آفاق واسعة لتعزيز حضور الموسيقى في السعودية

يثبت التاريخ أن الاستقرار السياسي يطوّر بالفنون

يجذب المعهد السعوديين ومختلف الجنسيات (تصوير: بشير صالح)
يجذب المعهد السعوديين ومختلف الجنسيات (تصوير: بشير صالح)
TT

آفاق واسعة لتعزيز حضور الموسيقى في السعودية

يجذب المعهد السعوديين ومختلف الجنسيات (تصوير: بشير صالح)
يجذب المعهد السعوديين ومختلف الجنسيات (تصوير: بشير صالح)

كانت الموسيقى بمعناها الواسع الذي يشمل الغناء، قد بلغت أقصى درجات الرقي والازدهار في العصر «الساساني»، وفي ذلك يقول ابن خلدون «وكان في سلطان العجم قبل الملة منها بحر زاخر في أمصارهم ومدنهم، وكان ملوكهم يتخذون ذلك ويولعون به حتى لقد كان لملوك الفرس اهتمام بأهل هذه الصناعة، ولهم مكان في دولتهم، وكانوا يحضرون مشاهدهم ومجامعهم ويغنون فيها».
تتبع المصطلح عربياً عند المصريين القدماء، يبرِز الموسيقيين وهم الشعراء والخطباء والمؤرخين، بل وكان الشعر الملحن مرشد الشعب ومدرسته، يبثّ فيه روح المدنية ويهذّب طبعه ويصلح بين الناس، ويحثّهم على الفضيلة. وكان الموسيقيون يشرحون في قصائدهم مختلف القوانين المدنية وأحكام الديانة وأصول الفلسفة والتاريخ والعلوم.
للموسيقى حضورها الممتد تاريخياً، يدعمها الكيان السياسي في بلوغها آفاقاً واسعة شعبياً، وهذه هي المقاربة مع ما تعيشه السعودية اليوم.
وبعد الإقرار بالترخيص لأوّل معهدين موسيقيين في السعودية، زارت «الشرق الأوسط» أحدهما وهو «معهد البيت الموسيقي للتدريب».
وتحدث الدكتور أيمن تيسير، مدير المعهد، قائلاً، بأن العمر الزمني لـ«معهد البيت الموسيقي للتدريب» لايزال قصيراً، إلا أنه استطاع خلال أشهر البداية تكوين مجتمع من المواهب المتعدّدة، وجمع العازفين والمطربين، من خلال إقامة الأنشطة، ورعاية الموهوبين في منحهم الفرص وتقديم مواهبهم أمام الجميع على الرّغم من مساحة المكان المحدودة.
يقول تيسير، لا يوجد في المعهد معلمون سعوديون، وحتى الآن، لا أساتذة حاصلون على درجات علمية في الموسيقى؛ لذا فإن خطّتنا المقبلة ستكون السّعي لرعاية واختيار مجموعة من المواهب الممارِسة للموسيقى، والذين يملكون مستوى أدائياً جيداً، ومن هم في حاجة إلى إعادة هيكلة نظرية وعلمية أكثر، بتقديم المنح الدراسية لمدة تسعة أشهر تنتهي بالتوظيف.
بالعودة إلى التاريخ الموسيقيّ، نرى أنّ الفرس تفوّقوا في هذا الفن قبل الإسلام، وبهم تأثر العرب. فالموسيقى الفارسية في العصر الساساني كانت المصدر الرئيسي الذي أخذت عنه الموسيقى العربية في الإسلام، فما رأيك؟
يعلق تيسير قائلاً «لا يوجد أمر حازم يؤكد بأنّ الفرس كانوا متفوقين في الموسيقى، في حين توجد نظرية في تاريخ الموسيقى تقول (أينما وُجد الاستقرار السياسي يكون هناك تطورٌ في الموسيقى)». ويتابع موضحاً، أنه في شبه الجزيرة العربية وبعد انتشار الدين الإسلامي وتوّسع الثّقافات وتنوعها وتلاقحها، دخلت الموسيقى إلى شبه الجزيرة العربية، وبات الفرس يأخذونها عن العرب والعكس صحيح.
وفي القرن السادس الميلاديّ، يذكر تيسير بأنّ الآلات الموسيقية ظهرت في شبه الجزيرة العربية في إطار الإيقاعات والطبول والصنوج والعود. وما أن انتهى عصر الخلفاء الراشدين وانتقلت الخلافة الإسلامية إلى دمشق والروم والبيزنطيين، وصارت المجتمعات في حال من التشابك والتثاقف، توسّع نطاق العالم العربي أكثر فأصبح كل من يتكلم اللغة العربية عربياً.
وقد عرف لفظ «السماع» بمعناه العام عند الفرس والعرب قبل الإسلام، وفي صدر الإسلام برز هذا اللفظ، وإن تغيّر مفهومه، غير أنّ المفهوم لم يلبث أن تطور بعد أن راج وانتشر في العصرين الأموي والعباسي، وأصبح السماع يعني الغناء.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.