«ووندر وومن 1984» تستعيد قوتها لإنقاذ العالم

أول فيلم كبير للعام قبيل نهايته

لقطة من الفيلم
لقطة من الفيلم
TT

«ووندر وومن 1984» تستعيد قوتها لإنقاذ العالم

لقطة من الفيلم
لقطة من الفيلم

في العالم اليوم، مصدران للفوضى: الأول، وباء كورونا؛ والثاني تضارب المصالح الناشئة عن قدرة كل إنسان في تحقيق رغبة تكمن في صدره، حسب فيلم «ووندر وومن 1984»، هبط بالأسواق والإنترنت معًا بناءً على خطة تجارية مزدوجة سنرقب نتائجها.
في «ووندر وومن 1984» (لمخرجته باتي جنكنز)، شرير ماهر يستولي على أيقونة انتقلت إلى الزمن الحاضر (الثمانينات)، ودخلت معهد بحوث جيولوجية وتاريخية سرقها الشرير لأنه يعرف قدرها: تستطيع أن تحقق لمن يمتلكها رغبة واحدة فقط… لذلك عليها أن تكون أكبر وأهم شيء في حياته… لكن، لحظة، ماذا لو أن الشرير رغب في أن يحول نفسه إلى ما تستطيع الأيقونة تحقيقه؟ يعني بكلمات أخرى أن يصبح هو الأيقونة في جسد رجل قادر على إغراء الضحايا بامتلاك ما يريدون لقاء ثمن باهظ؟
الحبكة جديدة، ولو أن فانوس علاء الدين سبقها منذ سنوات ضوئية، وكان أكرم شأنًا إذ كان يحقق ثلاث رغبات في بعض الأفلام وعددًا لا يحصى في أفلام أخرى. لكنه لم يكن شيئا تستطيع أن تتقمصه فتصبح هو.

صفقة وشكاوى
«ووندر وومن 1984» (أو كما اصطلح على تسميته WW1984) هو أشياء كثيرة في آن واحد.
في المرتبة الأولى، هو إنتاج من تمويل شركة وورنر عن شخصية كوميكس تملك حقوقها شركة (دي سي كومكس)، وإنتاج شركة (أطلس) التي تولت تأمين كل متطلباته. ما تخفيه هذه السطور هو أن وورنر أطلقته في صالات السينما التي تقاوم الإغلاق في الرابع والعشرين من هذا الشهر، وفي الوقت ذاته باعت حقوق بثه المنزلي لمحطة (إتش بي أو ماكس)، في محاولة لحماية مصالحها المادية إذ تعلم أن الإقبال على صالات السينما وصل إلى نحو ربع ما كان عليه سابقاً.
وعمدت كذلك لإطلاقه حول العالم منذ عشرة أيام، في 40 دولة من تايلاند إلى إسبانيا ومن الإمارات ومصر إلى بريطانيا والسلڤادور مرورًا بالمكسيك وآيسلندا وجنوب أفريقيا وإندونيسيا وبلغاريا وتايوان وهونغ كونغ وغيرها.
وبعد ثلاثة أيام سيطلق في عشر دول أخرى، ومن مطلع الشهر المقبل سيكون متوفرًا فيما تبقى من دول خصوصًا تلك التي أقفلت أبواب صالاتها تمامًا خلال الشهر الحالي بسبب الوباء.
سينمائيًا، جمع الفيلم، حتى أول من أمس (السبت) 38 مليون دولار. لا بأس بها من صالات تشتغل بربع قدراتها في لفيف من الدول الحذرة. هذا عالمياً، أما محلياً (الولايات المتحدة وكندا) فأحجمتا عن نشر إيرادات شباك التذاكر ربما لأول مرة في تاريخهما.
تلفزيونياً فإن النتيجة ليست واضحة المعالم بعد. تبعًا للصفقة التي عقدتها وورنر مع (إتش بي أو ماكس) مانحة شركة الكايبل العروفة، حقوق البث من الرابع والعشرين من هذا الشهر، وهو مكسب لوورنر كونها ليست واثقة من قدرة الصالات على تأمين ما صرفته من كلفة باهظة (لا تقل عن 170 مليون دولار على أي حال).
المفاجئ هنا هو أن شكوى مشتركي المحطة تعالت خلال الأيام الثلاثة الماضية، وعلى ما يبدو فإن حدث بث الفيلم إلكترونيًا لم يخل من المشاكل. ألوف المستخدمين احتجوا على موقع (إتش بي أو ماكس) ذاته، وألوف أخرى توجهت إلى مواقع السوشيال ميديا المختلفة لتؤكد أن مشاكل في البث، ونقاوة الصورة، وانتظام العرض، أفقدتهم بهجة المتابعة. وآخرون، عانوا من عدم قدرتهم على فتح الرابط المطلوب رغم أنهم زبائن للشركة المذكورة. وللإيضاح فإن ما قامت به (إتش بي أو ماكس)، هو عرض الفيلم على ذراع بث منزلي اسمه Roku (يشترك فيه نحو 46 مليون مشاهد) وهذا، على ما يبدو، تعثر تقنيًا في مواكبة شروط البث وتأمينه كما يجب.
هذه الشكاوى تبعت انتقاد عدد من المخرجين المعروفين (أولهم كريستوفر نولان)، الاتفاق المبرم بادئ ذي بدء على أساس أنه يخل بالتقاليد السينمائية بأسرها. لكن السيف سبق العذل في هذه الحالة.

