عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

حمد بن محمد آل الشيخ، وزير التعليم السعودي، أكد أول من أمس، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أن «اللغة العربية تعد ركناً أساساً من أركان هويتنا الوطنية، وتنوعنا الثقافي والحضاري في المملكة»، منوهاً بالجهود التي بذلتها المؤسسات التعليمية لخدمتها، والتعريف بها، والمحافظة عليها، والاعتزاز بقيمها، وغرسها في نفوس الطلاب والطالبات، إلى جانب العمل على تمكينها في الأنشطة والبرامج والفعاليات، ومن ذلك الاهتمام بالخط العربي كونه عنصراً أساساً في جمالية اللغة العربية.
> محمد معيط، وزير المالية المصري، منحه رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، وسام استحقاق الخدمة الدبلوماسية من الطبقة الأولى، تقديراً لجهوده المتميزة في تذليل العقبات وحل المشكلات التي تواجه الشركات والاستثمارات الكورية بمصر، في إطار تعزيز التعاون المشترك في شتى المجالات. وقلد سفير كوريا بالقاهرة، هونج جين ووك، نيابة عن رئيس بلاده، الوسام للوزير أول من أمس، كما قلد المهندس خالد نصير، رئيس «مجلس الأعمال المصري - الكوري»، وسام استحقاق الخدمة الدبلوماسية من الطبقة الثانية.
> محمد إلياس، سفير جمهورية السودان في القاهرة، استقبله أول من أمس محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، لإنهاء الترتيبات لاستقبال نخبة من الأئمة السودانيين لحضور دورة تدريبية مشتركة مع نخبة من زملائهم المصريين في قضايا تجديد الخطاب الديني، وفقه المواطنة، وأسس العيش المشترك، وتفكيك وتفنيد الفكر المتطرف، بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين، حيث تنطلق الدورة الأسبوع الحالي بمحاضرة مشتركة لوزير الأوقاف ونظيره السوداني الشيخ نصر الدين مفرح.
> الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، طالب أول من أمس، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، بضرورة الحفاظ على اللغة العربية، والنهوض بها، وشدد على أهمية النهوض باللغة كونها أداة التواصل والتعبير عن هويتنا وحضارتنا العريقة، موضحاً أن وظيفة اللغة في المجتمعات لا تقتصر على التواصل فحسب، بل هي الأداة التي يفكر بها الإنسان، والوعاء الذي يحفظ التراث الثقافي، وهي العامل الأول في انتشار الثقافة والتحضر.
> عصام بن عبد الله خلف، وزير الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني البحريني، استقبل أول من أمس وكيل شؤون البلديات الشيخ محمد بن أحمد آل خليفة، ومدير عام بلدية المحرق إبراهيم الجودر، وممثلي فرق العمل المطبقة لبرنامج الجودة بالوزارة، وممثلي الشركة المانحة لشهادة الجودة، وذلك بمناسبة حصول بلدية المحرق على شهادة (ISO 9001:2015 QUALITY MANAGEMENT SYSTEM)، وأكد أن الوزارة حريصة على رفع مستوى جودة خدمات العملاء، من خلال تطبيق أفضل الممارسات المعتمدة على المستوى الدولي.
> محمد أكرين، سفير المغرب لدى لبنان، استقبله أول من أمس شربل وهبة، وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، في بيروت. وبحثا خلال اللقاء كيفية تمتين وتعميق العلاقات الأخوية التي تربط بين البلدين.
> أحمد عبد الرحمن الساعاتي، سفير مملكة البحرين في موسكو، شهد أول من أمس احتفال السفارة بإحياء ذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة، وذكرى تولي ملك البلاد لمقاليد الحكم، حيث أعرب عن اعتزازه بما تحقق من إنجازات في عهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والمكانة التي وصلت إليها المملكة في مسيرة التنمية والبناء. وبهذه المناسبة، تلقت السفارة التهاني والتبريكات من كبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي، مشيدين بتقدم المملكة الملموس، وتطور مسيرتها التنموية الشاملة.
> الناها بنت هارون ولد الشيخ سيديا، وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة الموريتانية، أشرفت أول من أمس على انطلاق حملة للوقاية من مخاطر جائحة «كوفيد-19»، وذلك لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة ومرضى تصفية الكلي في عموم التراب الوطني. وتهدف الحملة إلى مواكبة الجهود الوطنية المبذولة للتصدي للموجة الثانية من الجائحة. وأكدت الوزيرة أن هذه الحملة تتضمن توزيع كميات معتبرة من الكمامات ومواد التعقيم والنظافة على المستهدفين، وذلك في إطار توجيهات الحكومة بمحاصرة الوباء.
> ألكسندر روداكوف، سفير روسيا الجديد في بيروت، كرمه أول من أمس المنتدى الاجتماعي للثقافة العربية «سفينة المحبة والسلام» في لبنان، وأعرب السفير عن أمله في أن يتم حل المشكلات التي يعانيها لبنان على مختلف الأصعدة، مؤكداً أن بلاده تقف إلى جانب الشعب اللبناني. ومن جانبها، أشارت رئيسة المنتدى، آسيا قاسم، إلى الدور المحوري الفعال الذي تلعبه روسيا، ورئيسها فلاديمير بوتين، على المستوى العالمي والإقليمي.
،



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)