في لبنان «كوفيد – 19» أولاً ومن بعده الاحتفال بالعيد

يتصدر رسائل المعايدات والطرائف الإلكترونية المتداولة

من المنتظر أن يشهد لبنان ذروة الإصابات بـ«كورونا» منتصف الأسبوع الأول بعد الأعياد
من المنتظر أن يشهد لبنان ذروة الإصابات بـ«كورونا» منتصف الأسبوع الأول بعد الأعياد
TT

في لبنان «كوفيد – 19» أولاً ومن بعده الاحتفال بالعيد

من المنتظر أن يشهد لبنان ذروة الإصابات بـ«كورونا» منتصف الأسبوع الأول بعد الأعياد
من المنتظر أن يشهد لبنان ذروة الإصابات بـ«كورونا» منتصف الأسبوع الأول بعد الأعياد

شكّل وباء «كوفيد - 19» مصدر قلق كبير لدى اللبناني، ولا سيما في مواسم الأعياد الأخيرة؛ إذ تجاوزت نسبة الإصابات به عشية عيد رأس السنة الـ3500 شخص.
تفشي الوباء بهذا الشكل دفع بالبعض إلى التعامل معه بجدية عن طريق إجراء فحوص الـ«بي سي آر» بشكل مكثف. فوصل عدد من خضع له إلى نحو 27 ألف شخص في اليوم الواحد. وفي مناطق لبنانية، تزيد هذه النسب أو تقل مع فارق الكثافة السكانية في كل منطقة. في حين أعلنت بعض المختبرات عن توقفها من إجراء هذا الفحص بسبب تهافت الناس عليه بشكل جنوني؛ مما جعله مفقوداً. ويقول جاد حنا، صاحب مختبر سان جوزف في الأشرفية «لقد شهدنا تهافتاً لا مثيل له في موسم الأعياد بحيث كنا نجري ما يفوق الألف فحص في اليوم الواحد. وهو ما دفعنا إلى إقفال المختبر عند العاشرة صباحاً لنفاد كميات الاختبارات. فالشركات المختصة التي تسلّمنا إياها تلاقي صعوبة في توفير كميات كبيرة من هذه الفحوص إلى جميع المختبرات مرة واحدة». ويرى حنا أن التسهيلات التي أدرجوها مؤخراً في مختبراتهم لإجراء الـ«بي سي آر» عن طريق الـ«drive thru» والـ«rapid test» و«V.I.P track» أسهمت في زيادة عدد الناس الراغبة في إجراء هذه الفحوص. ويعد الأخير من الفحوص المعروفة في نتيجتها السريعة والمؤكدة بحيث تظهر بعد نحو ساعة من إجرائها وتبلغ كلفتها 750 ألف ليرة.
وإثر هذا التفشي للوباء قررت بعض المطاعم إلغاء حفلات وسهرات عيد رأس السنة وفي مقدمها «ضبية فيلادج». فقد رأى القيّمون عليها، أن المكان يتسع لأكثر من 1000 شخص وهو ما سيساعد على تفشي الوباء أكثر فأكثر. الأمر نفسه طبّقه عدد من المطاعم ومحال السهر في فنادق جبلية.
واختلفت طبيعة تمضية سهرة العيد بين لبناني وآخر في ظل تفشي الوباء. فبعض المصابين بالعدوى قرروا تنظيم سهرات بيتوتية تحت عنوان «كوفيد - 19 إيجابي». فيمضون السهرة معاً من دون قلق، شرط ألا يدخلها أي شخص آخر غير مصاب بالوباء. وفئة أخرى أصيبت بالهلع بسبب أعداد الإصابات المرتفعة وألغت مشاريعها لسهرة العيد. وتعلّق ندى يعقوب «عندما علمت بأن جيراني في الحي الذي أسكنه إضافة إلى صديقة لي تسكن في عمارتي أصيبوا بالعدوى ارتعبت وقررت البقاء في المنزل مع زوجي وأولادي».
شريحة أخرى من اللبنانيين ارتأت إجراء فحص الـ«بي سي آر» عشية العيد. فإذا أتت سلبية مضت في تنفيذ مشروع السهرة وإذا العكس انحجرت في منزلها. ويقول اسطفان البستاني الذي قرر تمضية السهرة في منزله الجبلي في فاريا لـ«الشرق الأوسط»، «سأمضي السهرة مع ثمانية من أصدقائي وجميعنا أجرينا اختبار (كورونا) وجاءت سلبية. فكنا مطمئني البال بعيداً عن فكرة وجود أحدهم بيننا مصاب بالعدوى».
يخالف دكتور عبد الرحمن البزري، رئيس اللجنة الوطنية للأمراض السارية والجرثومية في لبنان، هذا الرأي ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «إنه من الخطأ الشعور بالأمان لمجرد خضوعنا للاختبار وحصولنا على نتيجة سلبية. فإمكانية إصابتنا بالعدوى كبيرة ولو بعد لحظات من القيام به، ومن الأفضل الابتعاد عن التجمعات. وفي حال وجود أكثر من مصابين في العائلة الواحدة فباستطاعتهم قضاء السهرة معاً في البيت شرط عدم مخالطتهم باقي أفراد العائلة عن قرب».
ويتوقع دكتور بزري الاختصاصي بالأمراض الجرثومية، أن ترتفع نسب الإصابات بـ«كورونا» بشكل كبير بدءاً من منتصف الأسبوع الأول بعد نهاية الأعياد. ويعلق «قد نصل إلى الذروة ويفوق عدد المصابين في اليوم الواحد الـ3000 شخص فتكون النسب صارخة. ولكن بعدها ستهدأ الأمور بفعل تراجع التخالط الاجتماعي وانتهاء المناسبات وعودة الكثيرين من المسافرين إلى بلدانهم».
ولم تغب التعليقات الطريفة عن الجائحة في معايدات اللبنانيين لبعضهم بعضاً، متصدّرة رسائلهم الإلكترونية. فكتب أحدهم يقول «أنا جاهز لسهرة رأس السنة بس محتار أي بيجاما أرتدي في زمن (كورونا)». في حين نشر بعضهم إعلاناً يقول «المصابون بـ(كورونا) يحتفلون برأس السنة في أماكن مختلفة شرط أن يحملوا معهم (بي سي آر إيجابي)». وكتب أحدهم ساخراً «كانت سنة حلوة كتير بس آخر 12 شهر كانوا صعبين شوي علينا بلبنان». وحملت إحدى بطاقات المعايدة عبارة تقول «بما أنو مش عامل شي عا رأس السنة عم فكر أعزم أصحابي يجوا لعندي وكل واحد بيتسلّى بموبايلو من دون مخالطة. كل عام وأنتم بخير».



