أول معرض فوتوغرافي يوثق طيور مصر النادرة

طائر رفراف شائع من القناطر  للفنان السوري مرهف كمال
طائر رفراف شائع من القناطر للفنان السوري مرهف كمال
TT

أول معرض فوتوغرافي يوثق طيور مصر النادرة

طائر رفراف شائع من القناطر  للفنان السوري مرهف كمال
طائر رفراف شائع من القناطر للفنان السوري مرهف كمال

دفقات من الجمال اللافت، ورشاقة الحركة، والألوان المبهجة، يتزود بها زائر المعرض الأول لمصوري الطيور في مصر، المقام حالياً في غاليري «بيكاسو» بالقاهرة، حيث تتيح له نحو 100 صورة فوتوغرافية التقطها 55 فناناً من مصر وسوريا والمغرب، التحليق مع مجموعات متنوعة ونادرة من الطيور في فضاء الطبيعة الخلابة والحياة البرية المتفردة.
تبلورت فكرة المعرض لدى الفنان أحمد الششتاوي بعد فوزه بالمركز الأول في مسابقة «بيردلايف إنترناشونال»، وكان من ضمن الجائزة مبلغ مالي قدره ألف دولار يوجه لتنظيم معرض فوتوغرافي لرجل الأعمال الشاب الشغوف بتصوير الطيور، إلا أنه قرر أن يطور الفكرة بعد موافقة إدارة المسابقة لينظم معرضاً جماعياً لكل مصوري مصر في هذا المجال، مع دعوة بعض الفنانين العرب للمشاركة فيه، يقول الششتاوي لـ«الشرق الأوسط»، «لقد وجدت أن المعرض الجماعي سيكون أفضل وأوسع تأثيراً، لأنه سيمثل جسراً بين مصوري الطيور، وفرصة ذهبية للتعارف والتواصل، ما يسمح بتبادل المعلومات والخبرات في أنواع الطيور في مصر، وأماكن وجودها، وأفضل المعدات والتقنيات المستخدمة في تصويرها، ما يمثل دفعة قوية وتنشيطاً لهذا المجال».
نبعت الفكرة من تجربة ذاتية للفنان الذي بدأ تصوير الطيور من نحو ثلاث سنوات، وفاز بالعديد من الجوائز المحلية والدولية، لكنه لا يزال للآن يحتاج أن يكتسب المزيد من الخبرات والمعلومات حوله نظراً لصعوبته البالغة.
ووفق الششتاوي، فإن البعض لا يعرف أن هناك أنواعاً من الطيور رائعة الجمال موجودة في مصر، رغم أنها حوله في كل مكان، فبعضها موجود في الدلتا، ولا يلتفت إليها أحد، كما أن الأعمال تتيح مشاهدة أنواع أخرى قد يكون من الصعب للبعض الآخر مشاهدتها؛ لوجودها في مناطق نائية، أو غير مأهولة، أو في المحميات، فيأتي هنا دور الصور لتنقلها إلى المشاهد حيثما كان.
سيكون هذا المعرض النسخة الأولى لمعرض سنوي متخصص في مصر يعمل على زيادة الوعي المجتمعي تجاه الطيور، وتسليط الضوء على دورها في تحقيق التوازن في النظام البيئي، إلى جانب الإسهام في الحد من التلوث، والتوثيق لأنواعها، وفق الششتاوي الذي أضاف قائلاً: «يشجع المعرض على الحفاظ على البيئة، والتصدي للصيادين الذين يتسببون في وجود الخلل البيئي عبر ممارستهم الخاطئة».
يتعرف زائر المعرض الأول من نوعه في مصر على أنواع مختلفة من الطيور عبر مجموعة كبيرة من الصور، منها نحو 30 صورة نادرة، ومنها الصورة الحاصلة على جائزة مسابقةBirdLife» » للششتاوي، وتجسد طائر «بلشون الليل» في لحظة ينفض أثناءها المياه عن جسده، وطائر «البومة طويلة الأذن»، وهي من الطيور التي تندر مشاهدتها في مصر، ولم يتم تصويرها كثيراً؛ نظراً لأنه لا ينشط إلا في الليل، ولا يتحرك في أماكن بها بشر، إذ يعيش في الغالب على أطراف المدن والصحاري، ومن الصور التي تستوقف الزائر أيضاً صورة «عقاب نساري»، وهو من الطيور المهاجرة، إضافة إلى صور نادرة التقطها أحمد الشيخ لـ«عصفور الفراولة» ذي الأصول الهندية الذي جلبه البعض للبيع كطائر زينة، فإذا به يهرب من القفص، ويتكاثر ويعيش في الفيوم منذ نحو 5 سنوات، ومن الطيور شديدة الندرة طائر «السبد المصري» الذي يشبه لون الرمل، ويصعب تصويره لأنه طوال الوقت متخفٍ، وكذلك من ضمن صور المعرض هي ما يخص طائر «النسر الأسود».
ويشارك الفنان السوري دكتور مرهف كمال الباحث الأكاديمي في تكنولوجيا التعليم، بثلاثة أعمال، الأول من منطقة القناطر لـ«الرفراف الشائع»، عقب صيده لسمكة من النيل واقفاً على غصن شجرة، بينما يتحرك جناحه بخفة، ومن الفيوم التقط صورة لـ«الوروار الأخضر»، اجتذبه لأنه يختلف عن الموجود في الشام بجمالياته، تجمع الصورة ثنائياً يقف على غصن، وتتمتع بإضاءة ناعمة لتصويرها في الوقت الذهبي لتصوير الطيور، وهو قبيل الشروق، أما الصورة الثالثة فهي «بلشون الليل» فور صيده لسمكة كبيرة، ويقول كمال لـ«الشرق الأوسط»، «المعرض جذاب ومختلف، ويعكس بعضاً من ثروة مصر من الطيور التي تزيد عن 500 نوع ما بين طائر مقيم ومهاجر، بسبب وقوعها على خط الهجرة الرئيسي، لذلك تُعد مكاناً ممتازاً لمراقبة وتصوير الطيور، لا سيما أنها تتميز بتنوع في بيئاتها أيضاً، منها البيئة الجبلية في سانت كاترين وسيناء، والبيئة الساحلية في مرسى علم والبحرين الأحمر والمتوسط، والبيئة النيلية الموجودة على طول نهر النيل ومحافظات الصعيد، إضافة إلى البيئة الصحراوية والمحميات المتعددة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».