6 أفلام قصيرة في افتتاح الدورة الـ31 لأيام قرطاج السينمائية

ملصق فيلم «شمس الضباع» إنتاج 1976
ملصق فيلم «شمس الضباع» إنتاج 1976
TT

6 أفلام قصيرة في افتتاح الدورة الـ31 لأيام قرطاج السينمائية

ملصق فيلم «شمس الضباع» إنتاج 1976
ملصق فيلم «شمس الضباع» إنتاج 1976

يعيش الشارع التونسي على وقع الدورة 31 من أيام قرطاج السينمائية، التي أصرت هيئة المهرجان على تنظيمها، رغم الظروف الصحية الاستثنائية التي تسود حالياً. وتتواصل الدورة من 18 إلى 23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتنطلق بعرض 6 أفلام تحيي ذاكرة السينما التونسية والأفريقية، وهي المرة الأولى التي لا تقع فيها برمجة أحد الأفلام المهمة في افتتاح أحد أعرق المهرجانات العربية والأفريقية.
وفي هذا الشأن، أكد رضا الباهي المخرج التونسي والمدير العام لأيام قرطاج السينمائية، أن الدورة السينمائية الجديدة «دورة التحدي»، كما نعتها، واعتبر أن رفض الهيئة المديرة لخيار احتجاب أيام قرطاج السينمائية بسبب الوباء هو «انتصار للسينما وثأر لثقافة الحياة»، على حد تعبيره.
وكشف الباهي عن انطلاق العروض السينمائية من خلال عرض 6 أفلام قصيرة مستلهمة من أفلام طويلة شهيرة بقيت خالدة في ذاكرة الأيام، وذلك بمبادرة من إدارة المهرجان وإنتاج المركز التونسي للسينما والصورة.
وتتمثل قائمة هذه الأفلام في: «المصباح المظلم في بلاد الطرنني» لطارق الخلادي، و«الوقت الذي يمر» لسنية الشامخي في اقتباس من «شمس الضباع» الفيلم التونسي الطويل الذي تم إنتاجه سنة 1976 وأخرجه رضا الباهي، و«على عتبات السيدة» لفوزي الشلي وهو مستوحى من فيلم «السيدة» للمخرج التونسي محمد الزرن، و«ماندا» للتونسي هيفل بن يوسف وهو مستوحى من الفلم الروائي الطويل «الحوالة» للمخرج السنغالي عصمان صمبان، و«سوداء 2» لحبيب المستيري، وهو مستوحى كذلك من فيلم «سوداء» للمخرج السينمائي السنغالي العصامي عصمان صمبان، الذي نال شرف الفوز بأول تانيت ذهبي لأيام قرطاج السينمائية في دورتها الأولى سنة 1966، و«السابع» لعلاء الدين بوطالب بصياغة محاكية لفيلم «العرس» للمخرج التونسي فاضل الجعايبي.
وطوال أيام المهرجان، سيكون الجمهور على موعد مع مجموعة مهمة من الأفلام السينمائية، من بينها فيلم «الرجل الذي باع ظهره» للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، وهو يمثل تونس في ترشيحات الأوسكار. كما سيحضر على شاشة المهرجان فيلم «200 متر» للمخرج الأردني أمين نايفة، وهو فيلم رشحته الأردن لجوائز «الأوسكار». ومن الكوت ديفوار، سيتم عرض فلم «ليلة الملوك» للمخرج فيليب لاكوت. وتقدم أيام قرطاج السينمائية لأول مرة فيلم «الهربة» للمخرج التونسي غازي الزغباني، بعد تحويله من عمل مسرحي إلى عمل سينمائي. كما سيتم عرض الفلم الوثائقي «المدسطنسي» للمخرج التونسي حمزة العوني.
ويقترح المهرجان على رواده متابعة الأفلام في سياراتهم ضمن ما يعرف بـ«سينما السيارات» التي ازدهرت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، خصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية، ثم تراجع جمهورها، لتغزو العالم من جديد مع جائحة «كورونا»، وغلق قاعات العروض السينمائية. وتنظم الدورة 31 سينما السيارات في مأوى مدينة الثقافة (وسط العاصمة التونسية) الذي يتسع لـ300 سيارة، وذلك طيلة أيام المهرجان بمعدل فيلم واحد في اليوم.
وبرمجت الهيئة المديرة للمهرجان تكريم قامات سينمائية ذات إسهام مشهود به في الفن السابع، وستقدم الورود إلى أربعة مخرجين، وهم: سلمى بكار وعبد اللطيف بن عمار من تونس وماد هوندو من موريتانيا وجبريل ديوب مامبيتي من السنغال.
وبشأن مدى التقدم في أرشفة تاريخ مهرجان قرطاج العريق، أفاد المخرج التونسي إبراهيم اللطيف المدير الفني للمهرجان: «بإمكانات متواضعة وبمساعدة عدد من المؤسسات الوطنية على غرار دار الكتب الوطنية والأرشيف الوطني التونسي، تمكنا من تجميع أكثر من 10 في المائة من أرشيف أيام قرطاج السينمائية الممتد من 1966 إلى الآن». وتابع موضحاً: «عسى أن يواصل من سيأتي بعدنا ما بدأنا فيه حتى نحفظ الذاكرة السينمائية التونسية والعربية من الاندثار».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».