الكلب البلدي المصري... احتفاء بـ«حفيد أنوبيس» بعد «مطاردته»

نقوش للكلب الفرعوني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
نقوش للكلب الفرعوني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

الكلب البلدي المصري... احتفاء بـ«حفيد أنوبيس» بعد «مطاردته»

نقوش للكلب الفرعوني (وزارة السياحة والآثار المصرية)
نقوش للكلب الفرعوني (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بأعدادها الكثيرة وألوانها المتنوعة، تعد الكلاب الهائمة أحد الملامح الرئيسية للشوارع والميادين المصرية، وبينما تسبب حوادث العقر المتكررة في الكثير من المناطق المصرية الهلع بين المواطنين، فإن قطاعاً كبيراً منهم يألفونها ويقدمون لها الطعام والشراب والعلاج، إذ يعدّون الكلب البلدي المصري وفياً وذكياً.

وشهدت محافظة الإسكندرية (شمال مصر) في سبتمبر (أيلول) الماضي عقر كلب ضال 30 شخصاً.

وبعد الأخبار السلبية المترتبة على تلك الحوادث والمطاردات المتلاحقة لكلاب الشوارع في مصر، حظيت كلاب هائمة في منطقة الأهرامات الأثرية بالجيزة (غرب القاهرة) باهتمام واسع بعد التقاط عدسة أحد هواة الطيران الشراعي صورة لكلب يعتلي قمة الهرم الأكبر؛ حيث تحول هذا الكلب وأقرانه بالمنطقة الأثرية إلى «نجوم» ومصدر للترويج السياحي.

وتسلّق الكلب هرم خوفو، الذي يبلغ ارتفاعه نحو 146 متراً، وبُني في عصر الأسرة الفرعونية الرابعة نحو عام 2560 قبل الميلاد، ويعد هو الهرم الأكبر بين الأهرامات الثلاثة الشهيرة التي تحظى بشهرة عالمية بوصفها من «عجائب الدنيا السبع القديمة»، ومسجلة ضمن موقع «اليونيسكو» للتراث العالمي.

