قمة «إيقاد» تبحث التوتر السوداني ـ الإثيوبي والنزاع الصومالي ـ الكيني

حمدوك التقى آبي أحمد... ودعوة إلى الحوار لحل الخلافات

حمدوك وآبي أحمد خلال لقائهما في جيبوتي أمس (أ.ف.ب)
حمدوك وآبي أحمد خلال لقائهما في جيبوتي أمس (أ.ف.ب)
TT
20

قمة «إيقاد» تبحث التوتر السوداني ـ الإثيوبي والنزاع الصومالي ـ الكيني

حمدوك وآبي أحمد خلال لقائهما في جيبوتي أمس (أ.ف.ب)
حمدوك وآبي أحمد خلال لقائهما في جيبوتي أمس (أ.ف.ب)

انطلقت أمس، في العاصمة الجيبوتية، القمة الاستثنائية لدول الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد - IGAD) التي تبحث في عدد من القضايا الخلافية، على رأسها الحرب في إقليم تيغراي بإثيوبيا، والاعتداءات الإثيوبية على السودان، إلى جانب التوترات الأخيرة بين كينيا والصومال.
كما تناقش القمة «عملية السلام والأمن الجارية في السودان وجنوب السودان»، وفق ما نقلت الرئاسة الكينية، في بيان، عن كلمة ألقاها قبل الجلسة المغلقة، رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الرئيس الحالي للهيئة.
ويشارك في القمة، إضافة إلى حمدوك، رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله، ورئيس كينيا أوهورو كينياتا، ورئيس الصومال محمد عبد الله، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد. ويمثل جنوب السودان نائبة الرئيس ريبيكا قرنق، وأوغندا السفيرة ريبيكا أوتينغو.
والتقى حمدوك مع آبي أحمد على هامش القمة، في وقت تصاعدت فيه التوترات بين إثيوبيا والسودان على حدودهما المشتركة، لكن تمت الدعوة لوقف إطلاق النار بعد اشتباكات سابقة، حسبما أفادت تقارير.
وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية لوكالة الأنباء الألمانية أن «هناك عدداً من التحركات من الجيش السوداني في المناطق الحدودية المتاخمة للحدود الإثيوبية بولاية القضارف ومن بينها منطقتا جبل أبو طيور الكبرى والصغرى». وقال إن القوات المسلحة تلقت تقارير عن وقف إطلاق النار بين القوات المسلحة السودانية والميليشيات الإثيوبية. وقال: «نحتاج إلى ساعات لتحديد المناطق التي حررها الجيش السوداني».
ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، الذي يحضر القمة أيضاً، أعضاء «إيقاد» إلى مساعدة إثيوبيا في التعامل مع الأزمة الإنسانية الناجمة عن النزاع الأخير في إقليم تيغراي الانفصالي، وفق ما ذكر بيان الرئاسة الكينية.
أرسل آبي أحمد، الحائز جائزة نوبل للسلام، العام 2019، الجيش إلى تيغراي لفرض سلطة «المؤسسات الشرعية» وتقديم قادة جبهة تحرير شعب تيغراي، الذين واجهوا السلطة المركزية لعدة أشهر، إلى العدالة.
وعلى الرغم من انتهاء العملية العسكرية التي أعلنتها أديس أبابا في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) بالسيطرة على العاصمة الإقليمية ميكيلي، فإن القتال مستمر في تيغراي، وفق الأمم المتحدة، التي أعربت عن أسفها لقيام السلطات الإثيوبية بتقييد وصولها إلى المنطقة.
كما دعا موسى فقي محمد كينيا والصومال إلى إجراء حوار لتخفيف حدة التوتر بينهما، بحسب البيان. وقطع الصومال في 15 ديسمبر (كانون الأول) علاقاته الدبلوماسية مع كينيا، لاتهامها بالتدخل في شؤونه، بعد أشهر من التوتر المتزايد بين البلدين.
وكينيا مساهم رئيسي في قوة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم)، التي تحارب «حركة الشباب» المتطرفة المرتبطة بـ«تنظيم القاعدة»، وتدعم الحكومة الصومالية الهشة التي لا تسيطر إلا على جزء من الأراضي الصومالية.
ونقاط الخلاف كثيرة بين البلدين، أبرزها في ولاية جوبالاند، جنوب الصومال، على الحدود مع كينيا. وتعتبر كينيا هذه المنطقة عازلة بين أراضيها و«جماعة الشباب» المتطرفة وتدعم الرئيس الإقليمي أحمد مادوبي.
وتضم هيئة الإيقاد 7 دول، هي جيبوتي (المقر)، وكينيا، وأوغندا، والسودان، وإثيوبيا، وجنوب السودان، والصومال، بالإضافة إلى إريتريا التي علقت عضويتها في عان 2007.



«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

​ «مساعٍ حثيثة» من الوسطاء لعودة التهدئة في قطاع غزة، تقابلها تهديدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«سحق حماس»، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وتسريبات بوسائل إعلام بلاده عن رفض مقترح الحركة بصفقة شاملة لتبادل الرهائن والأسرى تصل إلى 5 سنوات.