كل الأماني ممكنة
في أي ظرف آخر كان الناس سيلغون اشتراكاتهم ويعودون للصالات. بل لو لم تكن هذه الظروف، لما اضطرت وورنر للتعاقد مع الشركة التلفزيونية أساسًا، لأن الفيلم - نقديًا - من أنجح وأدق الأفلام المكلفة على صعيد التقنيات. لا يمكن التقاط عثرة واحدة أو سوء تقدير من قبل الجهود التي قامت بها شركات المؤثرات المختلفة، ولكل منها تخصصه المنفصل التي تتجمع في النهاية تحت مظلة الفيلم الذي تعاينه.
نقديًا كذلك، الفيلم أعلى درجة أو بضع درجات في الواقع من كثير من أفلام الكومكس المنتجة خلال السنوات العشر الماضية، بما في ذلك (وربما خصوصًا) تلك التي أنتجتها وورنر مثل «باتمان ضد سوبرمان» (2016) و«رجل من فولاذ» (2013).
واحد من مزاياه هو أنه فيلم برسالة تنضوي في سياق الفيلم ولا تعتدي عليه. لا تخرج عن دورها في منح الفيلم موضوعًا دسمًا يدور حوله، فتتحول إلى القصد وحده. على العكس، هناك انسياب كبير فيما نراه وتواز بين الشكل والمضمون بحيث يعتمد كل منهما على الآخر وبتساوي.
يبدأ الفيلم في حقبة تاريخية شبه رومانية. مدينة نساء تجري مباراة سباق تخوضها عدة فتيات قويات عليهن إصابة أهداف من كل نوع والقفز فوق حواجز ومجابهة صعاب غير متوقعه. بينهن فتاة دون الثانية عشرة (لا ندري كيف أنجبت بغياب الرجال، لكن السؤال سيمضي بلا توقف)، ستكبر وتصبح ديانا برينس (وليس برينسس ديانا)، أو ووندر وومن (غال غادوت) في العام 1984.
هي الآن وسط زحام المدينة. عصابة تسرق متجرًا للمجوهرات والتحف القديمة. تسقط تحفة منها أرضاً بعد تدخل ووندر وومن، فتطارد العصابة الرباعية داخل المجمع التجاري، وتواجهها بقوتها الخارقة، قبل وصول رجال الشرطة. تنتهي التحفة في متحف آثار على مكتب موظفة ضعيفة الشخصية اسمها باربرا (كرستين ويغ). تزورها ديانا وتتعرف عليها وعلى مشاكلها النفسية عن كثب. ثم تزورها مرة أخرى متفقدة القطعة الأثرية وتكتشف أن باربرا سمحت لرجل أعمال نراه يعلن عن شركته الكبيرة على شاشات التلفزيون واعدًا المستثمرين بالربح الوفير لكل من يستثمر في شركته، اسمه ماكس لورد (التشيلي بدرو باسكال) بامتلاكها.
يعرف ماكس حقيقة هذه التحفة، وهو لا يريد استخدامها لتحقيق أمان نفكر بها جميعًا، بل يريد التحول إلى محقق للأماني. بذلك، وكما يقول لديانا في مطاردة تقع أحداثها في مصر، حين تسأله أين هي تلك الأيقونة، «يصبح هي».
الآن كل واحد في العالم لديه أمنية (أو أكثر)، ما يفعله ماكس هو تحقيق أمنيته بأسرع ما يتصور أي شخص، مقابل الحصول على ثروته أو مكانته أو سلطته أو حتى صحته. في مصر يسأل زعيمًا عن أمنيته، فيقول له إنه يريد استعادة ملكه المندثر. بأسرع من «كبسة زر على الكومبيوتر» يحقق له ماكس رغبته، ويخبره بأنه حصل على ثروته البترولية كلها.
يكتشف ماكس أن الزعيم (أيا كان ولا يقصد الفيلم زعيمًا محددًا)، باع ثروته النفطية لآخرين. يقرر ماكس أنها ستكون المرة الأخيرة التي سيخرج من صفقة خاسرًا. سنراه يمضي مستأثرا بالثروات والسلطات وصولاً لتحويل رئيس الجمهورية (رجل كان انتخبه عشوائيًا وسأله ماذا يتمنى) إلى مطية تخول له التوجه (وخلفه لوحة البيت الأبيض) لكل الأميركيين محققًا أمنياتهم من دون إبلاغهم بما سيخسرونه في المقابل.

