رئيس الوزراء العراقي يتعهد مواصلة مكافحة الفساد وإجراء انتخابات مبكرة

رئيس الوزراء العراقي يتعهد مواصلة مكافحة الفساد وإجراء انتخابات مبكرة
TT

رئيس الوزراء العراقي يتعهد مواصلة مكافحة الفساد وإجراء انتخابات مبكرة

رئيس الوزراء العراقي يتعهد مواصلة مكافحة الفساد وإجراء انتخابات مبكرة

أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، أن أمام العراق فرصة أخيرة للنهوض، لكنه يحتاج إلى التلاحم والتكاتف لتجاوز أخطر أزمة تواجهها البلاد حالياً. وقال الكاظمي خلال جلسة حوارية ضمت عدداً من الوزراء ورؤساء الجامعات وعدداً من الأكاديميين والمحللين السياسيين، وحضرتها «الشرق الأوسط»، أن «عام 2021 هو عام الإنجاز العراقي، وجميعنا سنصل إلى هذا الإنجاز بسرعة وكفاءة، وستنتصر الدولة، وسينتصر العراق على كل التحديات».
وأضاف الكاظمي: «نبدأ عامنا بالأمل، المحنة قد عَدت، ونفتتح عهداً جديداً نحتاج فيه إلى التماسك والاستمرار في منهج الإصلاح». وفيما أشار إلى أن حكومته جاءت على وقع أزمات خطيرة واجهتها البلاد، منها جائحة «كورونا» والأزمة الاقتصادية، فضلاً عن الانتفاضة الجماهيرية، فقد أكد أنه عمل «منذ اللحظة الأولى على تفكيك هذه الأزمات وتقليل آثارها». وأوضح أنه عمل على إبعاد «شبح صراع إقليمي ودولي كان من الممكن أن يُدخل العراق في سلسلة طويلة من الحروب».
ورغم ما أشار إليه من تحديات وضغوطات من قبل العديد من الكتل والقوى السياسية، فإنه أكد أن الأشهر الستة من عمر حكومته جعلت العراق «يتمتع بأقوى منظومة للعلاقات والثقة الإقليمية والدولية به وبحكومته لم يشهدها منذ عقود طويلة»، موضحاً أن «كل جيراننا وكل العالم يسعون إلى دعم العراق والتعاون لنهضته من كبوته، وأدرك الجميع أن التوازنات الإقليمية والدولية بحاجة إلى عراق قوي متماسك».
وبشأن إجراء الانتخابات المبكرة، أكد الكاظمي أن حكومته قطعت شوطاً كبيراً على هذا الصعيد، داعياً البرلمان العراقي إلى الإسراع «في تشكيل المحكمة الاتحادية». وفيما انتقد الكاظمي الحكومات العراقية التي سبقته لأنها لم تنجز أي «خطط تنموية للعراق، بل جرى تدمير صناعته وزراعته وتعليمه ونظامه الصحي، خلال العقود الأخيرة، والاقتصاد العراقي أصبح رهناً لأسعار النفط، في أجواء اقتصادية هزيلة مع تفشي الوباء والفساد كان قد أكل الأخضر واليابس»، فإنه شدد على أنه لن يسمح بانهيار «العراق أو إفلاسه، كما أفلست دول أخرى، وسيكون عام 2021 عام كشف الحقائق الكبرى الخاصة بالفساد الذي أثر في الاقتصاد والتنمية». وقال إن «هذه فرصتنا الأخيرة لننهض، وأقول أمامكم وأمام شعبنا: لست طامعاً بحكم أو منصب، وأضع مصلحتي ومستقبلي السياسي ثمناً للإصلاح، لقد تأخرنا 17 سنة، ولن نتأخر بعد ذلك، وعلى كل مزايد أن يضع مصلحة العراق أمام ضميره».
وكشف الكاظمي عن تعرضه لضغوط بشأن فتحه ملفات الفساد الكبرى، ولأول مرة منذ عام 2003، مؤكداً أن «العام الحالي سيشهد إحالة العديد من رؤوس الفساد إلى النزاهة بموجب لجنة مكافحة الفساد». وأشار إلى أن جهود حكومته في مكافحة الفساد بدأت تتعرض إلى عمليات تشويه مقصود، مبيناً أنه لم يتم إخضاع أي من المعتقلين بتهم الفساد إلى التعذيب، وأنهم «يمارسون الرياضة يومياً»، عازياً تلك الضغوط إلى أن حكومته قامت، ولأول مرة، باعتقال «حيتان الفساد». وأوضح أن «لجنة مكافحة الفساد تعرضت لانتقادات كثيرة، واتهامات باطلة، أولها انتهاك حقوق الإنسان، وثانيها الابتزاز». ومضى قائلاً بشأن التشويه المقصود بخصوص محاربة الفساد، إنه «عندما نطلب ممن ينقل هذه المعلومات أن يثبت لنا هذه الاتهامات، لا يظهر دليلاً، وبعض الاتهامات تقول إن عدداً من المعتقلين تعرضوا للشلل بسبب التعذيب، وأخرجنا أفلاماً عن الشخص المذكور، وهو يركض، وهم (المعتقلون) يومياً لديهم رياضة». وأشار إلى وجود لجنة طبية تتفقد المتهمين بقضايا فساد يومياً، وهناك فريق من الطب العدلي ومنظمات تقوم بواجبها لمراقبة وضع المتهمين، مؤكداً «الاستمرار بالكشف عن جرائم أخرى تخص المال العام».
وتابع الكاظمي أن «الدولة استعادت في 6 أشهر الماضية عافيتها وثقتها بإمكاناتها. القوات الأمنية أصبحت أكثر ثقة وصلابة، واستعادت علاقتها مع الناس، والجيش أضحى اليوم أكثر انسجاماً، وهو مستعد في أي لحظة لحماية الشعب ضد أي خطر».
ورغم تزامن حديث الكاظمي مع الذكرى الأولى لحادثة مطار بغداد التي قتل فيها الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس 2020، فإنه لم يتطرق إلى المناسبة، كما لم يتطرق إلى التوتر الحالي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.