«كوفيد ـ 19» يتوج 2020 «سنة العلوم»... لكن الأوساط العلمية ليست متفائلة

«كوفيد ـ 19» يتوج 2020 «سنة العلوم»... لكن الأوساط العلمية ليست متفائلة
TT

«كوفيد ـ 19» يتوج 2020 «سنة العلوم»... لكن الأوساط العلمية ليست متفائلة

«كوفيد ـ 19» يتوج 2020 «سنة العلوم»... لكن الأوساط العلمية ليست متفائلة

لم يحصل في تاريخ العلوم الطبية أن تمكن الباحثون من تطوير لقاح بالسرعة التي تم بها تطوير اللقاح ضد «كوفيد - 19»، الذي لم يستغرق أكثر من عشرة أشهر، فيما يستغرق تطوير اللقاحات عادة من خمس إلى ثماني، وأحياناً عشر، سنوات.
ولم يسبق أن استقطبت البحوث العلمية المعقدة هذا القدر من الاهتمام الذي أثاره التنافس بين كبريات المختبرات والشركات العالمية لتطوير وإنتاج لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، خلال هذه السنة الملعونة التي قلبت مقاييس الحياة وقطعت أوصالها، واستحقت عن جدارة لقب «سنة العلوم»، في عالم لا يتحرك سوى على وقع الحسابات السياسية والمعادلات الاقتصادية.
لكن الأوساط العلمية التي رحبت بهذا الاهتمام، وهللت للاعتراف بدور البحوث العلمية في إدارة المجتمعات الحديثة، ليست متفائلة بأن يستمر هذا الاهتمام والدعم في المستقبل بعد القضاء على الجائحة التي دمرت حياة الملايين الذين ألفوا العيش في مجتمعات الرفاه المتطورة، التي لم تتخيل يوماً بأن ينزل عليها كل هذا الرعب والموت.

