ابتكارات تصميم المكان تعيد جاذبية الصحراء للسعوديين

تتميز بتعدد مواقعها السياحية وانتشار سلاسلها الجبلية بإطلالاتها الساحرة

يرتفع الإقبال على الرحلات البرية مع اعتدال الأجواء (الشرق الأوسط)
يرتفع الإقبال على الرحلات البرية مع اعتدال الأجواء (الشرق الأوسط)
TT

ابتكارات تصميم المكان تعيد جاذبية الصحراء للسعوديين

يرتفع الإقبال على الرحلات البرية مع اعتدال الأجواء (الشرق الأوسط)
يرتفع الإقبال على الرحلات البرية مع اعتدال الأجواء (الشرق الأوسط)

في مثل هذه الفترة من العام الماضي، كانت العاصمة السعودية تحتفل ليلاً نهاراً، بموسمها الذي استضاف مختلف الفعاليات وأضخمها؛ ولكن قبل نهاية الموسم، واجه العالم جائحة (كوفيد - 19)، التي عطّلت هذا النوع من الفعاليات، والتي كانت تجمع مئات الألوف يومياً في الموقع نفسه.
اليوم، وبعد أن عادت الحياة بضوابط وإجراءات وقائية، ومع بداية توزيع اللقاحات، يعود السعوديون إلى متنفسهم الذي كان المكان الأفضل للترفيه في العقود الماضية، خصوصاً مع اعتدال الأجواء، وبعيداً عن صخب المدينة؛ بيد أنّ هذه المرة جاءت مختلفة في شكلها وما يصحبها من أحداث، لترسم شكلاً جديداً لهذا النوع من الترفيه.
المتنفس الذي كان السّعوديون يشدّون رحالهم إليه للترويح هو «الصحراء»، حيث الهدوء والطبيعة والهواء العليل، وهو المكان الذي شهد تطوراً في السنتين الأخيرتين بالنشاطات والإمكانيات، وذلك مع دخول شركات ومؤسسات في هذه الصناعة، بعد أن مكّنتهم الجهات الرّسمية، مثل وزارة السياحة والهيئة السعودية للسياحة، من ناحية التصاريح اللازمة، ودعمهم من خلال تطبيقات وبرامج للسياحة في السعودية كتطبيق «روح السعودية»، إضافة إلى الحملة التي أُطلقت مؤخراً لتسليط الضوء على الفعاليات القريبة من السعوديين والتي كانت باسم «الشتاء حولك».
وفّرت هذه الشركات العديد من الأنشطة المصاحبة للحدث الأساس «الخروج إلى الصحراء»، لممارسة رياضات وأنشطة مختلفة مثل الهايكنغ وركوب الخيل والدراجات النارية والطهي وقيادة السيارات رباعية الدفع فوق الكثبان الرملية.
خاضت «الشرق الأوسط» تجربة فريدة مع إحدى الشركات المنظمة للرّحلات البرية، وتحدثت بعدها مع المستثمر في القطاع السياحي، محمد جميل، الذي قال إنه في بداية استثمارهم في هذا المجال، تخوّفوا من مناسبة التوقيت للاستثمار وتحديد الشريحة المستهدفة بشكل صحيح، خصوصاً في ظل جائحة (كوفيد - 19) وتأثيرها على الوضع الاقتصادي، إلّا أنّ الهيئة السعودية للسياحة ووزارة السياحة سخّرتا كلّ ما من شأنه تذليل الصّعوبات والعقبات لإبراز خدماتهما.
وأضاف جميل أنّه على الرّغم من أنّ ربط مفهوم رياضة الهايكنغ بالرحلات البرية ومصاحبة الفعاليات الترفيهية، بحد ذاته أمر مستحدث، فقد لاقى في بدايته صعوبة في الطرح، إلّا أنّهم وجدوا الكثير من الفئات العمرية المختلفة متلهفة لخوض هذه التجربة من خلال برامجهم ورحلاتهم الأسبوعية بالتعاون مع «روح السعودية» و«شتاء السعودية»، مؤكداً أنّ الإقبال الكبير على هذه الفعاليات، وذلك بعد ترسيخ مفهوم السياحة الدّاخلية وتقديم خدمات ذات جودة عالية، ليفوق الطلبُ العرض، الأمر الذي بدوره كوّن فرصاً استثمارية لذوي الخبرة اللازمة لطرح خدماتهم، حسب قوله.
وتعد الرّحلات البرية نموذجاً يُستخدم في العديد من دول العالم، إلّا أنّ الاختلاف يقع في جودة صحاري السعودية واسعة الحدود ومختلفة التضاريس.
ويضيف محمد جميل قائلاً: «تتميّز التجربة السعودية بتعدد مواقعها السياحية وانتشار سلاسلها الجبلية بإطلالاتها الساحرة وواجهاتها الساحلية، وانتشار كثبانها الرملية الواسعة، وهذا النوع من الخدمات يتميز بمرونته العالية حيث يمكن إضافة كل ما من شأنه الرّقي بجودة الخدمة. وبالإضافة إلى كل ذلك، فلا يزالون في مرحلة دراسة السوق وبحث فرص التطوير بشكل مستمر».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».