السعودية وروسيا لمواصلة العمل على توازن سوق النفط

عبد العزيز بن سلمان أكد أن {الشراكة بين البلدين أقوى من أي وقت مضى}

الأمير عبد العزيز بن سلمان وألكسندر نوفاك خلال المؤتمر الصحافي في الرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
الأمير عبد العزيز بن سلمان وألكسندر نوفاك خلال المؤتمر الصحافي في الرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
TT

السعودية وروسيا لمواصلة العمل على توازن سوق النفط

الأمير عبد العزيز بن سلمان وألكسندر نوفاك خلال المؤتمر الصحافي في الرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
الأمير عبد العزيز بن سلمان وألكسندر نوفاك خلال المؤتمر الصحافي في الرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)

أكدت السعودية وروسيا عزمهما مواصلة العمل في توازن سوق النفط، في الوقت الذي شدد فيه البلدان على أهمية التعاون بين منظمة أوبك والدول المنتجة غير الأعضاء، وذلك كآلية مهمة لدعم استقرار أسواق النفط العالمية.
كما أكد الطرفان تعزيز التعاون في 9 محاور رئيسية، في حين كشف الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، عن اتفاق مع الجانب الروسي على عقد اجتماع بشأن سوق النفط في 4 يناير (كانون الثاني) المقبل، على أمل انعقاد اجتماع اللجنة الحكومية السعودية الروسية المشتركة في مارس (آذار) المقبل حضورياً.
وجاءت تلك التأكيدات في مؤتمر صحافي مشترك لوزير الطاقة السعودي أمس في الرياض، مع نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، في إطار اللجنة السعودية الروسية المشتركة، في وقت تطرق فيه الطرفان لتعزيز التعاون بمجالات الصناعة، والفضاء، وتقنيات المعلومات والاتصالات.
وشدد الاجتماع على التزام البلدين بميثاق التعاون بين الدول المنتجة للبترول، الذي وقّعه وزير الطاقة السعودي ونظيره وزير الطاقة الروسي، بحضور قيادتي البلدين، في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، لأنه يوفّر منصة متميزة للحوار والتعاون بين الدول المنتجة للبترول، على المستوى الوزاري والتقني، لما فيه صالح الدول المنتجة والمستهلكة للبترول، وكذلك الاقتصاد العالمي.
وأكد اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة في الرياض أمس، على أهمية الإطار الاستراتيجي السعودي الروسي، للمواءمة بين الاستراتيجيات الوطنية للبلدين، ومواصلة العمل على توسيع التعاون التجاري والاقتصادي والصناعي والاستثماري بين البلدين في إطار صيغ التعاون الثنائي.
ولفت إلى مشاركة الطرفين كمشاركين رئيسين لاتفاق أوبك بلس، وللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج، بفاعلية التعاون الثنائي الاستباقي بين البلدين، وكذلك تعاونهما الثنائي، والتعاون المتعدد الأطراف مع البلدان المشاركة الأخرى، في تعزيز استقرار أسواق البترول العالمية، خلال جائحة «كوفيد 19»، مع التأكيد على أهمية التزام الدول المشاركة بالاتفاق، وخفضها إنتاجها، وتعويضها عن الكميات الزائدة الإنتاج، حسب مقتضى الاتفاق، وأهمية الاستمرار في مراقبة السوق، عن كثب، والعمل، بشكل استباقي، مع تعديل حجم الإمدادات تدريجياً، ووفقاً لمتطلبات السوق، لتسريع عودة التوازن إليها.
وأكد الطرفان على تعزيز التعاون الثنائي، في مجال الطاقة، بين الجهات ذات العلاقة في مجالات الزيت والغاز، والكهرباء، وكفاءة الطاقة، والطاقة البديلة، وتقديم الدعم للتغلب على أي تحديات تواجه هذا التعاون، مع التأكيد على أهمية تنفيذ البيان المشترك بشأن الطاقة والمناخ، الذي تم التوقيع عليه في عام 2018، والتنسيق بشأن القضايا والمبادرات المتعلقة بتغير المناخ، بما في ذلك الاقتصاد الدائري للكربون، وتقنيات الطاقة النظيفة، التي تركز على الانبعاثات، ووقود الطيران الأقل كربونا - المُستخلص من الزيت - في منظمة الطيران المدني الدولي.
