السودان: تشديد الإجراءات لتأمين الاحتفالات بالذكرى الثانية للثورة

TT

السودان: تشديد الإجراءات لتأمين الاحتفالات بالذكرى الثانية للثورة

أصدر النائب العام السوداني، تاج السر الحبر، توجيهات صارمة للقوات الأمنية والشرطية، بعدم استخدام الرصاص الحي أو الغاز المسيل للدموع، لتفريق التجمعات السلمية التي ستنطلق يوم غد (السبت) احتفالاً بالذكرى الثانية للثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير.
وكانت الثورة السودانية انطلقت في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2019. واستمرت حتى إعلان تنحي البشير عن السلطة في أبريل (نيسان) 2019.
وشدد مجلس الوزراء على ضرورة وضع خطة أمنية لضمان سلامة المواكب وحمايتها من أي عنف. ودعا رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، المشاركين في المواكب الاحتفالية إلى الالتزام بإجراءات السلامة الصحية واتباع بروتوكول التباعد الاجتماعي، كما شدد على ضرورة حماية المسيرات من قبل القوات الأمنية والشرطية.
وعلى ضوء تلك التوجيهات عقد النائب العام السوداني، أمس، اجتماعاً ضم حاكم ولاية الخرطوم، أيمن خالد نمر، ووزير الداخلية، الطريفي إدريس، وعدداً من قيادات جهاز الشرطة، بحثوا خلاله إجراءات تأمين المسيرات السلمية.
وشهدت مسيرات سابقة بالخرطوم سقوط عدد من القتلى والجرحى وسط المتظاهرين بالذخيرة الحية. ووجّه النائب العام بمرافقة وكلاء النيابة للقوات الشرطة والأمنية ومنعهم من استخدام القوى المفرطة تحت أي ظروف. وشدد النائب العام على حق التظاهر السلمي ومشروعية المواكب التي نصت عليها الوثيقة الدستورية، والتزام الدولة بحماية المواكب السلمية.
ودعا الحبر إلى تكليف قوة من المباحث والشرطة الأمنية للانتشار داخل التجمعات ورصد أي خطر أو تفلتات أمنية تهدد السلامة العامة، كما شدد على تأمين أسطح المباني العالية المطلة على نقاط التجمعات.
ووجّه النائب العام وكلاء النيابة المصاحبين لقوات الشرطة بتدوين قيود وتحركات القوات وأي أوامر يصدرها، بالإضافة إلى حصر القوات والأسلحة والذخائر وعبوات الغاز المسيل للدموع قبل وبعد التحرك.
وصدرت دعوات من لجان المقاومة الشعبية، وأحزاب سياسية، لتسيير مواكب سلمية احتفاءً بالذكرى الثانية لثورة ديسمبر، وهو الشهر الذي تصاعدت فيه حدة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط الإسلاميين من السلطة.
وتتبنى المجموعات الداعية للمسيرات السلمية شعارات تطالب بالإسراع في تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي، ودعم الحكومة المدنية، وتحجيم دور المكون العسكري، بالإضافة إلى ولاية وزارة المالية على المال العام وتسليم الشركات الأمنية وشركات الجيش والشرطة والدعم السريع لوزارة المالية.
كما تدعو إلى إكمال هيكلة الأجهزة الأمنية بمشاركة مجلس الوزراء، وهيكلة القضاء والأجهزة العدلية، وتقديم رموز النظام المعزول لمحاكمات في قضايا القتل ونهب المال العام.
ومن جهتها، حثت منظمة شهداء الثورة جميع فئات الشعب للخروج في الذكرى الثانية للثورة في مسيرات سلمية تراعي الدواعي الصحية كافة، داعية إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية في مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش بالخرطوم، التي خلفت عشرات القتلى والجرحى.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.