بينما نشطت حركة المرور ذهاباً وإياباً في القاهرة، ومن خلفها تزينت واجهات المحلات بأشجار الكريسماس ودمى بابا نويل قبل أيام قليلة من استقبال العام الجديد، قال المهندس الثلاثيني «أشرف يحيى» متمتماً من خلف واقي الوجه الذي يرتديه داخل إحدى سيارات التاكسي: «عيد بأي حال عدت يا عيد»، قبل أن يوجه حديثه للسائق: «أتمنى ألا تدخلنا السنة الجديدة في حظر تجوال جديد»، ليرد السائق من دون تفكير: «الناس كلها تعبت... الجميع في حالة قلق من كورونا».
قطع حوار الرجلين إعلان نشرة الأخبار، المنبعثة من مذياع التاكسي، عن بعض القرارات الحكومية الجديدة لكبح جماح الموجة الثانية من الفيروس. ومع رفع السائق صوت المذياع، أنصتا إلى قرارات إلغاء الاحتفالات بمناسبة رأس السنة.
يفسر أشرف، مشاعره القلقة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «كورونا يهدد حياة المواطن بشكل متطور، فنحن أمام فيروس ذكي، والبيانات اليومية لوزارة الصحة تزيد من هذا القلق».
في المواصلات العامة والدواوين الحكومية والمقاهي والأسواق المصرية، لا صوت يعلو فوق صوت الفيروس، لا سيما بعد تزايد حالات الإصابة في ظل الموجه الثانية خلال الأيام الأخيرة من 2020، وتخطت معدل الألف حالة يومياً.
وسجلت مصر، حسب بيانات وزارة الصحة، إصابة أكثر من 135 ألف شخص بالفيروس، بينما تقترب مؤشرات حالات الوفاة من 8 آلاف حالة منذ اكتشاف أول حالة في مارس (آذار) الماضي.
مع عام صعب مضى؛ تنصب جل الأمنيات في أن يكون العام الجديد بخلاف سابقه، فمقارنة بين الساعات الأخيرة من 2020 وبين ما سبقتها من أعوام ماضية، نجد تحولا كبيرا في الأمنيات المصاحبة لاستقبال عام جديد، إذ غيرت الجائحة من تطلعات وأمنيات المصريين، ورصدت «الشرق الأوسط»، اقتران غالبية الأمنيات بـ«القلق»، والخوف من أن يفرق «كورونا» شملهم.
«يا رب تنتهي غمة كورونا»، دعاء يقوله وليد محروس، حارس الأمن بأحد معارض السيارات، متمنيا أن «يهل عام 2021 على جميع المصريين بالخير، وزوال هذه الغمة، وأن يعود الجميع لممارسة حياتهم بشكل طبيعي بلا قيود، وألا يفقد أحد عمله».
وساهمت جائحة كورونا في فقدان الكثيرين لعملهم في دول عدة منها مصر، التي تقول الأرقام الرسمية، إن معدل الفقر فيها سجل 29.7 في المائة، ويبدي العامل العشريني، محروس، خوفه من تزايد حالات كورونا مجددا وبالتالي «وقف الحال»، حيث ترك عمله لأشهر عدة بسبب غلق مقهاه، واضطراره إلى البحث عن مهنة بديلة. وضاحكا يكشف عن أمله في «أن تعود الشيشة مرة أخرى لأنها روح القهوة».
ربة المنزل الستينية جيهان حسن، تدعو إلى أن تكون 2021 «وشها حلو علينا»، لافتة إلى أنها تتمنى أن يحفظ الله أبناءها وأحفادها، وأنها تنتظر أن يتاح لقاح كورونا للجميع في وقت قريب جدا، وأن يكون كبار السن على رأس الفئات التي تحظى به.
أما الموظفة الحكومية دعاء محمد المقيمة في القاهرة، فتقول: «أتمنى نكون أنا وعائلتي كاملين، لا ينقص منا أحد»، مبدية قلقها على أطفالها في المدارس في ظل هذه الموجه، متسائلة: «الإصابات والوفيات تتزايد وأغلب الطلاب لا يذهبون للمدارس والجامعات... فكيف سيكون الوضع إذا ذهب الجميع؟».
ويقول الدكتور أحمد البحيري، استشاري أول الطب النفسي، لـ«الشرق الأوسط»: «بالفعل القلق الظاهر قد يكون سمة لأمنيات البعض لعام 2021، ولكن الباطن أكثر هو الأمل، وجمال وحكمة هذا الأمل نراهما في أدعية البعض بالصحة والسلامة، وتمني آخرين أن يحفظ الله ذويهم ومحبيهم من دون أن ينقص أحد».
ويلفت البحيري إلى تغيير الجائحة من التطلعات مع حلول العام الجديد، موضحا أن «قسوة الموقف أوجدت الأمل في الله بدلا من الآمال المادية البحتة، التي ربما إن تحققت لم تحقق السعادة، ولكن تمني الصحة والستر والأمان للعائلة والمجتمع يحقق بعضا من الرضا والهدوء النفسي في ظل الظروف الحالية».
«كورونا» يصيب أحلام المصريين بـ«القلق» في 2021
مخاوف من تأثيرات اجتماعية واقتصادية للموجة الثانية
«كورونا» يصيب أحلام المصريين بـ«القلق» في 2021
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة