طريق الخطأ دفعة من اللون الأحمر ببعض الزيت، وانتهى الأمر بها إلى لون أزرق غني أطلق عليه اللون الأزرق البروسي. وكانت هذه أول صبغة اصطناعية رخيصة يعرفها العالم على الإطلاق، وكان لها الفضل وراء انطلاق ما عرف باسم «الحمى الزرقاء» التي وصلت حتى اليابان، حيث استخدم الفنان «هوكوساي» وعدد من شركات الطباعة هذا اللون المستورد النادر.
وإذا كان الأزرق اللون الأعلى قيمة، فإن الأحمر يعتبر اللون الأقدم. ويظهر استخدام ما يعرف بـ«طين المغرة» في رسومات الكهوف التي عثر عليها في جنوب أفريقيا وتعود إلى 73 ألف عام ماضية. ويمكننا القول بثقة إن الأحمر اللون صاحب القدر الأكبر من التنوع من حيث المعاني الثقافية المرتبطة به من بين جميع الألوان، ذلك أنه يرمز إلى الحب وكذلك الغضب، والثروة وكذلك الجرح. وخلال العصور الوسطى، ساد اعتقاد في أوروبا بأن اللون الأحمر بإمكانه درء الجدري. وحرص الملك تشارلز الخامس، ملك فرنسا، على ارتداء قمصان قرمزية اللون عندما أصابه الفيروس.
بجانب ذلك، يرمز الأحمر إلى اليسار السياسي، فيما عدا داخل الولايات المتحدة ـ وحتى هنا، لم يجر ربط الحزب الجمهوري بما عرف بـ«الولايات الحمراء» سوى منذ الانتخابات الرئاسية عام 2000. كما أنه من السيء للغاية أن تكون الأسهم التي تملكها باللون الأحمر، إلا إذا كنت في الصين أو اليابان، حيث يعني اللون الأحمر أن السعر ارتفع.
والآن، هل اللون شيء عالمي أم خاص؟ هل هو أمر يتعلق بالطبيعة أم بالثقافة؟ على سبيل المثال، في أوروبا كان لا يسمح سوى للنبلاء من أبناء الطبقة العليا بارتداء ملابس باللون الأرجواني. وجرت العادة على ارتداء اللون الأبيض في الجنازات البوذية والأعراس المسيحية. وباستطاعة الأطفال استكشاف المعاني الثقافية للألوان من خلال معرض ألعاب تفاعلية هنا، يحمل عنوان «كل ما تود معرفته عن أطياف الألوان»، ويضم كتلة طلاء ضخمة، ويمكن للأطفال ممارسة هذه اللعبة عبر الهواتف الذكية.
جدير بالذكر أن هوميروس في كل من «الإلياذة» و«الأوديسة»، وصف مراراً بحر إيجة بأنه «داكن على نحو يشبه النبيذ»، رغم أنه لا يبدو كذلك للمصطافين في جزر رودس أو بودروم. وفي لغة شعب كاراجا في وسط البرازيل، فإن كلمة مفردة يمكن أن تشير لما يعرفه المتحدثون باللغة الإنجليزية على أنه أزرق أو أصفر أو أخضر. ويستخدم الرجال والنساء أسماء مختلفة في الإشارة إلى الألوان. ويقال إن شعب وارلبيري في شمال أستراليا ليس لديهم كلمات تعبر عن الألوان من الأساس، لكنهم بدلاً عن ذلك يصفون الظواهر اللونية داخل مساحة متعددة الألوان من التقزح اللوني أو الحجم.
من جانبي، فإن وظيفتي تدور حول الكتابة عن الصور باللغة الإنجليزية. ومع أن مخاريط عيني ليست حساسة بشكل خاص، بالطريقة التي قد يكون بها أنف صانع العطور، مثلاً، فإنه على مر السنين كان علي تكوين مفردات ألوان واسعة: قطيفة، غامبوج، فالو أحمر، تيفاني أزرق. وألجأ إلى استخدام هذه الكلمات لأنني أحاول التقاط بعض الصفات الموضوعية من التدرج والخفة والتشبع - لكن الألوان التي أراها قد تكون انطباعاً ذاتياً فحسب. وماذا عن الكلب الذي يستطيع التمييز بين الأزرق والأصفر وليس الأحمر عن الأخضر، أو القرش الذي لا يدرك أي لون على الإطلاق؟

*خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».