كثيرون تساءلوا كيف ظهر هذا الوباء فجأة بدون إنذار أو تحذير في عصر التكنولوجيا المتطورة التي ترصد كل شاردة وواردة في حياتنا، لكن الحقيقة هي أن الأوساط العلمية كانت تحذر منذ سنوات من جائحات فيروسية من غير أن تلقى تحذيراتها عند المسؤولين الآذان الصاغية.
كان العالم الفيزيائي الأميركي الشهير كارل ساغان، يقول «إننا نعيش في مجتمعات تعتمد كلياً على العلوم والتكنولوجيا، لكن السواد الأعظم من الناس لا يفقه شيئاً عنها، وهذه وصفة أكيدة لوقوع الكوارث. صحيح أن الانفصال قائم منذ القدم بين الأوساط العلمية وعامة الناس، لكن عندما تكون التكنولوجيا هي العماد الأساس لمجتمعاتنا ولدورة الحياة فيها، يصبح هذا الانفصال أمراً بالغ الخطورة».
تفيد دراسة لمنظمة «اليونيسكو»، صدرت أواخر العام الماضي، بأن أكثر من 70 في المائة من الناس يثقون بالعلوم، لكنهم لا يفهمونها، وأن أكثر من النصف يعتبر أن معرفته العلمية ضعيفة. وتضيف الدراسة أن أسباب الانفصال القائم بين الأوساط العلمية وعموم الناس لا تقتصر على قلة التأهيل أو الاطلاع العلمي في المجتمع، بل غالباً ما ترتبط بالعزلة التي يعيش فيها الباحثون وقلة تواصلهم على نطاق واسع خارج محيطهم.
ويقول خبراء اليونيسكو إن النجاح في الأوساط العلمية يكاد يقتصر على عدد البحوث والدراسات والمقالات المنشورة في الدوريات المتخصصة التي باتت السبيل الوحيد لتقويم الباحثين، وبالتالي لحصولهم على الموارد المالية لمواصلة أبحاثهم، أو ما يعرف بالاصطلاح الشائع «النشر أو الفناء» (Publish or Perish). وقد أدى ذلك إلى وضع العديد من الباحثين في عزلة بين أطنان من الوثائق، أقصتهم عن المحيط الاجتماعي والإعلامي، وأنستهم ضرورة نقل نتائج بحوثهم، ونشرها بلغة قريبة من الإدراك العام.
يضاف إلى ذلك أن المسالك الطويلة والمعقدة للبحوث العلمية تتضارب مواقيتها مع وتيرة المجتمعات الحديثة التي اعتادت قياس النجاح وفقاً لمعايير زمنية سريعة ومختصرة. ولا ننسى أن الموارد المخصصة للبحوث العلمية تتراجع منذ عقود في معظم البلدان، ما يدفع بكبار العلماء والأخصائيين إلى أحضان شركات الأدوية التي تحولت إلى مراكز عالمية للنفوذ الاقتصادي غالباً ما تفرض أولوياتها على الدول التي هب معظمها مؤخراً إلى تمويلها بسخاء ومن غير حساب تحت وطأة الأزمة الصحية وتداعياتها الاقتصادية الكارثية.
وفي حديث مطول مع مديرة قسم الصحة العامة في منظمة الصحة العالمية، تقول عالم الوبائيات ماريا نييرا، «في السنوات الماضية تمكن العالم، بفضل جهوزية صحية عالية في بلدان الشرق الأقصى ومقدار من الحظ، من تجاوز فيروس سارس في عام 2002، ثم إنفلونزا الخنازير في عام 2009، وفيروس إيبولا في عام 2014، وفيروس زيكا في عام 2016، لأنها لم تتطور إلى مستوى الجائحة. لكن عندما أعلنت منظمة الصحة جائحة (كوفيد) في الحادي عشر من مارس (آذار) الفائت، وكان العالم غارقاً في صراعاته السياسية والرأي العام منقاداً وراء مباريات كرة القدم والمسلسلات التلفزيونية، كانت الأوساط العلمية جاهزة». وتضيف نييرا: «إذا كنا قد تمكنا من تطوير لقاحات في أقل من عشر أشهر، فبفضل العلماء والباحثين الذين كانوا يعملون منذ سنوات برواتب متواضعة جداً وموارد شحيحة، لكن بإرادة صلبة ومثابرة لا تعرف الكلل هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم».
تجدر الإشارة إلى أن السباق البحثي الذي شهده العالم منذ ظهور هذه الجائحة لا مثيل له في تاريخ البشرية. فبعد مرور أربعة أشهر فقط على ظهور الفيروس، كان الباحثون في شتى بلدان العالم قد نشروا أكثر من 90 ألف تسلسل وراثي (جينوم) لمصابين بالفيروس من أجل تسهيل التعرف على خصائصه ومواصفاته التحورية. وفي أقل من ستة أشهر كان الباحثون قد نشروا أكثر من 40 ألف دراسة عن «كوفيد - 19». بينما لم يتجاوز عدد البحوث التي نشرت عن فيروس «سارس» الألف. وكانت منظمة الصحة قد وضعت برنامجاً منذ مايو (أيار) الفائت يضم 440 مستشفى في 35 بلداً لتقاسم المعلومات والبيانات حول فاعلية العلاجات التي تجربها ضد الفيروس.
ولا تخفي نييرا اعتزازها وتأثرها إذ تقول: «لقد حطمنا كل الأرقام القياسية في التعاون بين الخبراء. لم أشهد شيئاً مماثلاً في حياتي... كنا نتصل بالخبراء والأخصائيين من كل أنحاء العام، أحياناً بعد منتصف الليل أو في ساعات الفجر الأولى، وكانوا جميعاً يلبون النداء متجاوزين كل الاعتبارات التجارية في حالات كثيرة. لا يمكن أن ننسى، أنا وزملائي، هذا السخاء في العطاء والتعاون، وكلنا يدرك أنها لحظة تاريخية عساها تكون مصدراً لاستخلاص العبر والاستعداد للمستقبل».
لكن الأوساط العلمية المستقلة تخشى كثيراً من تداعيات الصراعات الجيوسياسية والمنافسة التجارية المحمومة التي تدور حول اللقاحات، وتذكر بأنه حتى اليوم لم تتقدم أي من الشركات الثلاث التي تنتج اللقاحات الموزعة على العالم (آسترازينيكا، فايزر، ومودرنا)، بنتائج بحوثها إلى الجهات العلمية المختصة لمقارنتها.
كما أن الجمعية الملكية الكندية حذرت مؤخراً من «غطرسة» بعض العلماء الذين يروجون لنظريات غير مؤكدة عبر وسائل الإعلام، فيما نبهت «الجريدة الطبية البريطانية» في افتتاحية عددها الأخير إلى أنه «بقدر ما تكون ثقة المتحدث عن (كوفيد) كبيرة، بقدر ما يجب أن تضعف الثقة بما يقوله»، مذكرة بأن ثمة أسئلة كثيرة حول الوباء لا يعرف أحد إجابة أكيدة عنها، مثل فترة المناعة التي تنشأ عن الإصابة بالفيروس، ومستوى خطورة السلالات المتحورة، أو أسباب انخفاض نسبة السريان في المدارس.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