معطيات حاضرة
كل هذا وبطلة الفيلم في أعقابه. لكن ديانا كانت بدأت تخسر قواها لأنها كانت تمنت لقاء حبيبها (من زمن آخر) مقابل معجزاتها. في الوقت ذاته، تدرك باربرا سر التحفة فتقرر أن تتحول إلى امرأة بقدرات ووندر وومن (اسمها في مجلات الكومكس شيتا). وهذا كله ينتهي، ومن دون الإفصاح هنا عما يلي من تفاصيل، بخضم من المعارك والمواجهات والفوضى العارمة بل وانطلاق الصواريخ الروسية لتدمير أميركا نوويًا.
سبق القول إن الفيلم عن أشياء كثيرة. لا يمكن، على سبيل المثال، إلا التفكير بالمصالح الذاتية والمادية التي تلف العالم عبر مخططات تبدو فانتازية. ولا أن شخصية ماكس (كما يؤديها بجدارة الممثل التشيلي) رديف لغيتس أو لأي شخصية غامضة أخرى لديها، فرضياً أو لا، تصور وخطة لامتلاك مقدرات العالم. كذلك ها هي مصر تعاني العطش وها هو العالم يقف على حافة حرب عالمية جديدة.
حين يصل الأمر للسلبيات، تمر هذه بوضوح. هناك سرعة في إنجاز ما يؤول إليه كل هذا الوضع في النهاية. وهناك بضعة مشاهد تتجاوز المنطق حتى ذاك الذي في خيال الفيلم ذاته. لكن حسنات الفيلم تبدأ من إجادة أداء غادوت وباسكال وتمر عبر القنوات المفتوحة صوب معطيات تناسب الحاضر الذي نعيشه.
يصل الفيلم بعد ثلاثة أعوام من إطلاق الجزء الأول، لكن العلاقة بينهما تنتهي عند حد تداول الشخصية البطولية ذاتها وحقيقة أن باتي جنكينز أخرجت الفيلمين بجدارة. الاختلافات غالبًا في الحكايات الواردة هنا وهناك. في الفيلم السابق تمحور الفيلم حول قدرات آلهة الإغريق وسواها وكيف أن ووندر وومن كانت غريبة على العالم الذي تعرفت عليه (نقلتها الأحداث لحقبة الحرب العالمية الأولى). هنا هو عن الأشخاص والنظم الاقتصادية والاجتماعية. وبطلتنا لم تعد غريبة على العالم بل منخرطة فيه.
ما لا بد من ملاحظته لكل هاو، أن لحظات الفيلم منقسمة إلى مجموعات صغيرة، وأخرى كبيرة. والصغيرة أكثر عددًا من الكبيرة. وديانا/ ووندر وومن تحتل جزءًا لا بأس به من تلك اللحظات الصغيرة بما في ذلك قصة حبها (يؤدي دور الحبيب كريس باين) بينما يرتع الشرير الكبير في رحى اللحظات التشويقية الكبيرة. صحيح أن ووندر وومن تواجهه في تلك اللحظات، لكنها الإنسان في جسد قوة بينما هو يؤدي دور القوة في جسد إنسان.
«ووندر وومن 1984» فيلم «سوبر هيرو» بالتأكيد. واحد نتمنى، بصرف النظر عن جنسه ذكرًا أو أنثى، تخليصنا من الوباء المنتشر والمخططات الخفية وفوضى نظم الحياة الاجتماعية والسياسية الحاضرة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».