بعد أن قلّصت وزارة الخارجية الأميركية عدد موظفيها في سفارتها في بغداد، اتجهت إلى خفض آخر في أعداد الموظفين التابعين لوكالة المساعدات والتنمية الأميركية، وهو إجراء استباقي للسلامة وحماية موظفيها وذلك بسبب التهديدات التي قد تتلقاها البعثات الدبلوماسية الأميركية في العراق من الميليشيات التابعة لإيران، في الذكرى الأولى لاغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي اغتالته طائرة درون قرب مطار بغداد مطلع العام الجاري.
وأوردت تقارير إعلامية أن خفض الأعداد الرسمية للدبلوماسيين الأميركيين ربما يضر بالمساعدات المخصصة للعراق التي تقدّر بنحو مليار دولار، وهي ضمن برنامج المساعدات الخارجية، مبينةً أن خفض الأعداد بلغ نصف إجمالي عدد الموظفين الأميركيين في العراق.
وحسب مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، فإن هذه الخطوة التي أصدرتها وزارة الخارجية، لن تترك سوى أربعة موظفين يعملون بدوام كامل في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، بالإضافة إلى الموظفين المعينين محلياً في السفارة لمراقبة مئات الملايين من الدولارات من برامج المساعدات الخارجية.
وقال عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين من مساعدي أعضاء الكونغرس المطلعين على الأمر للمجلة، إنّ مَن بقوا من الدبلوماسيين والموظفين لن يتمكنوا من ضمان تمويل المساعدات بشكل صحيح دون سوء الإدارة أو الكسب غير المشروع (السرقة) من تلك المساعدات، في حين وصف البعض القرار بأنه سريع وربما يقوّض استقرار العراق ويفتح فراغاً لإيران ووكلائها لكسب المزيد من النفوذ في البلاد.
وقال أحد مساعدي مجلس الشيوخ المطلعين على الأمر: «إذا أرادت إيران خروجنا من العراق ونحن نرحل تحت الضغط، فإننا نمنحهم ما يريدون، وهذا يعكس الإحباط المتزايد في الكونغرس بشأن طريقة تعامل الإدارة مع الشرق الأوسط».
بوجا جونجونوالا، الناطقة باسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، علّقت على قرار التخفيض بأنه يعود إلى مخاوف أمنية، لكنها قالت إن الوكالة «تعدّل باستمرار موقفها في السفارات والقنصليات في جميع أنحاء العالم، اعتماداً على المهمة والأمن المحلي، وموسم الإجازات»، مؤكدة أن هذا الخفض في أعداد الموظفين لن يؤثر على الموظفين العراقيين المحليين، كما جلبت الوكالة مراقبين من طرف ثالث متعاقد معهم لمحاولة ضمان المساءلة عن مشاريعها.
وتعد هذه الموجة الثانية من عمليات سحب الموظفين في سفارة الولايات المتحدة في بغداد، بعد أن أمرت إدارة الرئيس دونالد ترمب بمغادرة الدبلوماسيين وموظفي الإغاثة العام الماضي، مما قلل بشكل كبير من حجم الموظفين وترك أقل من 20 مسؤولاً في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والقرار الأخير سيترك أقل من 100 موظف للقيام بالأعمال الرئيسية بدوام كامل.
يُذكر أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تلعب دوراً مهماً في المهام الأميركية الشاملة في سوريا والعراق، والتي تأخذ على عاتقها دعم السكان المحليين في العراق وسوريا، وتجلب حسن النية تجاه الولايات المتحدة في الدول التي تساعدها، إذ خصصت الولايات المتحدة نحو 960 مليون دولار من المساعدات للعراق في السنة المالية 2019، و197 مليون دولار في السنة المالية 2020 حتى الآن، وفقاً لبيانات من الوكالة.
ويتزامن الانكماش الدبلوماسي والمساعدات في العراق مع انسحاب عسكري في اللحظة الأخيرة من المنطقة، فخلال الأسابيع الأخيرة لترمب في منصبه، يبدو أن إدارته تحاول تقليص حملتها لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، مع خفض وزارة الدفاع للقوات في العراق وأفغانستان ورحيل كبار المسؤولين الذين ينسقون تلك الحملات، وبعد توجيه رئاسي سيخفّض الجيش الأميركي عدد القوات في العراق من 3000 إلى 2500 بحلول 15 يناير (كانون الثاني).
واشنطن تخفّض المزيد من موظفيها في العراق
مع اقتراب «الذكرى الأولى» لاغتيال سليماني والمهندس
واشنطن تخفّض المزيد من موظفيها في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة