المقداد يدعو الجيش الأميركي للانسحاب من سوريا... ويلوّح بـ«مقاومة شعبية»

قال إن الوجود الإيراني «شرعي ومحدود»... وحذّر أنقرة من «خطر الانفصاليين»

جندي أميركي على مدرعة {برادلي} في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
جندي أميركي على مدرعة {برادلي} في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

المقداد يدعو الجيش الأميركي للانسحاب من سوريا... ويلوّح بـ«مقاومة شعبية»

جندي أميركي على مدرعة {برادلي} في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
جندي أميركي على مدرعة {برادلي} في ريف الحسكة شمال شرقي سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)

دعا وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الإدارة الأميركية المنتخبة إلى إجراء «مراجعة لسياستها في سوريا» وقال إن الخيار أمامها «ألا تتأخر في سحب قواتها» ملوحاً بخيار «المقاومة الشعبية» في مناطق شرق الفرات. وحمل المقداد الذي يزور موسكو بقوة على تركيا، وقال إن سياسات أنقرة «تشكل تهديداً للأمن القومي العربي». لكنه دافع في المقابل على الوجود الإيراني ووصفه بأنه «شرعي ومحدود للغاية»، وأكد على حق طهران في مواجهة الضغوط الأميركية عليها.
وأجرى المقداد في ثاني أيام زيارة العمل إلى العاصمة الروسية، جولة مناقشات، مع نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الرئاسي الخاص إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأنه «تم التطرق خلال المباحثات إلى الملفات الإقليمية والدولية، مع التركيز بشكل خاص على مستجدات الوضع في سوريا».
وتوقف الجانبان وفقاً للبيان بشكل تفصيلي على نتائج عمل الجولة الرابعة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية، والجهد المشترك لموسكو ودمشق في دفع ملف عودة اللاجئين على خلفية نتائج مؤتمر اللاجئين الذي انعقد في سوريا الشهر الماضي. وكذلك في سياق الجهود المبذولة للمساعدة على إحلال الاستقرار في سوريا وإعادة إعمار البنية التحتية فيها. وأكد الجانبان سعيهما إلى «مواصلة تعميق الحوار السياسي حول مجمل قضايا الشرق الأوسط».
وتم تخصيص الجزء الأكبر من المناقشات خلال اجتماع جمع المقداد مع نائب آخر لوزير الخارجية الروسي هو سيرغي ريابكوف، إلى الوضع المتعلق بنشاط منظمة حظر السلاح الكيماوي وآليات التعامل الروسي - السوري معها. ويتولى ريابكوف هذا الملف في الوزارة في إطار إشرافه على ملفات الأمن الاستراتيجي والتسلح، وقالت الخارجية الروسية إن الطرفين بحثا أداء المنظمة الدولية التي «تحولت بنتيجة السياسيات الهدامة لبعض الدول الغربية من جهاز فني إلى أداة لتحقيق مخططات جيوسياسية ترفضها روسيا وسوريا».
وبحث ريابكوف مع المقداد مختلف نواحي جدول الأعمال في مجال الرقابة على الأسلحة ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. وأكد الجانبان سعيهما إلى «مواصلة التعاون الفعال في الساحات الدولية ذات الشأن».
وكان المقداد اتفق خلال لقائه مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، على تعزيز تنسيق الطرفين في التحركات المستقبلية في الأمم المتحدة ومنظمة حظر السلاح الكيماوي.
وكان لافتاً أن المقداد استغل وجوده في العاصمة الروسية لإطلاق تصريحات نارية ضد واشنطن، دعا فيها الإدارة الجديدة إلى المسارعة في اتخاذ قرار بسحب قواتها من سوريا، علماً بأن هذا الملف كان واحداً من النقاط التي نوقشت مع لافروف وبرز تطابق واسع في المواقف الروسية والسورية حولها. وقال المقداد في مقابلة تلفزيونية مع قناة «أر تي» إنه «لا يوجد تنسيق عسكري روسي - أميركي في سوريا»، موضحاً أن قنوات التنسيق القائمة «تقتصر على اتصالات منتظمة لمنع الاحتكاكات بين قوات البلدين وهذا أمر طبيعي». وزاد: «نحن ندعو إلى انسحاب القوات الأميركية وليس إلى إقامة أي تنسيق معها».
وفي تصعيد لافت للهجته، قال الوزير السوري أنه «إذا أرادت واشنطن أن تنسحب بشرف وكرامة فعليها أن تنسحب الآن، وألا تتأخر في اتخاذ القرار»، مضيفاً أن «المقاومة الشعبية موجودة في الشمال الشرقي وهي التي سوف تتكفل بإبعاد هذه الأوهام والأحلام الشيطانية الأميركية سواء للإدارة الراحلة من البيت الأبيض أو للإدارة المقبلة». وجدد التذكير بأن الوجود الأميركي في سوريا «يعد مخالفة صارخة للقوانين الدولية، والولايات المتحدة بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن عليها الالتزام بالقرارات المتعلقة بسوريا وبالقانون الدولي بشكل عام وإلا فإنها ستواجه مصيراً مماثلاً لما واجهته في مناطق أخرى لم تقبل النيل من سيادتها وسلامة أراضيها».