صورة متداولة عبر «فيسبوك» لكلب بلدي بمنطقة الأهرامات (فيسبوك)

وتنحدر سلالة الكلب البلدي المصري الحالي من سلالة فرعونية يُطلق عليها «الكلب الفرعوني»، ووفق خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن هذا النوع من الكلاب يعد أحد أقدم سلالات الكلاب، إذ كان يستخدم لصيد الظباء والطرائد الأخرى، وقد وُجدَت أشباه تلك الكلاب على جدران مقبرة الفرعون أَنْتيفا الثاني الذي يرجع تاريخها إلى عام 2300 ق.م. وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد أحضر الفينيقيون كلباً فرعونياً إلى جزيرة مالطا، واستوطنها حتى العصور الحديثة.

وتتميز الكلاب الفرعونية بطول ما بين 53 و70 سم عند ارتفاع الكتف وتزن ما بين 15 و23 كجم، واشتهرت باستخدام حاستي البصر والشم في الصيد، وتتحرك في سرعة ورشاقة تتوافق مع لياقة كلب الهرم.

نقوش للكلب الفرعوني (وزارة السياحة والآثار المصرية)

و«كانت الكلاب محبوبة في مصر القديمة ولها بعد ديني لارتباطها بالمعبود أنوبيس إله الموت والتحنيط والحياة الآخرة، وعادةً ما يتم تصويره على شكل كلب أو رجل برأس ناب، وكان يعتقد أنها تعمل رفيقة ومرشدة للبشر في الحياة الآخرة»، وفق قول الدكتور ريحان لـ«الشرق الأوسط».

وجاءت الكلاب في مصر القديمة في 7 أنواع متميزة: الباسنجي، والسلوقي، والإيبيزان، والفرعوني، والسلوقي، والويبت، والمولوسيان.

وبالآونة الأخيرة؛ ساهمت ندى زين الدين، خبيرة ترميم آثار، وناشطة في مجال رعاية وعلاج الكلاب، في تغيير النظرة المجتمعية إلى الكلاب البلدية، التي كان يطاردها البعض بمنطقة الخليفة بالقاهرة، وغيرها من المناطق، فقد أثمرت الصور ولقطات الفيديو الخاصة بها مع كلبين أليفين من المنطقة المحيطة بمسجد السلطان حسن عن ردود فعل إيجابية وإشادات لافتة.

تقول ندى لـ«الشرق الأوسط»: «بعد تطعيم كلاب المنطقة ضد السعار، وتعقيمها، تقبل الجميع وجودها ورعوها بعدما كانت تتعرض لسلوكيات خاطئة من بعض الصبية».

ندى زين الدين مع كلب ترعاه بتكية «مسافر» (حسابها على «فيسبوك»)

وتجمع ندى مع بعض زملائها تبرعات مالية لشراء «مصل السعار» و«التعقيم» ووجبات غذائية لكلاب مناطق بعيدة على غرار منطقة صقر قريش المتاخمة للصحراء.

ويعد خبراء بيطريون الكلب البلدي من أذكى وأوفى أنواع الكلاب وأكثرها تحملاً للأمراض، وهي من أكثر السلالات المنتشرة في مصر وشائعة بشكل كبير، وتستطيع الاعتماد على نفسها في الطعام والشراب، ويستعين بها كثيرون في حماية منازلهم وحراسته بشكل مستمر.

وتفاعل عدد كبير من المشاهير مع «الشهرة العالمية لكلب الأهرامات»، من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي وصف الكلب بأنه «سكن القلوب»، وأنه أجمل كثيراً من ظواهر أخرى تتصدر اهتمام منصات التواصل، على حد تعبيره.

كلب بلدي بالجيزة (الشرق الأوسط)

وكتبت الفنانة رانيا فريد شوقي عبر حسابها بموقع «إنستغرام» على واقعة صعود الكلب لقمة الهرم الأكبر: «يضع سره في أضعف خلقه اللي للأسف في ناس في بلدنا المفروض أنهم بني آدمين بيعذبوه وشايفين أنه روح مالهاش لازمة»، مضيفة: «الكلب البلدي الضعيف ده عمل دعاية للسياحة في مصر ومعملهاش بني آدم وهو مش فاهم حاجة عكس بعض البشر».

ولا يعد وجود الكلاب في منطقة الأهرامات الأثرية غريباً، فقد اعتاد زوار المنطقة وجوده باستمرار، وقال مسؤول بالمنطقة إنه يجري تعقيمها وتطعيمها بواسطة «جمعية الرفق بالحيوان».