كيف ينظر الليبيون إلى بقاء وليامز على رأس البعثة الأممية؟

بعد اتهامها بمناصرة «تيار الإسلام السياسي»

ستيفاني وليامز (إ.ب.أ)
ستيفاني وليامز (إ.ب.أ)
TT

كيف ينظر الليبيون إلى بقاء وليامز على رأس البعثة الأممية؟

ستيفاني وليامز (إ.ب.أ)
ستيفاني وليامز (إ.ب.أ)

تباينت آراء ومواقف السياسيين والنشطاء الليبيين حول إعلان الأمم المتحدة الأخير بشأن استمرار الأميركية ستيفاني وليامز، رئيسة البعثة الأممية بالإنابة، في موقعها بعد اعتذار البلغاري نيكولاي ميلادينوف عن تولي مهام المبعوث الأممي في ليبيا.
ففيما أكد البعض أن بقاء وليامز في هذا المنصب «سيكون مفيداً للمشهد السياسي في ليبيا»، اعتبر آخرون أن بقاءها «يمثل تعقيداً» له. وفي هذا السياق قال عضو مجلس النواب بطبرق، محمد عامر العباني، إن «وليامز كسابقيها من المبعوثين الدوليين لم تسع قط لإيجاد حل للأزمة الليبية، أكثر من سعيها لإدارة هذه الأزمة، بما يحقق فقط مصالح الدول الغربية في ليبيا»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بقاء وليامز سوف يعمق الأزمة لأنها داعمة لتيار الإسلام السياسي، وخاصة جماعة (الإخوان)، وبالتالي فقد أفسدت الحوار السياسي، الذي لن ينتج عنه إذا ما اكتمل، سوى اتفاق مشابه تماما لاتفاق الصخيرات».
وكان ملادينوف قد أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأنه «لن يتمكن من تولي منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا لأسباب شخصية وعائلية».
في المقابل، وعلى الرغم من تأييد الرأي السابق بأن «وليامز تدعم وتناصر تيار الإسلام السياسي»، أيد النائب بالمجلس نفسه، حسن الزرقاء، «بقاء المبعوثة بالإنابة لفترة مؤقتة، لا تتعدى ثلاثة أشهر»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن وليامز «قطعت شوطاً كبيراً في الحوار السياسي الليبي، الذي بدأته في مطلع نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، ولذلك فإن مجيء مبعوث جديد قد يعيد الأوضاع لنقطة البداية، أو على الأقل، سيستغرق وقتاً لفهم الحالة الليبية على الأرض. ونحن كليبيين لا نملك الوقت، فالأوضاع تتدهور يوماً عن يوم، اقتصادياً واجتماعياً، وربما عسكرياً أيضاً، وبقاؤها لمدة مؤقتة، قد يساهم في إيضاح الصورة للجميع حول قدرة الحوار السياسي على الاستمرار والنجاح من عدمه». من جهته، طالب المحلل السياسي الليبي، الدكتور محمد أبو راس الشريف، بـ«ضرورة النظر بواقعية لحقيقة تحكم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالمشهد الليبي، وما يعني ذلك بالتبعية ضرورة حصول المبعوث الأممي الجديد على رضا ودعم هذه الدول لينجح في مهمته». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن وليامز أميركية الجنسية، و«بالتالي فإن بقاءها قد يكون مفيداً، لكونها تحظى بدعم واشنطن، والأخيرة دفعت بقوة بالفترة الأخيرة لحلحلة الأزمة الليبية».
إلا أن الشريف عاد ليستدرك: «بالطبع لا نستطيع القول إن جهود وليامز والإدارة الأميركية وحليفتها بريطانيا، أو حتى دول جنوب المتوسط كفرنسا، ستحقق حلا مثاليا للأزمة الليبية؛ لكنهم يسعون لتحقيق قدر من الاستقرار النسبي، الذي يساهم في تأمين مصالحهم ببلادنا، وقد يكون في حد ذاته أمراً جيداً للحالة الليبية».
ولم يبتعد الناشط السياسي بالجنوب الليبي، جعفر الأنصاري، عن الرأي السابق، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «الثقافة والذهنية الليبية تقيم وزناً لجنسية المبعوث، وليس غريباً على الشارع الليبي الساخر من أحواله، أن يطالب ببقائها، باعتبارها شخصية قوية قادرة على التصدي لديناصورات السياسة الليبية»، على حد وصفه.
وكانت وليامز قد خاطبت الليبيين خلال إحدى جولات ملتقى الحوار السياسي الليبي، التي استضافتها تونس في نوفمبر الماضي، قائلة: «كما تعلمون، لقد انقرضت الديناصورات... والديناصورات السياسية تواجه بصراحة مصير الانقراض ذاته، في حال لم تثبت أهميتها». وهو ما اعتبره مراقبون للشأن الليبي حينها «إشارة لبعض السياسيين الذين يحاولون إفساد الحوار السياسي، أو عرقلته بهدف الحفاظ على مواقعهم».
وأشاد الأنصاري «بما أحدثته وليامز من اختراق على الصعيد الاجتماعي، لكونها أول مبعوث يتصرف بجدية، ويطالب بمعالجة مشكلة عدم وجود أوراق ثبوتية لأبناء قبائل الجنوب الليبي وخاصة الطوارق».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.