ولمح المقداد إلى استعداد سوري لفتح حوار مع واشنطن «يضمن انسحاباً وموقفاً أميركياً معتدلاً ومقبولاً حيال الأوضاع في المنطقة، وسياسة متوازنة حيال القضايا العربية يشمل وقف الدعم الأعمى لإسرائيل».
وزاد أن واشنطن اتخذت قراراً «لا يمكن تنفيذه عبر إعلان الموافقة على ضم الجولان لإسرائيل وقبل ذلك، ضم القدس»، مضيفاً أن «عليها (واشنطن) أن تجري مراجعة كاملة وجردة حساب لنتائج هذه السياسات الحمقاء».
وفي العلاقة مع إيران، قال المقداد إن واشنطن «لا يحق لها أن تتحدث عن وجود إيراني في سوريا، لأن هذا الوجود ليس على أراضي الولايات المتحدة». وزاد أن «الوجود الإيراني شرعي، وجاء بناء على طلب سوري، وهو وجود أصلاً متواضع جداً، ويقتصر على حضور مستشارين عسكريين».
ودافع عن الموقف الإيراني في مواجهة الضغوط المتعلقة بالبرنامج النووي، وقال إنه كان في زيارة أخيراً في طهران و«الإيرانيون ليسوا مستعدين لفتح أي تفاوض جديد على الاتفاق النووي، أما أن تعود واشنطن للالتزام به أو لا تعود، طهران ما زالت متمسكة بالتزاماتها وفقاً للاتفاق لكن يحق للدولة الإيرانية أن تتخذ القرارات المناسبة التي تخدم ملحتها الوطنية إذا لم تعد واشنطن للالتزام بالاتفاق الحالي».
ورأى أن محاولات «تثبيت أمر واقع جديد وشطب الاتفاقات السابقة المقرة من جانب المجتمع الدولي، ثم المطالبة بالتفاوض لإقرار اتفاق جديد أمر غير مقبول ومدان حتى من جانب بعض حلفاء واشنطن». وجدد دعوة واشنطن لـ«لإجراء مراجعة لسياساتها، والعودة إلى الاتفاقات التي أقرتها الإدارة الديمقراطية السابقة في الولايات المتحدة، لأنها فقدت مصداقيتها وثقة العالم بها، فمن سيوقع اتفاقاً مع إدارة يمكن أن تتراجع عنه بعد شهرين وتضع شروطاً جديدة عليه»؟
وسئل المقداد عن قرارات التطبيع مع إسرائيل، فقال إن دمشق «ملتزمة بقرارات القمم العربية التي تربط التطبيع بانسحاب إسرائيل من كل الأراضي المحتلة»، ملمحاً في المقابل إلى أن دمشق «لن تسمح بأن نواجه وضعاً جديداً نتحارب فيه كعرب وتكون إسرائيل هي المستفيد الوحيد من هذه المواجهة». وزاد أن «كل الدول العربية ستكون متضررة إذا نجحت إسرائيل في الاستفراد بكل منها». وحذر إسرائيل في الوقت ذاته، من أنها «تتوهم هي من يدعمها بالقدرة على الاحتفاظ بالأراضي المحتلة، وقد تابعنا أخيراً الانتفاضات التي شهدها الجولان ضد تركيب محطات هوائية».
وزاد أن الدعم العالمي لسوريا في ملف الجولان «لم يتراجع مثل الدعم العالمي للفلسطينيين، لذلك على أن إسرائيل أن تدرك أنها لن تكون قادرة على العيش بأمن وسلام في المنطقة من دون العودة إلى حدود الرابع من يونيو 1967».
وكان لافتاً أن المقداد تجنب خلال المقابلة الرد على سؤال حول استعداد دمشق لتطبيع العلاقات مع البلدان العربية، واكتفى بالتركيز عندما سئل عن توسيع وصول البضائع إلى بلدان عربية وما إذا كان هذا يدل على نضج الظروف لتطبيع علاقات دمشق مع محيطها العربي، بالحديث عن «الضغوط الأميركية في إطار قانون قيصر»، وأنه «لا بد من كسر هذا القانون لأنه لن تنجو منه أي دولة ترغب في التعامل مع سوريا».
كما تجاهل الرد على سؤال حول تطابق موافق الدول العربية ودمشق حيال توجهات أنقرة للتمدد في المنطقة، وما إذا هذا يؤسس لإطلاق عجلة مراجعة العلاقات العربية - السورية. وتوقف فقط عند أن «الخطر التركي واضح وجلي ويتمثل في دعم أنقرة لـ(الإخوان المسلمين) و(داعش) والقوى المتطرفة والانفصاليين». وزاد أن تحركات تركيا تشكل تهديداً للأمن القومي العربي و«الدول العربية يجب أن تنتبه إلى هذا الخطر، خصوصاً أن أنقرة تستفيد من بعض العلاقات مع بعض البلدان لتقسيم الموقف العربي». وزاد المقداد أن العلاقات الروسية التركية والعلاقات الإيرانية التركية «لن تكون أبداً على حساب مصالح الشعب السوري»، موضحاً أن «الطرفين الروسي والإيراني يتحدثان مع تركيا حول ضرورة الانسحاب من سوريا ووقف دعم المتطرفين والانفصاليين».
وفي إشارة لافتة، قال الوزير إن «تأخير أنقرة في سحب قواتها من سوريا يزيد من المخاطر الانفصالية التي تؤثر أصلاً على البلدين (سوريا وتركيا) ونستغرب أن تواصل أنقرة هذه السياسة التي تزيد من المخاطر على وحدة وسلامة الأراضي التركية».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».