«الفتح» يقطع الطريق على مسعى الصدر لـ«ترميم البيت الشيعي»

التحالف الذي يتزعمه العامري قرر خوض الاقتراع في العراق بمكوناته نفسها

متطوع يقدم هدية لعنصر أمن في بلدة قرقوش المسيحية في شمال العراق أمس (أ.ف.ب)
متطوع يقدم هدية لعنصر أمن في بلدة قرقوش المسيحية في شمال العراق أمس (أ.ف.ب)
TT

«الفتح» يقطع الطريق على مسعى الصدر لـ«ترميم البيت الشيعي»

متطوع يقدم هدية لعنصر أمن في بلدة قرقوش المسيحية في شمال العراق أمس (أ.ف.ب)
متطوع يقدم هدية لعنصر أمن في بلدة قرقوش المسيحية في شمال العراق أمس (أ.ف.ب)

بلا ترميم للبيت الشيعي، طبقاً للدعوة التي كان أطلقها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فاجأ «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري، القوى الشيعية، بدخوله الانتخابات بتشكيلته نفسها التي دخل بها انتخابات عام 2018، زائداً المجلس الأعلى بزعامة همام حمودي. وفيما كان زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، دعا إلى بناء تحالف عابر للمكونات، فإن «تحالف الفتح» حسم الجدل بشأن كلا الدعوتين: دعوة الصدر الخاصة بالبيت الشيعي، ودعوة الحكيم الخاصة بالبيت العراقي.
كان القيادي في «تحالف الفتح» والنائب في البرلمان عن «كتلة الصادقون» البرلمانية نعيم العبودي، أعلن في تغريدة على «تويتر»، أن «المكتب الانتخابي للتحالف أعلن رسمياً عن قرار خوضه الانتخابات المقبلة بمكوناته السابقة، وضمن قائمة موحدة»، مبيناً في الوقت نفسه أن هذه الخطوة تعبر عما سماه «المنافسة الشريفة سعياً لبناء العراق».
ويضم «تحالف الفتح»، «منظمة بدر» بزعامة هادي العامري الذي أصبح الأمين العام للتحالف، وكتلة «صادقون» التابعة لـ«عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي، وكتلة «سند» بزعامة أحمد الأسدي، و«المجلس الأعلى» بزعامة همام حمودي الذي يدخل للمرة الأولى إلى هذا التحالف.
وفيما يتوقع المراقبون أن تبدأ باقي القوى الشيعية الرئيسية (ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي و«سائرون» المدعومة من مقتدى الصدر، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«ائتلاف النصر» بزعامة حيدر العبادي)، بإعادة النظر في سياق عملها بعد إعلان «الفتح» تشكيلته للانتخابات المقبلة، فإن الحملة المقبلة سوف تشهد تنافساً كبيراً، كون كل هذه القوى تتنافس على المحافظات نفسها، بدءاً من بغداد إلى البصرة جنوباً. مع ذلك فإن الحكيم، وخلال حضوره مساء أول من أمس القداس الخاص بميلاد السيد المسيح الذي أقامته عدد من كنائس بغداد، جدد التأكيد في كلمته التي ألقاها على أهمية التحالف العابر. وفي هذا السياق، قال الحكيم إن «الانتخابات المبكرة تمثل فرصة لمعالجة التحديات والمحن وتحويلها إلى منح»، مجدداً موقفه الداعم «لبناء تحالف عابر للمكونات بوصفه يمثل معادلة النجاح لإنهاء الأزمة السياسية».
التيار الصدري، طبقاً لما أعلنه صالح محمد العراقي، المقرب من الصدر، بدأ بوضع المعايير الخاصة بمرشحيه للانتخابات المقبلة بعد أن بدا أن دعوة الصدر إلى ترميم البيت الشيعي لم تلق آذاناً صاغية من زعامات هذا البيت. وقال ممثل الصدر مخاطباً الصدريين، إنه في الوقت الذي يحق لهم الترشيح للانتخابات المقبلة، إلا أنه هذه المرة يريد «مرشحاً صدرياً خالصاً، بما في ذلك إخضاعه لإجراء بعض الاختبارات في الأحكام الشرعية والعقائدية واللغة والسياسة والخطابة وغيرها من الأمور».
وحول إعلان «تحالف الفتح» خوضه الانتخابات بتشكيلته نفسها، يقول الدكتور نعيم العبودي عضو البرلمان العراقي عن «الفتح»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحالف الفتح لا يزال كتلة متماسكة داخل البرلمان، لكن الجديد في إعلان منتخبه الانتخابي العمل بموجبه أن قانون الانتخابات هذه المرة يختلف عن القانون السابق، وهو دوائر متعددة، وبالتالي دخول كتل وأحزاب في التحالف تكون معقدة في مشاركة هذه الأحزاب في هذه الدوائر»، مبيناً أن «قيادات (الفتح) اتفقت على آلية معينة لخوض الانتخابات المقبلة، وهي الدخول ككتلة وتحالف في الانتخابات، مع مراعاة طبيعة الدوائر التي تضمنها القانون الجديد».
وبشأن دعوة الصدر إلى ترميم البيت الشيعي، و«الفتح» جزء من هذا البيت، يقول العبودي إن «بشأن دعوة الصدر إلى ترميم البيت الشيعي، نرى أن الحوارات مهمة على هذا الصعيد، لأن ترميم البيت الشيعي يمكن أن ينعكس إيجاباً على باقي البيوت، لكن نحتاج في الواقع إلى حوارات معمقة بهذا الاتجاه، بالإضافة إلى وضوح بالرؤى في هذا المجال».
إلى ذلك أكد السياسي العراقي نديم الجابري، أن التيار الصدري «تراجع عن ترميم البيت الشيعي» مثلما أن «اهتزاز العملية السياسية دفع البعض لطرح عقد جديد». وأكد الجابري أن «القوى الحالية غير قادرة على المراجعة والتصحيح».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.