اليمن يرفض بقاء البعثة الأممية في الحديدة «حبيسة لدى الحوثيين»

محمد الحضرمي (سبأ)
محمد الحضرمي (سبأ)
TT

اليمن يرفض بقاء البعثة الأممية في الحديدة «حبيسة لدى الحوثيين»

محمد الحضرمي (سبأ)
محمد الحضرمي (سبأ)

في الوقت الذي تصاعدت فيه دعوات الشارع اليمني لتجميد «اتفاق استوكهولم» بين الشرعية والميليشيات الحوثية بعد مضي عامين من إبرامه دون تنفيذ، جددت الحكومة الشرعية رفضها بقاء البعثة الأممية في الحديدة (أونمها) حبيسة لدى الجماعة الانقلابية.
وشدد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال محمد الحضرمي أمس (الخميس) على «ضرورة أن تتمكن بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة من أداء مهامها وفقاً لولايتها وإيقاف تدخلات وإعاقات ميليشيا الحوثي لتحركاتها».
وقال الحضرمي أثناء استقباله في الرياض نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة دانيلا كروسلاك: «لا يمكن القبول باستمرار بقاء البعثة الأممية حبيسة بيد ميليشيا الحوثي الانقلابية». وفيما أكد الوزير اليمني على نقل مقر البعثة إلى مكان محايد في الحديدة حتى تتمكن من أداء المهام المنوطة بها بالشكل الأمثل، شدد في الوقت نفسه على «ضرورة الاستمرار في إجراءات التحقيق في انتهاكات الحوثيين بما فيها استهداف العقيد محمد الصليحي قبل الحديث عن عودة فريق الحكومة لممارسة عمله في لجنة تنسيق إعادة الانتشار».
ونقلت المصادر الرسمية عن الحضرمي أنه أوضح للمسؤولة الأممية أن «عودة الفريق دون تحرير البعثة الأممية من سيطرة الحوثيين لن تجدي نفعا ولن تغير الواقع المرير في المحافظة ولن تخدم بأي حال من الأحوال تحقيق أي تقدم في مسألة تنفيذ اتفاق الحديدة».
ونسبت المصادر الرسمية إلى نائبة رئيس البعثة الأممية في الحديدة أنها «أشادت بجهود الحكومة ودعمها لبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، مؤكدة أن البعثة ستبذل كل ما بوسعها لضمان تنفيذ اتفاق الحديدة وفقاً للولاية الممنوحة للبعثة وبما يخدم عملية السلام في اليمن». وجاء لقاء الحضرمي مع نائبة رئيس لجنة الحديدة (أونمها) عقب لقاء كان جمعها في الرياض مع نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، في سياق سعي البعثة لإعادة إحياء دورها في تثبيت وقف إطلاق النار واستئناف الاجتماعات المشتركة الرامية إلى إعادة انتشار القوات. ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن الأحمر ناقش مع كروسلاك «جملة من القضايا المرتبطة باتفاق الحديدة المنبثق عن تفاهمات استوكهولم والعراقيل التي حالت دون تنفيذه مع مرور الذكرى السنوية الثانية له».
وأكد نائب الرئيس اليمني أن «الشرعية قدمت الكثير من التنازلات من أجل تنفيذ اتفاقية الحديدة بشكل كامل وعلى أسس واضحة وصريحة، في حين عرقل الحوثيون كل خطواته بدءاً بمرحلة وقف إطلاق النار ومروراً بفتح المنافذ والممرات الإنسانية وانتهاءً بالانسحابات وغيرها».
ودعا نائب الرئيس اليمني الأمم المتحدة إلى «الضغط على جماعة الحوثيين واتخاذ إجراءات عقابية مباشرة على تجاوزاتها المستمرة لبنود اتفاق الحديدة الذي اعتبره الجميع نقطة ارتكاز وحجر أساسٍ لإحلال عملية سلام شامل لولا هذا التعنت والصلف الحوثي». بحسب قوله.
وتأتي تحركات نائبة البعثة الأممية في الحديدة، لإحياء عمل البعثة المتوقف منذ أعلنت الشرعية تعليق عمل فريقها في اللجنة المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار في أغسطس (آب) الماضي، بحسب ما جاء في خطاب بعثته الخارجية اليمنية إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ومع تصاعد الخروق الحوثية في الساحل الغربي لليمن حيث محافظة الحديدة وتعاظم تهديدات الجماعة للملاحة البحرية واستمرارها في تهريب الأسلحة وزرع الألغام البحرية، يواصل الشارع اليمني الدعوة إلى تجميد «استوكهولم» برمته واستئناف عملية تحرير مدينة الحديدة وموانئها.
ويرى الكاتب والإعلامي اليمني أحمد عباس في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوثيين يتعاملون مع المجتمع الدولي باستخفاف كبير فهم يعرفون أن أقصى ما يمكن فعله هو تنديد هنا أو هناك أو قلق يبديه المبعوث الأممي غريفيث».
ويضيف عباس بالقول: «هذه الجماعة تعرف أنها عصابة وطارئة على المشهد لذلك تتعامل من هذا المنطلق ليس في ذهنيتها ولا ذهنية أفرادها أي مسؤولية دولية، والسبيل الأوحد لوقف هذه العمليات هو تحرير الحديدة وموانئها، لأن هذا التحرير سيحرم الجماعة من الموارد التي يسيطرون عليها من دخل الميناء ويستخدمونها في نشاطاتهم العبثية في المنطقة، كما سيحرمهم من دخول التمويل العسكري من سلاح وخبراء وأدوات تدميرية ترسلها إيران باستمرار، يقتلون بها الشعب اليمني ويقومون بأعمال القرصنة في السواحل اليمنية». ويؤكد الكاتب أحمد عباس أن «تحرير الحديدة وموانئها سيسهل من وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها من أبناء الشعب الذين يعانون الأمرين»، فالحوثيون - بحسب تعبيره - «يقومون بنهب هذه المساعدات وإرسالها للجبهات وبيع ما تبقى منها».
أما من الناحية العسكرية فإن تحرير الحديدة - والحديث لعباس - «سيحرم الحوثيين من الوجود في الساحل وسيكونون بعيدين كل البعد عن تنفيذ مخططاتهم، فهم يقومون بزرع الألغام البحرية وإرسال الزوارق المتفجرة انطلاقا من سيطرتهم على هذه السواحل ولو حرموا من ذلك فلن يتمكنوا من تنفيذ هذه الأعمال الشيطانية» وفق تعبيره.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.