ذلك التباين الذي يصل إلى ذروته مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد نحو أسبوعين، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، محاولة متعمدة من نتنياهو لعدم تهديد مستقبله السياسي الذي يقف على حافة الانهيار، غير أنهم يرون أن ضغوط واشنطن، وتكثيف الوسطاء الجهود لحلول توافقية، مع دعم دولي قبل الزيارة المرتقبة للمنطقة، ستسهم في الذهاب لاتفاقات مرحلية وهدنة إنسانية وأخرى مؤقتة مع تضمينها إنهاء الحرب، خصوصاً أن البيت الأبيض غير راغب في صراع مفتوح من دون سقف، حرصاً على مصالحه بالشرق الأوسط.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر سياسي ببلادها، قوله إن حكومة نتنياهو «ترفض مقترحاً لوقف إطلاق النار بغزة 5 سنوات يشمل إعادة كل المخطوفين»، مؤكداً أنه «لا فرصة للسماح لـ(حماس) بعودة التسلح والانتعاش».

فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وجاء الرفض بعد ساعات من خطاب مطول ألقاه نتنياهو، أكد خلاله أمرين هما: «سحق حماس» و«رفض الدولة الفلسطينية»، قائلاً: «فكرة أن الدولة الفلسطينية ستجلب السلام هي فكرة هراء، ولقد جربناها في غزة، سيتم سحق (حماس)، ولن نضع السلطة الفلسطينية هناك. لن نستبدل بنظام يريد تدميرنا، آخر يريد القيام بذلك».

لكن عائلات الأسرى الإسرائيليين، رفضت في بيان صحافي الاثنين، مسار نتنياهو الذي وصل إلى ذروته برفض المقترح، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض أخيراً، وقالت العائلات: «نطالب بإعادة المخطوفين دفعة واحدة وإنهاء الحرب، وندعو للتظاهر مساء الأربعاء في تل أبيب للمطالبة بإعادة المخطوفين».

وكان مصدر مطلع بـ«حماس» كشف لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، أن الحركة «قدمت عبر الوسيط المصري، خلال لقاء السبت، رؤيتها الشاملة لإنهاء الحرب»، متضمنة مبادرة متكاملة تنص على «تنفيذ صفقة تبادل تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، والقبول بهدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات».

وتتضمن الرؤية «الالتزام بالرؤية المصرية لإدارة قطاع غزة من خلال (لجنة إسناد مجتمعي)، مع تأكيد (حماس) عدم مشاركتها في هذه الإدارة ودعم جهود إعادة الإعمار، وتقديم ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، بما يسهّل تطبيق الاتفاق»، بحسب المصدر المطلع.

وجاءت زيارة «حماس» إلى القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع، بعد أيام من زيارة لتركيا ولقاء وزير الخارجية التركي، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة» في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي اللواء أحمد الشحات، يرى أن ما يصدر عن إسرائيل هو إصرار على استمرار الحرب والتوسع في احتلال غزة، ومحاولة لإفشال ضغوط الوسطاء التي تتواصل، ومحاولة لـ«استفزاز حماس» للتعنت وتحميلها أمام ترمب فشل أي مفاوضات.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، فإن تهديدات نتنياهو والتسريبات الإسرائيلية محاولة لإعاقة جهود الوسطاء والإبقاء على الحرب ولو لمائة عام، بهدف منع أي اتفاق شامل قد يجعل رئيس وزراء إسرائيل في مواجهة مساءلات داخلية تهدد بقاءه السياسي، مشيراً إلى أنه يدرك أن صفقة الـ5 سنوات كفيلة بأن تزيله هو شخصياً، وتجعله تحت المساءلة، وبالتالي يرفضها كلياً، وقد يرغب في اتفاق مرحلي للتهدئة دون التزام بوقف إطلاق النار استجابة لترمب قبل زيارته المنطقة.

في المقابل، لا يزال الوسطاء يتمسكون بممارسة مزيد من الضغوط وسط دعم دولي يتوسع لدعم ذلك المسار، وقال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة بمؤتمر بالدوحة الاثنين، إن قطر ستواصل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة، وتأمين تدفق المساعدات دون عوائق إلى القطاع.

وبالتزامن، دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها في إسرائيل، إلى وقف «المذبحة» التي تجري في غزة، وأكدت «الخارجية» البريطانية أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم «تاريخية» مع الجانب الفلسطيني، تُكرّس الالتزام بتعزيز الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين، بحسب وسائل إعلام غربية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ويرى اللواء الشحات أن الوسطاء يحاولون حشد المجتمع الدولي والإقليمي، ويحثون واشنطن للضغط على إسرائيل في بند الملف الإنساني لترجمته لهدنة إنسانية في أقرب وقت، مع كبح جماحها في الحرب وتقديم مقترحات توافقية تستغل زيارة ترمب للمنطقة، ورغبته في تحقيق نصر سياسي له بالضغط على نتنياهو للذهاب لاتفاق مرحلي، متضمناً بحث إنهاء الحرب، مؤكداً أن الأخير وصل بهذا الرفض إلى الذروة، وقد يسفر عنه تدخل ترمب ليعلن أنه صاحب تحقيق الهدنة.

وبحسب نهرو جمهور، فإن الوسطاء سيواصلون الضغط لإقناع الطرف الفلسطيني بإبرام اتفاقات مرحلية تمهد لاتفاق شامل، وكذلك بالضغط على الجانب الأميركي لتحجيم رغبات نتنياهو في استمرار الحرب، معتقداً أن واشنطن ليست لديها رغبة في استمرار الصراع لما لا نهاية، وقد تنتصر للمعارضة الإسرائيلية بترتيبات جديدة بالمنطقة؛ منها اتفاق شامل لو استمر تعنت نتنياهو، أو إجباره على اتفاق ولو بشكل مرحلي.