تركيا تعلن انسحاب قواتها من 7 نقاط في شمال غربي سوريا

TT

تركيا تعلن انسحاب قواتها من 7 نقاط في شمال غربي سوريا

أكملت القوات التركية الانسحاب من 7 نقاط مراقبة عسكرية في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا تمت محاصرتها من جانب قوات النظام.
وانتهت القوات التركية من إعادة نشر القوات والمعدات والآليات العسكرية التي كانت تتواجد بهذه النقاط في نقاط أخرى تقع ضمن المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا في جنوب إدلب.
وبدأت القوات التركية الانسحاب من هذه النقاط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بموجب اتفاق مع روسيا. ومن أهمها نقطة مورك الاستراتيجية في شمال غربي حماة وشير مغار ونقاط أخرى في سراقب شرق إدلب. وفي المقابل أقامت القوات التركية 3 نقاط جديدة في جبل الزاوية جنوب إدلب.
ودفعت تركيا على مدى الشهرين الماضيين، ولا تزال بتعزيزات ضخمة إلى نقاط المراقبة وسط تأكيدات بأن إخلاء النقاط التي أصبحت محاصرة من جانب قوات النظام يمثل عملية إعادة انتشار في إطار الاتفاق مع روسيا ولا يتضمن أي تقليص للقوات التركية في شمال غربي سوريا.
وأقامت تركيا 68 نقطة مراقبة عسكرية في المنطقة منذ العام 2018 في إطار اتفاق خفض التصعيد الذي أسفر عنه مسار أستانة بضمان كل من روسيا وتركيا وإيران.
وحاصرت قوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا عدة مواقع عسكرية تركية العام الماضي. وتعهدت تركيا بعدم ترك أي موقع تسيطر عليه في المنطقة، لكنها بدأت الانسحاب في أكتوبر الماضي بضغوط من موسكو.
وفي هذا السياق، نقلت «رويترز» عن مصدر تركي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن آخر عمليات الإجلاء اكتملت، مساء الخميس، وأن القوات التركية أعيد نشرها داخل الأراضي التي تسيطر عليها الفصائل الموالية لأنقرة بموجب الاتفاق مع روسيا.
وقال المصدر: «الأمر ليس في شكل سحب للقوات أو تقليص أعدادها. الوضع يتعلق فقط بتغيير الموقع».
وتحتفظ تركيا بما يقرب من 20 ألفا من قواتها في شمال غربي سوريا إلى جانب مقاتلي المعارضة الذين تدعمهم والمتشددين الذين التزموا بنزع سلاحهم واحتوائهم.
من جهته، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «لا صحة لما يتم ترويجه من قبل مصادر تركية حول انسحاب القوات التركية من 7 نقاط ضمن مناطق النظام السوري وآخرها كان مساء أمس، حيث تؤكد مصادر المرصد أن المنطقة لم تشهد خلال 48 ساعة الفائتة أي انسحاب تركي من مواقع لها شمال غربي سوريا».
وقال: «فيما يخص النقاط التركية الرئيسية والبالغ عددها 12، انسحبت القوات التركية بشكل كامل من 5 منها وهي مورك وشير مغار بريف حماة، وعندان والراشدين بريف حلب، والصرمان بريف إدلب، كما تواصل انسحابها من 3 نقاط رئيسية وهي العيس والشيخ عقيل بريف حلب، والطوقان بريف إدلب، حيث تتواصل عمليات التفكيك وحزم الأمتعة ومن المرتقب أن يتم إفراغها بشكل كامل خلال الساعات والأيام القليلة القادمة، في حين تبقى 4 نقاط تركية رئيسية وهي في الأصل لم تحاصر من قبل قوات النظام، وتتمثل بـنقطة اشتبرق غربي جسر الشغور والزيتونة بجبل التركمان وصلوة بريف إدلب الشمالي وقلعة سمعان بريف حلب الغربي».
وتابع: «ما يتعلق بالنقاط التركية المستحدثة، لوحظ انسحاب القوات التركية من 4 نقاط بشكل كامل، وهي معرحطاط والصناعة شرق سراقب ضمن الريف الإدلبي، ومعمل الكوراني بالزربة وقبتان الجبل بريف حلب، كما تواصل تفكيك معداتها تمهيد للانسحاب من نقطة الدوير شمال سراقب. فيما لا تزال عدة نقاط تركية مستحدثة محاصرة ضمن مناطق النظام السوري ومنها مركز الحبوب جنوب سراقب ومعمل السيرومات شمال سراقب وترنبة غرب سراقب، ونقطة بريف حلب بالقرب من كفر حلب».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.