مكاسب مزدوجة للصدر من مواجهة الكاظمي مع الفصائل المسلحة

الحكومة العراقية في اختبار أخير لفرض النظام

عنصر في «الحشد» يحمل صورتي المرجع الشيعي علي السيستاني والجنرال الإيراني قاسم سليماني وآخرون يحملون نعشاً رمزياً خلال استعراض في كربلاء أمس (أ.ف.ب)
عنصر في «الحشد» يحمل صورتي المرجع الشيعي علي السيستاني والجنرال الإيراني قاسم سليماني وآخرون يحملون نعشاً رمزياً خلال استعراض في كربلاء أمس (أ.ف.ب)
TT

مكاسب مزدوجة للصدر من مواجهة الكاظمي مع الفصائل المسلحة

عنصر في «الحشد» يحمل صورتي المرجع الشيعي علي السيستاني والجنرال الإيراني قاسم سليماني وآخرون يحملون نعشاً رمزياً خلال استعراض في كربلاء أمس (أ.ف.ب)
عنصر في «الحشد» يحمل صورتي المرجع الشيعي علي السيستاني والجنرال الإيراني قاسم سليماني وآخرون يحملون نعشاً رمزياً خلال استعراض في كربلاء أمس (أ.ف.ب)

يدخل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مواجهة مع فصائل مسلحة متهمة بقصف المنطقة الدولية ومقر السفارة الأميركية في بغداد، فما الذي يجعل زعيم التيار الصدري (مقتدى الصدر) رابحاً من هذه المواجهة مهما كانت النتائج؟
وجد الكاظمي نفسه، بعد 21 صاروخاً استهدفت سفارة واشنطن المعتادة على القصف، مضطراً لمواجهة خصومه، ومن خلفهم إيران، لتخفيف الضغط الدولي على حكومته، ولتحقيق تفوق سياسي بعد أسابيع من تدهور شعبيته. واحتاج الكاظمي إلى ظهير سياسي يوفر له غطاءً للمواجهة، قبل أن يعتقل مسؤولاً بارزاً عن مجموعة لإطلاق الصواريخ، قالت السلطات إنه ينتمي لـ«عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي.
وتقول مصادر عليمة إن الكاظمي كلف رئيس جهاز الأمن القومي، قاسم الأعرجي (كتلة بدر)، بالتفاوض مع قادة الفصائل لإعادة ضبط الهدنة مع المصالح الأميركية في العراق، وفي الوقت نفسه فتح قناة اتصال مع زعيم التيار الصدري لإبلاغه بنوايا المواجهة، وحاجتها إلى دعم سياسي تفادياً لأي انهيار أمني، مدركاً التحالفات الهشة بين الصدر ومن يريد مواجهتهم.
في تلك اللحظة، كان الصدر قد تلقى مؤشرات سلبية من قادة أحزاب شيعية بشأن دعوته إلى «ترميم البيت الشيعي»، أبرزهم نوري المالكي وعمار الحكيم وهادي العامري الذين استبعدوا جميعهم الانضمام إليه، لهذا وجد زعيم التيار الموقف الحرج للكاظمي فرصة متاحة لاستعمال مهاراته البراغماتية في تحقيق مكاسب سياسية على طريق ما يقول الصدريون إنها استراتيجيتهم للاستحواذ على السلطة، بغالبية برلمانية، وبرئاسة الوزراء المقبلة.
واعتقلت السلطات شخصاً يدعى حسام الزيرجاوي، مع 5 آخرين، بتهمة إطلاق 21 صاروخاً على موقع السفارة الأميركية في بغداد. وبعد ساعات، استعرضت «عصائب أهل الحق» بعجلات ومسلحين وسط بغداد لإجبار الحكومة على إطلاق سراحهم.
وقالت مصادر حكومية إن الزيرجاوي لن يسلم لأي جهة، وإن المحققين يمتلكون أدلة مصورة على مشاركة الزيرجاوي ورفاقه في نصب الصواريخ وإطلاقها. وبالتزامن، غرد الكاظمي في منصة «تويتر» بلهجة حادة: «مستعدون للمواجهة». وبعد ساعات قليلة، غرد الصدر مطلقاً ما سماه «النداء الأخير» لإيران: «أبعدونا عن صراعاتكم، وإلا سيكون لنا موقف سياسي وشعبي». وما كان يبدو تخميناً صار واضحاً؛ إن الكاظمي والصدر ينخرطان في مواجهة ضد فصائل وخصوم سياسيين، بحسابات مختلفة، تحت ضغط كبير يشكله التوتر الأميركي - الإيراني في العراق. ويعتمد تكتيك الصدر، هذه المرة، على تحقيق المكاسب المزدوجة من فشل أو نجاح الكاظمي على حد سواء. ففي حال تمكن رئيس الحكومة من كبح جماح الفصائل المسلحة، فسيحصل على أرباح استعادة هيبة الدولة، بصفته من ساعد على ذلك. وفي حال فشل الكاظمي، وهو الأمر الذي يخشاه الجميع حتى لا تتحول انتكاسته أمام الفصائل إلى انهيار أمني وسياسي، لن يتردد الصدر في شغل فراغه، والتموضع في موقع السلطة، حتى مع حالة الفوضى.
ولا يبدو أن الكاظمي بعيدٌ عن المعادلة المعقدة التي وضعه فيها الصراع الإقليمي، وطموحات الفاعلين السياسيين في العراق، ويريد هو الآخر اصطياد الفرص المتاحة، وتعويض الأهداف غير المسجلة منذ توليه المنصب، فيما يقول مقربون من رئيس الحكومة إن هذه المواجهة «هي آخر اختبار للقوة وفرض النظام، وستحدد ملامح البيئة الأمنية التي ستجري فيها الانتخابات المقبلة».
وتقول مصادر مطلعة على أجواء آخر اجتماعات الكاظمي الوزارية، بحضور كبار ضباط الجيش، مع حضور لافت لمسؤولين في مفوضية الانتخابات، إنه كان أكثر ثقة وارتياحاً بينما يخوض مواجهة غير محسوبة، فيما تضمن البيان الذي صدر عقب الاجتماع عبارات حافظت على لهجته الحادة، مثل: «لن نسمح للسلاح المنفلت بالتحرك وتهديد حرية العراقيين». وحتى مع غطاء الصدر، يريد الكاظمي إحياء سياسته القديمة مع الفصائل، عبر إشراك بعض قادتها، ممن يبدون مواقف قريبة من الدولة، لإطفاء محاولات التصعيد، وهو ما يراقبه الصدر بحذر شديد.
وقد انخرط قادة بارزون في «الحشد» في تبريد المواجهة. فمستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي أمضى أيام الأزمة الأخيرة في اتصالات مكثفة مع الفصائل الولائية لوقف التصعيد.



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».