لبنان: اللجنة الصحية في البرلمان توصي بالإقفال العام

ارتفاع في الإصابات يستنزف القطاع الصحي

قسم العناية المكثفة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
قسم العناية المكثفة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

لبنان: اللجنة الصحية في البرلمان توصي بالإقفال العام

قسم العناية المكثفة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
قسم العناية المكثفة في مستشفى رفيق الحريري الجامعي نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

أوصت لجنة الصحة البرلمانية في لبنان أمس بالإقفال التام لمدة ثلاثة أسابيع، في ظلّ ما وصفته بـ«الوضع الكارثي لمعظم مستشفيات العاصمة وبقية المحافظات» التي وصلت إلى قدرتها الاستيعابية القصوى. وتأتي التوصية بالإقفال مع توقعات باستمرار ارتفاع عدد الإصابات خلال الأسبوع المقبل لما شهده البلد من «فوضى خلال فترة الأعياد»، حسب ما يرى عضو لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله، الذي أوضح في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ الأرقام المرتفعة التي نراها حالياً هي نتيجة الاختلاط الذي حصل خلال فترة عيد الميلاد، أما نتائج سهرات رأس السنة فمن المتوقع أن نراها بعد أسبوع أو 10 أيام.
وكان عدّاد كورونا اليومي تجاوز الـ3500 قبل يومين مسجلاً رقماً غير مسبوق، وذلك وسط توقعات بأن يتجاوز العدد الـ5 آلاف الأسبوع المقبل. وشهد عدد من المستشفيات والمختبرات أمس زحمة كبيرة بسبب تهافت اللبنانيين على إجراء فحوصات الـ«بي سي آر» بعد احتفالات ليلة رأس السنة. ولفت عبد الله إلى أنّ الهدف الأول من الإقفال هو «تخفيف سرعة انتشار الوباء وبالتالي تخفيف الضغط على المستشفيات، إذ إنّ كلّ 100 إصابة تعني دخول 20 منهم إلى المستشفى و5 إلى العناية الفائقة». وحذر من شهري يناير (كانون الثاني) الحالي وفبراير (شباط) المقبل على اعتبار أنهما سيكونان شهرين حريجين على صعيد ارتفاع الإصابات والوفيات بالفيروس.
وكانت لجنة الصحة النيابيّة أشارت إلى أنّ نسبة الإشغال في المستشفيات زادت على 95 في المائة، ولا تزال في تزايد مطرد. وبدوره، أكّد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أنّ «المستشفيات على مختلف الأراضي اللبنانية امتلأت وأنّ أقسام العناية الفائقة والأسرة العادية وصلت إلى طاقتها الاستيعابية القصوى».
وكان نقل عن الصليب الأحمر اللبناني أنّ مستشفيات لبنان باتت تعطي الأولويّة لصغار السن، طالبة من المسنين تلقي العلاج في المنازل، الأمر الذي علّق عليه هارون بقوله: «إنّه ما من أماكن فارغة لأي كان ولم يعد للمستشفيات خيار للتفضيل بين شباب ومسنين».
وحذّر نقيب الأطباء شرف أبو شرف من أنّ «استهتار المواطنين قد يوصل لبنان إلى السيناريو الإيطالي»، معتبراً أنّ «مسؤولية المواطن تضاهي مسؤولية الدولة، وأنّ وزارة الداخلية لا يمكنها فرض التدابير بالقوة».
وتجاوز عدد الإصابات الإجمالي في لبنان 183.800، فيما تجاوز عدد الوفيات 1400، أمّا عدد الإصابات في القطاع الصحي فقارب الألفي حالة. ومن المتوقّع أن توصي اللجنة الوزارية التي ستجتمع غداً (الاثنين) بالإقفال من 3 إلى 4 أسابيع مع منع تجوّل تام على أن يتمّ استثناء الصيدليات وأماكن الطعام ومن ثمّ إقفال جزئي وفق المناطق التي ترتفع فيها الإصابات، فضلاً عن تقليص عدد الطائرات والوافدين في المطار وإعادة فرض فحص الـ«بي سي آر» على المطار لجميع الوافدين مع الحجر الإلزامي، على أن يتخذ المجلس الأعلى للدفاع القرار النهائي.
واستبق وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب قرار الإقفال، وأعلن توقّف التعليم الحضوري واعتماد التعلّم عن بعد حفاظاً على صحة التلامذة والمعلّمين بانتظار القرار الذي سيصدر عن المجلس الأعلى للدفاع مطلع الأسبوع المقبل، لافتاً إلى أنّ الإقفال التام لن يستثني المدارس.
من جهة أخرى، طالب الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي بإقفال المؤسسات التي تخالف الإجراءات الوقائية وليس كل المؤسسات، وحث المواطنين على الإبلاغ عن أي مخالفة.


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.