الموضة تعترف بأصحاب المقاسات الكبيرة من الرجال

كان ظهور عارضات أزياء يمثلن المرأة صاحبة المقاس الكبير، مثل أشلي غراهام على غلاف مجلة «فوغ»، الأشهر في عالم الأزياء، بمثابة احتفاء واعتراف من صناعة الموضة بشمول الجميع تحت مظلة احترام الجسد والاتجاه نحو التمثيل العادل لجميع الفئات.
ورغم أنّ المرأة صاحبة المقاس الكبير سبقت الرجل الذي يشبهها من حيث الحجم إلى عالم الموضة، فإنّ صناع الموضة ما زلوا يرجحون كفة المرأة صاحبة القوام الممشوق، حسب خبراء.
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت علامة الأزياء «ريهانا» عن تقديم تشكيلة خاصة لرجل يصل مقاسه إلى «2 إكسترا لارج»، وقوبل هذا الخبر باحتفاء، لا سيما أنّ العلامة تعمدت أن تقدّم ملابس الرّجال أصحاب المقاسات الكبيرة ضمن مجموعة من العارضين، وليس داخل قسم خاص، في إشارة إلى أنّ أصحاب الوزن الزائد موجودون بيننا ولا يجب تمييزهم أو إبعادهم عن المشهد الإعلاني للعلامة.
وثمّن خبراء موضة ومنسقو أزياء، خطوة «ريهانا»، منهم منسق الأزياء اللبناني إبراهيم فخر الدين الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ الخطوة ذكية فقد خطفت (ريهانا) الأنظار وقدمتها لعالم صناع الموضة بطريقة لائقة، لأنّ الأصل في صناعة الموضة هو تمثيل الجميع وإتاحة فرصة حرية الاختيار. علينا أن نقدم جميع الاختيارات والمستهلك يذهب إلى ما يحقق له الراحة».
وعن تأخر فكرة احترام أصحاب المقاسات الكبيرة في عالم أزياء الرجال، يقول فخر الدين: «من الظلم القول إنّ الرجال لا يُمثلون في الموضة، لأنّ هناك تشكيلات تقدم خصيصاً لهم وتناسب حجم علاقتهم بالموضة، فالمصمم اللبناني جورج حبيقة على سبيل المثال رغم أنه مصمم أزياء راقية للنساء، فإنّه يقدم تشكيلة جانبية للرجل، ولكن ربما، ينقصهم التمثيل العادل من حيث المقاس».
وقدمت حملة «ريهانا» عارض الأزياء ستيفن غرين، صاحب البشرة السمراء والمقاس الكبير، الذي قال في حديث لصحيفة «الغارديان» البريطانية: «توقعت أن يكون هناك ردود فعل مزعجة تدعو إلى الكراهية وترفض أن تعبر الموضة عن الجميع، لكنّني فوجئت بالحب والتّشجيع من قبل الكثيرين».
من جانبها، تقول المدونة وعارضة الأزياء صاحبة المقاس الكبير، رنين الجابي، لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أنّ الموضة تسير نحو الشمولية وبخطوات سريعة، فقبل (ريهانا) اتخذت هذه الخطوة دور أزياء بارزة مثل (فندي) و(فيرساتشي)، لكن لا يزال للمجتمع معايير صارمة للغاية فيما يتعلق بشكل جسم الرجل أو المرأة». وتضيف: «عندما لا تمثل الصناعات والفنون التي تشكل وجدان الناس، الأشخاص أصحاب الأوزان الكبيرة هذا من شأنه أن يبعث برسائل كراهية وتمييز وكأنّ هذا الشخص عليه أن يصبح بالحجم اللائق أولاً، حسب معاييرهم، ليحق له أن يلبس ما يريده، وهو ما يصيب الكثيرين، رجلاً أو امرأة، بالإحباط».
ووفق فخر الدين، فإنّ توجه «ريهانا» جاء في وقت مناسب، لأنّ عالم الموضة يتجه نحو الخيارات المريحة، كذلك، الأزياء الواسعة هي اتجاه صَعد إلى واجهة الموضة منذ عامين ولا يزال محل اهتمام». ويضيف أنّ «تشكيلة ريهانا أحدثت ضجة لأنّها تحمل رسالة عصرية إنسانية وأكثر مباشرة للرجل».
وخلال أسبوع الموضة للرجال في نيويورك (خريف - شتاء 2020)، ظهر عارض واحد من أصحاب المقاسات الكبيرة على ممشى عروض الأزياء، هو أوستن سباركمن الذي قدّم جزءاً من تصاميم العلامة الناشئة «أبوتس». كذلك برزت أسماء بعض المدونين وعارضي الأزياء من الرجال أصحاب المقاسات الكبيرة مثل ديفيد فيد، وآدام هنري، وأدريان ثورب. لكن أعداد المتابعين لحسابات هؤلاء المدونين لا تقارن بشعبية النساء ذات القوام «الممتلئ»، فعارضة الأزياء أشلي غراهام مثلاً يتابعها نحو 12 مليون شخص.
وتعلق الجابي على هذا الواقع قائلة: «لا شك أنّ النساء سبقن الرجال بكثير في هذا الشأن، لكن الرجال أيضاً في انتظار حركة فعلية من قبل صانعي الموضة لاحترام أجسادهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم». ويتفق فخر الدين مع هذا الرأي ويقول: «أتمنّى أن تكون العلامات التّجارية للأزياء الآن، أكثر انفتاحاً على تمثيل الرجال أصحاب الأوزان الكبيرة، وألّا يقتصر الأمر على القطع الأساسية فحسب».