عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> فيصل الفايز، رئيس مجلس الأعيان الأردني، استقبل أول من أمس، سفير قبرص لدى المملكة ميخاليس إيوانو، وبحث الجانبان أوجه العلاقات الثنائية بين الأردن وقبرص في مختلف المجالات، وأكد الفايز عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وحرص الأردن على تنميتها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة وخاصة في المجالات الاستثمارية والتجارية والبرلمانية، وجرى خلال اللقاء استعراض لمجمل الأوضاع الراهنة في المنطقة وأهمية إيجاد الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وتعزيز التعاون المشترك في مواجهة جائحة كورونا.
> نبيل بن يعقوب الحمر، مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام، استقبل أول من أمس، الباحث محمد سعد الرويعي، الذي أهداه نسخة من كتابه «التحولات الديمقراطية في عهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة»، حيث أشاد الحمر بما احتواه الكتاب، معرباً عن شكره للباحث على هذا الإهداء، ومنوهاً بالجهد الطيب الذي بذله في إعداد مادته. فيما أعرب الرويعي عن الشكر والتقدير للمستشار الإعلامي على حرصه على دعم الباحثين والكتاب البحرينيين بما يثري مسيرة الحركة الثقافية بالمملكة.
> جيوفاني بولييزي، سفير إيطاليا لدى الجزائر، استقبله أول من أمس، صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الجزائري بالنيابة، وخلال اللقاء تطرق الطرفان إلى واقع العلاقات الثنائية التي تربط البلدين، وتناولا العلاقات البرلمانية وضرورة العمل على تفعيل مجموعات الصداقة البرلمانية في برلماني البلدين من أجل مرافقة التقارب الموجود بين حكومتي البلدين على جميع المستويات، كما جدد «قوجيل» عقيدة السياسة الخارجية للجزائر القائمة على احترام سيادة الدول وعلى مساندة حق الشعوب في تقرير مصيرها.
> أفضال محمود، سفير جمهورية باكستان الإسلامية لدى مملكة البحرين، استقبله أول من أمس، عبد الله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية، في الديوان العام للوزارة، وذلك بمناسبة انتهاء مهام عمله كسفير لبلاده لدى المملكة، وخلال اللقاء أعرب وكيل وزارة عن اعتزازه بعلاقات التعاون والصداقة الوثيقة التي تجمع بين البلدين، والتي تتسم بالتطور والمتانة في ظل الحرص المتبادل على الارتقاء بتلك العلاقات إلى آفاق أرحب.
> أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة المصري، التقى أول من أمس، باللجنة الطبية العليا بالوزارة، وذلك في إطار الاجتماعات الدورية التي يعقدها الوزير مع اللجنة لمتابعة الأوضاع على الساحة الشبابية والرياضية، وخلال اللقاء شدد الوزير على ضرورة متابعة التطبيق الصارم لكافة الإجراءات الاحترازية والضوابط الصحية على جميع الأنشطة والبطولات الرياضية، مضيفاً أن اللجنة سيستمر عملها إلى ما بعد الانتهاء من الأوضاع الحالية وانتهاء فيروس كورونا، وذلك للارتقاء بالخدمات الطبية المقدمة في المجالات الشبابية والرياضية.
> هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، التقت أول من أمس، بسفير اليابان بالقاهرة ماساكي نوكي، لبحث أوجه التعاون المشترك بين الطرفين، وأكدت الوزيرة على قوة ومتانة العلاقات الاستراتيجية والاستثمارية بين ومصر واليابان، واستعرضت آخر التطورات والإصلاحات التي قامت بها الحكومة المصرية في مجال التنمية الاقتصادية، وأبعاد التجربة التنموية المصرية، مشيرة إلى انخفاض معدل الفقر لأول مرة منذ عشرين عاماً وفقاً لنتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك 2019- 2020 الذي تم إعلانه في مطلع الشهر الحالي.
> عصام بن عبد الله خلف، وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني البحريني، تفقد أول من أمس، مشروع جنوب البحرين الدائري لتفقد أعمال إنشاء المسار المخصص للدراجات الهوائية الذي يمتد بطول 10 كيلومترات بمحاذاة الشارع الرئيسي، حيث بلغت نسبة الإنجاز فيه 40 في المائة، وقال إن مسار الدراجات هو جزء من تصور لإنشاء شبكة لمسارات الدراجات الهوائية في المملكة لتوفر مناخاً يفتح مجالاً للمهتمين بهذه الرياضة، في ظل تزايد ممارستها من قبل المواطنين والمقيمين.
> وونغ تشاو، سفير جمهورية سنغافورة لدى المملكة العربية السعودية، استقبله أول من أمس، مازن بن إبراهيم الكهموس، رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودي، وجرى خلال اللقاء بحث سبل التعاون المشترك بين المملكة وجمهورية سنغافورة في مجال حماية النزاهة ومكافحة الفساد، واطّلع السفير على أهم الإجراءات التي تقوم بها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في مجال تعزيز النزاهة وإشاعة الشفافية ومكافحة الفساد، كما استمع إلى تجربة جمهورية سنغافورة في المجال ذاته.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)