النيابة الجزائرية تطالب بسجن «الابنة السرية» لبوتفليقة 15 سنة

TT

النيابة الجزائرية تطالب بسجن «الابنة السرية» لبوتفليقة 15 سنة

طالبت النيابة العامة في الجزائر بإنزال عقوبة 15 سنة سجناً وغرامة مالية كبيرة، بحق «الابنة السرية» المزعومة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في ختام مرافعات مثيرة لممثلها ولدفاع المتهمين، أمس، كشفت الجزء غير الظاهر من جبل الجليد، بخصوص ممارسات فساد وصفت بـ«الفظيعة» من طرف المتابعين لهذه القضية.
والتمست النيابة في القضية، نفس العقوبة ضد محمد الغازي وعبد الغني زعلان، بصفتهما واليين سابقاً بغرب البلاد أهديا «السيدة مريم»، الابنة المزعومة لبوتفيلقة، أراضي ومتاجر ومشروعات، بناءً على اتصال هاتفي من محمد روقاب الكاتب الخاص للرئيس السابق، الذي استدعي لمحكمة الاستئناف بتيبازة (غربي العاصمة)، شاهداً وهو ما أثار استغراب مراقبين على أساس أنه يتحمل هو أيضاً، جزءاً من المسؤولية في العبث بالمال العام في هذه القضية.
وكانت المحكمة الابتدائية، أدانت «مريم» واسمها الحقيقي زوليخة نشناش، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالسجن 12 سنة مع مصادرة كل أملاكها. واستأنفت هي والنيابة الحكم.
كما طالبت النيابة أمس، بسجن ابنتيها، فرح وإيمان، بـ10 سنوات لكل منهما لحصولهما على تسهيلات في مجال الاستثمار، ومشروعات وعقارات سجلت باسميهما، بعد تدخل الرئاسة لدى الغازي وزعلان اللذين أصبحا فيما بعد وزيرين. ويرجح بأن تجاوبهما مع أوامر الرئاسة بخصوص «مايا»، كان سبباً في ترقيتهما إلى مناصب عليا. وشملت الالتماسات، السجن 12 سنة وغرامة مالية كبيرة بحق اللواء هامل مدير الشرطة سابقا، الذي لعب دوراً هاماً في حصول «مايا» وبنتيها، على مشروعات مربحة وعقارات بالعاصمة. وهو نفسه يقضي عقوبة ثقيلة بالسجن برفقة زوجته وثلاثة من أبنائه، لاستخدامه نفوذه كمسؤول أمني كبير، بغرض الحصول على قطع أراض ومتاجر في مواقع هامة بالعاصمة ووهران وتيبازة.
وتم التماس السجن ما بين 5 إلى 12 سنة، ضد 5 متهمين آخرين منهم نجل الغازي، وبرلماني سابقاً يسمى عمر يحياوي يوجد خارج البلاد. وتعود الوقائع إلى الولاية الثانية لبوتفليقة (2004 - 2009).
وطالب بعض المحامين، الذين رافعوا في هذه المحاكمة، باستدعاء عبد العزيز بوتفليقة لسماعه في الوقائع، بهدف الوصول إلى الحقيقة. غير أن القاضي بدا غير متحمس للفكرة. وواجه محامون آخرون رفضاً من جانب قضاة في محاكمات سابقة، استدعاء بوتفليقة، بعد أن صرح عدة وزراء متابعين بالفساد أنهم كانوا ينفذون أوامره. والغازي نفسه، أكد في المحاكمة أنه «لم يكن ممكناً أن (أعصي أوامر الرئيس)، بشأن (ابنته السرية)». يشار إلى أن الرئيس عبد المجيد تبون، قال لصحافيين بهذا الخصوص، إنه «ليس هناك حاجة لمحاكمة بوتفليقة»، مما يعني عدم وجود إرادة سياسية لدى السلطة حالياً لمتابعته بتهم وفساد، ولا حتى استدعائه كشاهد في قضايا فساد. وترقب محامون صدور الأحكام في قضية «السيدة مايا»، في ساعة متأخرة من يوم أمس، لتعاقب عدد كبير من المحامين للمرافعة عن المتهمين. وكانت المتهمة الرئيسية، أكدت أنها ليست ابنة بوتفليقة، الذي لا يعرف أن له ذرية. وأوضحت أن كل الأبواب فتحت لها، على أساس أن والدها كان صديقاً حميماً لبوتفليقة أيام ثورة التحرير من الاستعمار.
في غضون ذلك، طالب أمس دفاع الإخوة رجال الأعمال كونيناف، وهم ثلاثة، رضا وعبد القادر ونوح، البراءة لهم من تهم «استغلال النفوذ» و«تبييض الأموال»، و«الاستفادة من امتيازات غير مستحقة»، و«تحويل عائدات تأجير عقارات إلى الخارج» و«عدم الوفاء بالالتزامات التعاقدية عند إنجاز مشاريع عمومية». وتناول القضاء الملف في الدرجة الثانية، بعدما كانت المحكمة الابتدائية، أدانتهم في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعقوبة تتراوح بين 12 و20 سنة. والتمست النيابة بمحكمة الاستئناف السجن ما بين 10 إلى 18 سنة بحق أفراد العائلة الثرية الذين كان والدهم صديقاً مقرباً من بوتفليقة أيام ثورة الاستقلال.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.