تزايد جرائم القتل في المجتمع الفلسطيني

2020 انتهى بزيادة 21 ضحية عن العام الأسبق

TT

تزايد جرائم القتل في المجتمع الفلسطيني

استهلت سنة 2021 بسلسلة شجارات داخل المجتمع الفلسطيني، تم خلالها قتل وإصابة عدد من المواطنين، ما أثار قلقاً وغضباً واسعين بين الجمهور. وطرح الكثير من المواطنين تساؤلات إن كان قادة الجريمة المجتمعية، ينافسون الاحتلال الإسرائيلي في عمليات القتل والاعتداءات الأخرى.
وكانت سنة 2020 قد انتهت بمقتل 111 مواطنا عربيا في إسرائيل (من فلسطينيي 48)، أي بزيادة 21 ضحية عن سنة 2019. ومنذ مطلع السنة الحالية، قتل اثنان، هما فواز دعاس (56 عاماً)، الذي وقع ضحية جريمة طعن في مدينة الطيرة، ووسام مأمون رباح (21 عاماً)، ضحية جريمة إطلاق نار في بلدة جديدة المكر. كما أصيب بجراح متوسطة إلى قاسية، 8 أشخاص في جرائم إطلاق نار متفرّقة، ارتُكبت في كلّ من الناصرة وعين ماهل وطمرة وعرّابة ومدينة رهط في النقب. ووقعت جميع هذه الإصابات في حوادث صدامات وشجارات محلية، استخدمت فيها أسلحة نارية وسكاكين.
وفي الضفة الغربية، شهدت مناطق متفرقة شجارات عنيفة استخدمت في بعضها الأسلحة النارية، أبرزها مدينة الخليل وبلدة بيت أمر وقرية قوصين وبلدة بير نبالا وقرية بتير ومدينة طولكرم. كما طُعن شرطي في مدينة نابلس. لكن الحدث الأخطر، وقع في بلدة كفر عقب، التي تعتبر جزءاً من القدس الشرقية المحتلة، حيث قتل ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة، خلال شجار عائلي داخلي استخدم فيه السلاح الناري. وقد قتل في هذه المواجهات، طبيب الأسنان، د. عصام موسى الرجبي وشقيقه هيثم وابن شقيقه عدنان وليد الرجبي. وقال شهود عيان إن الطبيب حضر للفصل بين الأطراف ومنع التدهور، فوقع ضحية لجهوده.
وأشارت أوساط سياسية، إلى أن هذا النوع من الشجارات كان محدوداً للغاية في الضفة الغربية، في الخمسين سنة الأخيرة، ومن غير الواضح كيف انتشرت هذه الظاهرة. وقال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية «شمس»، إن ارتفاع وتيرة جرائم القتل والعنف، والتداعي الهائل على مستوى السلم الأهلي، هو نتاج متوقع لظاهرة انتشار السلاح، وتزايد العشائرية التي تغذي ثقافة العنف وترسخها في الوعي الجمعي، وضعف الأطر التشريعية الرادعة، وتراجع مبدأ سيادة القانون وهيبة القضاء النظامي، والتقسيمات السياسية التي سمحت بنمو جيوب للجريمة في أماكن متفرقة؛ هذا إضافة إلى غياب الاستراتيجية الوطنية المتكاملة، والاقتصار على الحلول والتدخلات الأمنية اللاحقة، دون العمل على مستوى الحلول الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وإن ما يجري في جزء منه، حصاد للسياسة الرسمية في تجاهل التوصيات المدنية المتكررة، بإطلاق خطة وطنية عبر قطاعية شاملة وناجزة للتعامل مع تداعي السلم الأهلي واهتزاز أركانه.
وأوصى مركز «شمس»، بإعادة النظر في التقسيمات السياسية التي تحول دون وصول المؤسسة الأمنية الفلسطينية بفعالية واستجابة إلى جميع أماكن الضفة الغربية. وإصلاح المنظومة التشريعية عبر تطويرها واستكمالها بإصدار قانون عقوبات فلسطيني حديث بما يحقق الردع الخاص والعام، ويحقق مفهوم العدالة الجنائية. وقيام جهات إنفاذ القانون من الأجهزة الأمنية وقطاع العدالة، وفي مقدمته القضاء، بدور حاسم في ملاحقة الجريمة والسلاح، وعدم التهاون في ذلك. بالاستفادة من تغليظ العقوبات على الجرائم المتعلقة بحيازة واستعمال الأسلحة النارية والاتجار بها وتصنيعها وتهريبها.
كما دعا المركز إلى «وقف الحلول العشائرية المتهاونة مع الجريمة التي تعزز ثقافة الإفلات من العقاب، وحصر اختصاص النظر في الجريمة بالقضاء النظامي الذي يتعين إصلاحه، وتعزيز فاعلية مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وفي مقدمتها الجامعات والكليات والمعاهد في نشر وتعزيز قيم السلم الأهلي والتماسك المجتمعي والمواطنة والحوار والتسامح، ونبذ العنف وبناء الخطاب الإعلامي الفلسطيني بحيث يكون مستجيباً لمحاربة الكراهية ومواجهة التحريض على العنف والترويج له».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.