وشددا على تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الصناعة، والفضاء، وتقنيات المعلومات والاتصالات، والتنمية الحضرية، والتمويل والمصارف، والنقل، والتعليم والثقافة، والقطاعات الأخرى.
وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان: «سنعزز التعاون الثنائي في كامل نطاق النشاط الاجتماعي والاقتصادي، ابتداء من قطاعات التكنولوجيا المتقدمة كالفضاء وتقنية المعلومات والاتصالات، وانتهاءً بالتعاون في التعليم وتبادل المعرفة والأنشطة الثقافية»، مشيراً إلى أن الشراكة بين البلدين أقوى من أي وقت مضى، وسيجعلها هذا اللقاء أشمل وأدوم.
وزاد: «إن علاقة دولتينا هذه الأيام لتمتد إلى ما هو أبعد بكثير من الطاقة، فإطار التعاون الاستراتيجي السعودي الروسي رفيع المستوى الذي وقعته الدولتان في أكتوبر العام الماضي يمثل مواءمة كاملة لاستراتيجياتنا الوطنية»، وأضاف: «الصندوقان السياديان لبلدينا: صندوق الاستثمارات العامة وصندوق الاستثمار المباشر الروسي، على تواصل مستمر ونشط لتقويم فرص الاستثمار على جميع الأصعدة بما يخدم مصالحنا المشتركة، ونحن الآن بصدد إنهاء إنشاء ممثليات وملحقيات تجارية في موسكو والرياض».
وتابع: «مثل هذه الاجتماعات أصبحت نادرة للأسف في عام 2020، لكننا اضطررنا إليها لمواجهة جائحة (كوفيد - 19)، وإني لأرجو أن تكون مثل هذه الاجتماعات أكثر شيوعاً في العام المقبل»، مشيراً إلى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التاريخية لروسيا في أكتوبر 2017، تعد معلما بارزا في العلاقات بين الدولتين، التي أثمرت عن توسيع تلك العلاقات وتعزيزها، «لا سيما خلال زيارة فخامة الرئيس فلاديمير بوتين للمملكة العام الماضي».
وتابع وزير الطاقة السعودي: «استجابتنا السريعة في أبريل (نيسان) الماضي، في تنظيم أكبر خفض لإمدادات النفط في التاريخ، في وقت كانت الجائحة قد أثرت كثيراً في الطلب العالمي، كانت محورية في وصولنا إلى ما نحن عليه اليوم، طريق إلى الانتعاش المستدام في أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي. إن اتفاقية أوبك بلس، وجميع الدول المشاركة فيها، تستحق الثناء على الدور الحاسم الذي لعبته في المساعدة على تحقيق ذلك».
وزاد: «أود أن أعرب هنا عن بالغ الشكر الخاص لروسيا، لقد وقفتم مع السعودية جنباً إلى جنب، ليس فقط خلال المفاوضات الصعبة لاتفاق أوبك بلس في 2020، بل كذلك خلال مداولات قمة مجموعة العشرين التي رأستها المملكة. فبدءاً من الاجتماع الحاسم لوزراء الطاقة لدول مجموعة العشرين في أبريل، حتى توقيع البيان الختامي في نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي أيد الاقتصاد الكربوني الدائري بصفته استراتيجية رئيسة لمواجهة تغير المناخ، كنا دوماً نستطيع الاعتماد على التأييد الثابت من روسيا».
وقال الأمير عبد العزيز: «كلي ثقة بأن هذا التأييد والتفاهم سيستمر في الشهور المهمة القادمة، حيث يجب أن يُخفَف بشيء من الحذر ذلك التفاؤل المصاحب لتوزيعات اللقاح المتسارعة. إن سوق النفط العالمي ما زال يعيش جوانب كثيرة من الغموض، وعلينا أن نكون براغماتيين واستباقيين ومرنين لضمان انتعاش مستدام لسوق النفط»، مشيراً إلى أن اللجنة المشتركة، ساهمت في تسريع وضع المبادرات المشتركة في عدد من القطاعات، حيث أطلقت الدورة السادسة للجنة المشتركة التي عقدت في موسكو في يونيو (حزيران) من العام المنصرم 108 مبادرات موزعة على 22 مشروعاً بصفتها جزءاً من خارطة الطريق 2017 - 2020 التي تقترب من استيفاء أهدافها.
من جهته، أوضح ألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، أن بلاده وضعت مع السعودية خريطة طريق للتعاون المشترك، مبيناً أن بلاده وضعت مع السعودية خططاً بشأن سوق النفط بعد انتهاء الجائحة، مشيراً إلى أن التعاون مع السعودية يهدف إلى استقرار سوق النفط عالمياً، لافتاً إلى التوقيع على اتفاقيات عدة بقيمة 5 مليارات دولار، ومشيراً إلى أن الزيارات المتبادلة بين موسكو والرياض دليل على مستوى التعاون.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.