بيدرسن يقترح في مجلس الأمن «شكلاً جديداً» للتعاون الخارجي في سوريا

احتجاج روسي وصيني على تصريحات ألمانية… ومصطلح «العدالة التصالحية» يثير اعتراضاً

TT

بيدرسن يقترح في مجلس الأمن «شكلاً جديداً» للتعاون الخارجي في سوريا

أمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن في أن يحمل عام 2021 «شكلاً جديداً» من التعاون الدولي من أجل إنهاء الحرب المتواصلة منذ نحو عشر سنين في هذا البلد، طالباً المزيد من الدعم من مجلس الأمن الذي شهدت جلسته السورية مشاحنات شديدة بلغت حدّ تشكيك روسيا والصين بأحقّية ألمانيا في المطالبة بمقعد دائم في أرفع المنتديات الدولية لاتخاذ القرار.
وكان بيدرسن يقدم إحاطة عبر الفيديو لأعضاء مجلس الأمن، إذ أطلعهم على نتائج الاجتماعات الخاصة باللجنة الدستورية والوضع الميداني وعملية البحث عن عملية أوسع نحو إيجاد حل سياسي تطبيقاً للقرار 2254. وأفاد بأن الجولة الرابعة من اجتماعات الهيئة المصغرة للجنة الدستورية شهدت مواصلة للحوار بين الأعضاء على جدول الأعمال، ومن ذلك الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية، ومناقشة الأسس والمبادئ الوطنية، مضيفاً أن ممثلي الحكومة والمعارضة عكسوا موقفا الطرفين في عروض مكتوبة.
وأوضح أن الوفد الحكومي قدم ثمانية مبادئ تتعلق بمحاربة الإرهاب والتنديد بالآيديولوجيات الإرهابية، والتنديد بالإجراءات القهرية الأحادية، والتنديد باحتلال الأراضي السورية، ورفض التقسيم والمشاريع التقسيمية، ودعم الجيش السوري، وتعزيز الهوية الوطنية، وحماية التنوع الثقافي، وتشجيع وضمان عودة اللاجئين، ومعالجة القضايا الإنسانية.
ولفت إلى أن الوفد الحكومي شدد على أن هذه مجرد «أسس ومبادئ وطنية» وليست «مرتبطة صراحة بنص دستوري مقبل».
وفي المقابل، قدم وفد هيئة المفاوضات السورية 23 نقطة حول مجموعة من المبادئ تتضمن سيادة سوريا، وسلامة أراضيها، والعلاقات الدولية والتزام القانون الدولي، والهوية الوطنية، والتنوع الثقافي، والديمقراطية، والتعددية السياسية، وحكم القانون، والفصل بين السلطات، والفساد، والإرهاب، والمواطنة، وعودة اللاجئين، والحقوق والحريات والمبادئ الاجتماعية والاقتصادية. وأوضح بيدرسن أن المعارضة «أطرت هذه النقاط (...) على أساس المبادئ الأساسية الـ12 (...) التي جرى تأكيدها في (مؤتمر) سوتشي» كنقاط يمكن أن تشكل جزءاً من «المبادئ الأساسية في دستور جديد». وكذلك أشار إلى أن بعض أعضاء المجتمع المدني قدم نقاطاً حول شروط العودة الكريمة والآمنة والطوعية للاجئين، والقضايا ذات الصلة مثل استعادة المساكن والأراضي والممتلكات، والعدالة التصالحية والآليات الدستورية المستقلة والنزيهة ذات الصلة.
وكذلك عرض آخرون لمواضيع مثل الحاجة إلى التصدي للإرهاب، والعقوبات، والسيادة وسلامة الأراضي، فضلاً عن دور المرأة في الحياة السياسية. ولاحظ بيدرسن وجود «العديد من الاختلافات الصارخة» بين الأعضاء، فضلاً عن «لحظات من التوتر». بيد أنه رأى «أرضية مشتركة محتملة» برزت في المناقشات، علماً بأن الجولة الخامسة للهيئة المصغرة ستعقد في جنيف بين 25 يناير (كانون الثاني) المقبل و29 منه، على أن يركز جدول الأعمال على الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية وعلى المبادئ الأساسية للدستور، على أن يناقش مع الرئيسين المشاركين للهيئة كيفية تطبيق التفويض الممنوح لها، لجهة «إعداد» إصلاح دستوري إلى «صوغ» إصلاح دستوري. وأكد أنه بفضل الترتيبات القائمة بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة «يستمر الهدوء الهش»، مشيراً إلى «جهود متواصلة للتصدي للجماعات الإرهابية (...) وبينها (داعش) وهيئة تحرير الشام». وكرر أنه «بوجود خمسة جيوش دولية عاملة في سوريا، لا يزال البلد بمثابة برميل بارود معرض لحادث دولي رئيسي، مع تداعيات محتملة عبر المنطقة». وعبر عن «خيبة» لأنه «لم يجر حتى الآن اتخاذ أي إجراء ذي مغزى بشأن المحتجزين والمختطفين والمفقودين».
وأمل بيدرسن في أن يشهد عام 2021 «عملية أوسع: لوقف النار على الصعيد الوطني، وصياغة دستورية جوهرية، وبذل جهد أوسع لمعالجة مجموعة كاملة من القضايا، مع إجراءات لبناء الثقة والحركة، خطوة بخطوة»، فضلاً عن «شكل جديد من التعاون الدولي في شأن سوريا».
وقال المندوب الألماني الدائم كريستوف هيوسيغن إنّه «من السخرية للغاية أن (نرى) تأسف (روسيا والصين) لعدم تمكّن السلع الإنسانية من الوصول إلى سوريا، فيما شهدنا في هذا المكان بالذات في يوليو (تموز) كيف منعت روسيا والصين المساعدات الإنسانية من الوصول إلى هذا البلد». وأضاف أنه «في نهاية العامين اللذين أمضيناهما في مجلس الأمن» في نهاية السنة الجارية «علينا أن نكون صادقين: هذا المجلس خذل الشعب السوري. روسيا لم تدعم الأسد فحسب، بل ساهمت بنفسها في معاناة الناس وموتهم».
ورد عليه نائب المندوب الروسي ديمتري بوليانسكي قائلاً إن السبب وراء خذلان مجلس الأمن لسوريا هو «السلوك المنافق» لألمانيا وسائر الغربيين. وأضاف مخاطباً السفير الألماني: «بفضلكَ، فإن العديد من أعضاء الأمم المتحدة الذين جادلوا في السابق بأنّ ألمانيا يجب أن تكون عضواً دائم العضوية في مجلس الأمن يسألون أنفسهم الآن ما إذا كان ينبغي السماح بهذا القدر من السخرية في هذه القاعة».
بدوره سخر ممثّل الصين ياو شاوجون من «محاضرة» هيوسيغن، قائلاً: «إذا كانت ألمانيا ترغب في الانضمام إلى مجلس الأمن، فالطريق أمامها سيكون صعباً». إلى ذلك، حمل معارضون سوريون على بيدرسن لاستخدامه مصطلح «العدالة التصالحية» بدلاً من «العدالة الانتقالية» في خطابه أمام مجلس الأمن. واتهم أعضاء في اللجنة الدستورية فيتالي نعومكين المستشار الروسي للمبعوث الأممي بإقناعه بهذا المصطلح الجديد. وأشاروا إلى اعتزامهم توجيه احتجاج خطي إلى بيدرسن.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.