بايدن و«الوديعة الكردية» السورية

أطفال يلوِّحون لدورية أميركية بريف الحسكة شمال شرقي سوريا في 17 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
أطفال يلوِّحون لدورية أميركية بريف الحسكة شمال شرقي سوريا في 17 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

بايدن و«الوديعة الكردية» السورية

أطفال يلوِّحون لدورية أميركية بريف الحسكة شمال شرقي سوريا في 17 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
أطفال يلوِّحون لدورية أميركية بريف الحسكة شمال شرقي سوريا في 17 الشهر الحالي (أ.ف.ب)

بدعم أميركي، تستطيع «قوات سوريا الديمقراطية» التفاوض مع دمشق لإقامة «حكم ذاتي سياسي» في شرق الفرات، لكن «يجب عدم تكرار الاستفتاء الكارثي» في إقليم كردستان العراق لنيل الاستقلال في 2017. هذه نصيحة من «الفريق السوري» في واشنطن، ستكون هذه «الوديعة» ذات صدى لدى إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن المتعاطف وفريقه مع الأكراد السوريين ودورهم ضد «داعش».
كان هذا بين «نصائح» المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري، ومسؤولين حاليين في «الملف السوري». يقول جيفري، الذي أصبح مسؤول قسم الشرق الأوسط في مركز «ويلسون»: «تعد قوات سوريا الديمقراطية من الضرورات في قمع جهود (داعش) لإعادة السيطرة على طول نهر الفرات. كما أنها من القوى الحيوية لأنه لن تكون هناك نهاية حقيقية لـ(داعش) ما لم تنتهِ الحرب الأهلية السورية، وتكون لدى دمشق حكومة قادرة على استيعاب الأغلبية السُّنية العربية». ويضيف أنه بالنظر إلى «تصلب» مواقف دمشق سياسياً وصمت موسكو «لن تنتهي الحرب إلا بضغوط مستمرة على عدة محاور:
أولاً، حملة الضغط المستمرة، عبر العزلة السياسية والعقوبات الاقتصادية بقيادة الولايات المتحدة، على النظام وحلفائه.
ثانياً، الضغط العسكري المتواصل في شمال سوريا ووجود قوى معارضة وقوات سوريا الديمقراطية.
ثالثاً، فضلاً عن الغارات الجوية الإسرائيلية.
رابعاً، القوات الأميركية المنتشرة في الشمال الشرقي وفي قاعدة التنف الجوية.
خامساً، الردع العسكري من جانب الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا ضد استخدام السلاح الكيماوي».
بالنسبة إلى واشنطن، فإن «قوات سوريا الديمقراطية» ذراع أساسية في استراتيجيتها السورية، وهي في حاجة إلى الدعم العسكري المباشر من أميركا عبر التدريب والذخيرة والسلاح و«السيطرة على المجال الجوي للتحالف فوق الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، التي تحتاج أيضاً إلى الدعم الدبلوماسي الأميركي في مواجهة الجهود العسكرية والسياسية التي تبذلها تركيا وروسيا والنظام من أجل إضعاف قوات سوريا الديمقراطية أو السيطرة على الأراضي الخاضعة لها». لكن في الوقت نفسه، فإن جيفري أوصى «قوات سوريا الديمقراطية» بأربعة أمور يجب تجنب القيام بها تحت أي ظرف من الظروف، هي:
«أولاً، قطع كل شحنات النفط إلى دمشق علماً بأنه يجري إنتاج 100 ألف برميل يومياً من مناطق سيطرتها يذهب قسم منه عبر وسطاء إلى مناطق الحكومة ويُستعمل قسم آخر للاستهلاك المحلي ما يوفر عشرات الملايين من الدولارات.
ثانياً، إعلان الحكم الذاتي أو الاستقلال عن سوريا، على غرار الاستفتاء الكارثي الذي أقدمت عليه حكومة إقليم كردستان العراق في عام 2017.
ثالثاً، تعزيز العلاقات مع حزب العمال الكردستاني الذي تعده الحكومة التركية منظمة إرهابية.
رابعاً، الهجوم على تركيا من شمال شرقي سوريا».
أغلب الظن، أن «الفريق السوري»، يعتقد أن الإقدام على أيٍّ من هذه الخطوات من شأنه أن يؤدي إلى توجيه ضربات مضادة لـ«قوات سوريا الديمقراطية». كما أنه يقدم «نصيحة للمدى الطويل، هي التفاوض مع دمشق لإقامة الحكم الذاتي السياسي للمنطقة الشمالية الشرقية من البلاد، مع السماح لقوات سوريا الديمقراطية بالاحتفاظ بقوة مسلحة مستقلة عن الجيش السوري». وهما أمران، لم توافق دمشق عليهما، وهي متشددة في رفضهما بطريقة تقترب فيها من موقف أنقرة التي كان همها «تقطيع أوصال» أي إمكانية لقيام «كردستان سوريا». أما موسكو، فهي تحاول أن تلعب دور «الوسيط» بين ثلاثة فرقاء متحاربين: دمشق، أنقرة، الأكراد.
واشنطن، ترى التصعيد التركي في شرق الفرات، والتصريحات القادمة من أنقرة. لكنها في الوقت نفسه، تذهب إلى أن التوترات الحاصلة في شرق الفرات هي «محلية وليست استراتيجية» لن تغيّر كثيراً من «خطوط التماس» التي استقرت في شتاء 2019 بعد عملية «نبع السلام» التي قام بها الجيش التركي بين رأس العين وتل أبيض من جهة وتوقيع «قوات سوريا الديمقراطية» اتفاقاً مع دمشق لنشر جزئي لقوات الحكومة في تلك المنطقة من جهة أخرى. لذلك، فإن واشنطن «تستعمل تأثيرها الدبلوماسي لضبط التوتر هناك وألا تحصل عملية عسكرية تركية في شرق الفرات». كان بين ذلك، جهود لإبعاد قادة ورموز «حزب العمال» من شرق الفرات وترتيب «البيت الكردي».
استطراداً، فإن واشنطن تضع عدم عودة الحكومة إلى إدلب ضمن «أدوات الضغط» على دمشق، وهي تقدم دعماً لوجيستياً ودبلوماسياً لأنقرة لتحسين موقفها العسكري والتفاوضي مع موسكو. وحسب المسؤول الأميركي، فإن الجيش التركي نشر أكثر من عشرين ألف جندي وعشرات القواعد والنقاط وآلاف الآليات وبعض منصات الصواريخ، أي شمال غربي سوريا، لـمنع أي عملية عسكرية سورية فيها. وقال: «أي عملية شاملة في إدلب كما حصل في ربيع العام الجاري، ستكون انتحارية بالنسبة للجيش السوري. وفي سيناريو كهذا قد تسقط حلب. تركيا تريد الحفاظ على خطوط التماس ولا تريد إجراء أي مقايضة بين إدلب ومناطق أخرى. وهناك دعم من أميركا وحلف شمال الأطلسي لهم في ذلك».
المتوقَّع، أن يقوم فريق بايدن بعد استقراره باستخدام «أدواته» في التفاوض مع موسكو وربما طهران وأنقرة لتفحص مستقبل «الوديعة الكردية»، مع بعض المقايضات بين «ساحات محلية» مختلفة وقضايا كبرى... باعتبار أن سوريا ستكون في قائمته الإقليمية!



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.