ما بين الرغبة في صناعة تحفة فنية فريدة لم يسبقهم إليها أحد، والسعي إلى تسليط الضوء على أحد أكثر فنون الحرف التراثية ندرة وهو فن «تكفيت» النحاس، مع ربطه بعراقة التاريخ المصري، تمكن فنانون مصريون من صناعة صينية نحاسية كبيرة مطعمة بالفضة، يسعون إلى تسجيلها في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، باعتبارها الأكبر من نوعها، ومن بين تفاصيل فنية عديدة تضم الصينية التي يبلغ قطرها 155 سم نقوشاً تمثل رسالة سلام إلى العالم عبر استعراض صور وحكايات من التاريخ المصري.
العمل على الصينية استغرق 13 شهراً، شارك فيه 12 حرفياً بينهم 4 أشقاء ورثوا فن «تكفيت» النحاس عن العائلة، والذين يطلق عليهم «آل حسين» وقام بتصميمها والإشراف على تنفيذها الأب حسين عبد المقصود، أحد شيوخ المهنة، الذي يبلغ من العمر 75 عاماً، وتتلمذ على يديه الأبناء والعديد من حرفيي المهنة في ورشة العائلة بحي المعادي بالقاهرة.
بلغ القطر الخارجي للصينية قبل «الطرق» 170 سنتيمتر، ووصل بعدها إلى 155 سم»، وهي مصنوعة من النحاس الأحمر، ومطعمة بالكامل بالفضة من عيار 1000، ويبلغ وزن الفضة بها 11 كيلو و300 غرام.
وتتنوع نقوش الصينية كأنها رحلة فنية عبر عصور مختلفة، تبرز أهمية تعايش الثقافات والديانات المختلفة على أرض مصر، وتتخلل جميع النقوش والقصص صور فرعونية متنوعة لأشهر المعارك الحربية ووجوه ملوك وملكات مصر القديمة، إذ تبدأ القصص والنقوش من العصر الفرعوني وتنتهي به، وهو ما يفسره فنان «تكفيت» النحاس عماد حسين الذي قاد فريق العمل مع أشقائه بأنه «تذكير بأن الحضارة الفرعونية ما زالت أم الحضارات»، ويقول حسين لـ«الشرق الأوسط» إن «النقوش على الصينية تستعرض قيمة التسامح وقبول الآخر طوال تاريخ الحضارة المصرية، وتركز أيضا على إبراز تفرد العصر الفرعوني، لذلك تجد بين كل نقش أو قصة من أي عصر نقشاً أو رمزاً فرعونياً كأن دائرية الصينية تعيدنا دائماً إلى العصر الفرعوني».
وهو ما يؤكده حسين عبد المقصود، 75 سنة، أحد شيوخ فن «تكفيت» النحاس في مصر، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تناثر الصور والرموز الفرعونية بين قصص التسامح التاريخية رسالة للعالم بأن مصر طوال تاريخها أرضاً للتسامح والتعايش بين مختلف الحضارات والأديان، وهو ما جعلها مستمرة ومستقرة ولم تتغير حدودها إلى الآن».
ويسعى صناع الصينية إلى تسجيلها في موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية استناداً إلى تفردها الفني بتفاصيله المتنوعة وحجمها غير المسبوق، وعقب عرضها في معرض للحرف والفنون التراثية بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة، حصلوا على خطابات رسمية من عدد من المتاحف المصرية تفيد بأنه لا يوجد ضمن مقتنياتها التراثية صينية تماثلها في الحجم أو التفاصيل الفنية والنقوش التي تحمل أفكاراً مختلفة، ومن بين المتاحف التي حررت الخطابات الرسمية، المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، ومتحف جاير أندرسون، ومتحف الفن الإسلامي، ومتحف ركن فاروق بحي حلون، والمتحف الزراعي المصري، ومتاحف قصر عابدين.
بدوره، ساهم المعماري الدكتور أحمد صدقي، خبير إدارة العمران والتراث في مراجعة المادة التراثية التي تحويها نقوش الصينية، ويقول صدقي لـ«الشرق الأوسط» إن «تفرد الصينية ليس فقط لمساحة قطرها غير المسبوق في فن تكفيت النحاس، لكنها تحتوي على عناصر فنية مبهرة، حيث تتضمن نقوشاً تحكي تاريخ الحضارة المصرية منذ العصر الفرعوني مروراً بالروماني والقبطي والإسلامي، وتضم رموزاً وأنماطاً فنية تبرز قيمة التسامح وقبول الآخر، وتغطي النقوش والرموز مساحتها كاملة وهو أمر شاق فنياً، كما أن توظيف الرموز والصور وتوزيعها يشكل تحفة فنية في حد ذاته».
مصريون يسعون لتسجيل أكبر صينية نحاسية في «غينيس»
مُطعمة بالفضة وتضم نقوشاً متنوعة
مصريون يسعون لتسجيل أكبر صينية نحاسية في «غينيس»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة