مصر تسعى للحصول على أفضل عروض اللقاحات «في أسرع وقت»

نفت «وفاة جماعية» بسبب نقص الأكسجين

TT

مصر تسعى للحصول على أفضل عروض اللقاحات «في أسرع وقت»

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أول من أمس، اجتماعاً مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ووزير المالية محمد معيط، ووزيرة الصحة هالة زايد، ومستشاره للشؤون الصحية محمد عوض تاج الدين، وتم الإعلان خلاله عن إجراءات توفير لقاحات «كورونا». شملت الإجراءات التي تم الإعلان عنها لتوفير اللقاحات، توجيهاً رئاسياً بالحصول على أفضل العروض من الشركات العالمية لأكثر اللقاحات فاعلية، وبأكبر كمية ممكنة، وفي أسرع وقت، وقيام صندوق «تحيا مصر» بدعم توفير اللقاح للفئات المستحقة ذات الأولوية المتقدمة، خصوصاً من الكوادر الطبية، والحالات الحرجة والمزمنة، والحالات المصابة وكبار السن من الفئات الأكثر احتياجاً تحت مظلة برامج الحماية الاجتماعية. ووجه السيسي بإنشاء مراكز لتقديم اللقاح بجميع المحافظات، وفق أعلى مستوى ممكن، لاستيعاب المواطنين الراغبين في الحصول على اللقاح عند توفره، وبما يراعي كافة المعايير الصحية والوقائية.
من جانبها، أعلنت وزيرة الصحة هالة زايد، عقب الاجتماع، عن بعض التحركات في ملف اللقاحات، منها ترخيص الاستخدام الطارئ للقاح الصيني «سينوفارم»، بعد موافقة هيئة الدواء المصرية للترخيص الطارئ لاستخدامه، مشيرة إلى أنه سيتم البدء في إعطائه للطواقم الطبية في الأسبوع الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي. وأوضحت الوزيرة أن تم التعاقد مع شركة «أسترازينكا» البريطانية لاستيراد لقاحها، وستكون هناك جرعات متوفرة في مصر بنهاية الشهر الحالي.
وأعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1409 حالات جديدة ثبتت إيجابية تحاليلها معملياً للفيروس، فيما سجلت حالات الوفاة ارتفاعاً جديداً لتصل إلى 56، وخرج 721 متعافياً من المستشفيات، بعد تلقيهم الرعاية الطبية. ونفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء شائعة فرض غرامة 10 آلاف جنيه للممتنعين عن التطعيم بلقاح فيروس كورونا. وقال المركز، في بيان، «لا صحة لفرض أي غرامات مالية على الممتنعين عن التطعيم، لأن تلقي اللقاح قرار اختياري لكافة المواطنين».
من جهة أخرى، نفت السلطات المصرية، أمس، ما أشيع عن «وفاة جماعية» لمرضى «كورونا» بالعناية المركزة بمستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية، بسبب نفاد الأكسجين، في واقعة نالت اهتماماً واسعاً لدى الرأي العام. وانتشر على نطاق واسع، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أمس، فيديو تم تسريبه من مستشفى الحسينية لواقعة وفاة جماعية داخل العناية المركزة. لكن محافظة الشرقية، نفت في بيان رسمي، صحة ما ذكر عن وفاة 7 حالات من مرضى فيروس كورونا بسبب نقص أو نفاد الأكسجين من المستشفى. وأشار المحافظ ممدوح غراب، إلى أن عدد المتوفين 4 حالات فقط، كانوا على أجهزة تنفس صناعي، وأن الوفاة طبيعية نتيجة لتدهور حالتهم بسبب الإصابة بالفيروس، وأنهم أصحاب أمراض مزمنة.
وقال المحافظ، «تم تشكيل لجنة فنية فور ظهور فيديو السوشيال ميديا، وبالفحص تبين أن عدد المتوفين 4 حالات وفاة في عناية العزل من أصحاب الأمراض المزمنة، بينما يوجد 17 طفلاً بالحضانة وحالتان بالعناية العامة و36 حالة إصابة بـ(كورونا) بقسم العزل، ولم تحدث أي وفيات بين هذه الحالات». وأكد المحافظ أن الأكسجين المغذي لمرضى «كورونا» بالعناية المركزة هو نفسه المغذي للحضانات والعناية العامة، ووقت حدوث الوفيات كانت سيارة الأكسجين تغذي «التانك»، ما يعني أنه لا يوجد نقص أو نفاد بالأكسجين، بالإضافة إلى أنه توجد شبكة احتياطية للاستعانة بها في حالة حدوث أي مشكلة في خزان الأكسجين، ويتم تقديم الخدمات الصحية للمرضى بصورة مُرضية. من جانبها، فتحت النيابة العامة تحقيقاً في الواقعة، واستدعت نيابة مركز الحسينية بمحافظة الشرقية، مدير المستشفى وعدداً من الأطباء، للاستماع لأقوالهم بشأن الواقعة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.