قرطاج يستعيد ألقه... وبرلين وصندانس على الهواء مباشرة

تطورات جديدة لثلاثة مهرجانات

المخرج رضا الباهي
المخرج رضا الباهي
TT

قرطاج يستعيد ألقه... وبرلين وصندانس على الهواء مباشرة

المخرج رضا الباهي
المخرج رضا الباهي

تنطلق اليوم (الجمعة) أعمال الدورة الحادية والثلاثين لمهرجان «أيام قرطاج السينمائية» برعاية وزارة الشؤون الثقافية وتحت إدارة المخرج التونسي رضا الباهي. الشعار المرفوع لهذه الدورة التي تستمر حتى الثالث والعشرين من هذا الشهر هو «دورة استثنائية في وضع استثنائي». وهو شعار يكشف عن الوضع السائد ليس بالنسبة لمهرجان قرطاج وحده، بل للعديد من المهرجانات التي انطلقت في العام الماضي وما سيلي من مهرجانات سينمائية أخرى خلال العام الجديد.
الوضع الاستثنائي المشار إليه طبعاً هو وباء «كورونا» الذي لا يحتاج إلى تعريف. لكن العبارة ذاتها تكشف كذلك عن اختيار إدارة المهرجان التونسي الإقامة عوض التغيّب. الحضور عوض الاختفاء. كذلك تكشف عن أن قرار المهرجان عدم تعويم الدورة عبر بثها افتراضياً في راحات البيوت بل تنفيذها كواقع فعلي في صالات السينما ومنتدياتها التونسية.
باستثناء مهرجان مراكش في المغرب، فإن المهرجانات العربية الأولى الثلاثة، القاهرة والجونة وقرطاج اختارت الحضور عوض الغياب وقدمت إنجاز دوراتها (أو هي تنجزه حالياً كما مهرجان قرطاج) فعلياً.
في حديث هاتفي أوضح رضا الباهي (الذي يستلم إدارة قرطاج للمرّة الأولى خلفاً للراحل نجيب عياد) أن الدورة ستكون استثنائية من منطلق آخر أيضاً: «إنها مناسبة لعرض أفلام سبق وأن شاركت في دورات المهرجان السابق. وظفنا الوضع لصالح استعادة الماضي، وسيكون لهذا الحنين الحضور الأساسي في برمجتنا».
ويرى الباهي أن المناسبة «فرصة مهمّة لمن يريد إعادة اكتشاف تاريخ المهرجان أو تلك الأفلام التي عرضت فيه. فرصة لمن شاهدها من قبل وفرصة لمن يريد التعرّف عليها لأول مرّة أيضاً».
أقدَم هذه الأفلام المعروضة في قسم «مختارات الأفلام القديمة» هو الفيلم التونسي «مختار» للصادق بن عائشة الذي يعود لسنة 1966 يليه مجموعة من أفلام السبعينات مثل «وشمة» لسعيد بناني (المغرب، 1970) و«غداً» لإبراهيم باباي (تونس، 1972) و«العصفور» ليوسف شاهين (مصر، 1972) و«شمس الضباع» لرضا الباهي (تونس، 1978). ومن أفلام الثمانينات «أحلام المدينة» لمحمد ملص (سوريا، 1984) و«عرس الجليل» لميشال خليفي (فلسطين، 1988).
كون «أيام قرطاج السينمائية» يضم تجارب وأعمال السينما العربية والسينما الأفريقية عنيَ دائما بالجمع بين سينماتين قريبتين في أكثر من وضع ومختلفتين أيضاً. وتقديمهما تقليد لا تتجاهله الدورة الحالية فتعيد عرض أفلام أفريقية مثل «قطار الملح والسكر» للسينيو أزيفيدو (موزمبيق، 2017) و«سوداء لـ...» من إخراج عثمان سبمان (السنغال، 1966) و«تيزا» لهايلي جيريما (أثيوبيا، 2008) و«مفاتيح من ذهب» لنوري بوزيد (تونس، 1982) كل ذلك لجانب أكثر من 20 فيلما آخر تعود إلى سنوات عدّة في هذا البرنامج الرئيسي وفي برنامج موازٍ بعنوان «نوستالجيا».
إلى كل ما سبق يعرض المهرجان 11 فيلماً تونسياً كانت فازت بالتانيت الذهبي خلال السنوات الماضية مثل «السفراء لناصر قطاري» (1976) و«حلفاوين» لفريد بوغدير (1995) و«فتوى» لمحمود بن محمود (2018).
على أن المهرجان يعرض ستة أفلام تونسية جديدة في قسم خاص لا شك أنها ستستقطب الجمهور الوافد ربما أكثر ممن تشغلهم ذاكرة أفلام الأمس. هذه الأفلام هي «السابع» لعلاء الدين أبو طالب و«الأزمنة التي مضت» لسنية الشامخي و«الماندا» لهيفل بن يونس و«سوداء 2» لحبيب المستيري و«المصباح المظلم» لطارق الخلادي و«على عتبات السيدة» لطارق شلبي.

صندانس في البيت
في غضون هذا فإن قرار مهرجانين غربيين كبيرين باللجوء إلى العروض الافتراضية يُثير الكثير من الحديث عن تأثير (كوفيد 19) على النشاط السينمائي واضطرار غالب المهرجانات للرضوخ لمتطلباته.
هذان المهرجانان هما الأميركي صندانس والألماني برلين. كلاهما مركز استقطاب دولي للسينما ومن أكثر مهرجانات العالم نشاطاً ومحط اهتمام السينمائيين على اختلاف مصالحهم.
بالنسبة لمهرجان صندانس (المقام في مدينة بارك سيتي في ولاية يوتا) فإن العروض الأثيرية ستنطلق في الثامن والعشرين من الشهر المقبل وتستمر لسبعة أيام (عوض 10 أيام كما جرت العادة) أي حتى الثالث من فبراير (شباط).
هو أيضاً تحت إدارة جديدة تقودها تابيتا جاكسون التي تقول هاتفياً: «أمضينا أشهرا طويلة نبحث فيما إذ كنا سنقيم المهرجان على نحو فعلي كما كل سنة أو أنه من الأفضل اللجوء للعروض الافتراضية. مع ارتفاع نسبة الإصابات رأينا في النهاية أنه من الأسلم أن نعمد إلى الحل الثاني».
تضيف: «لكن هذا لا يعني أن المهرجان غافل عن ضرورة إحياء الاهتمام المعتاد حوله. جمعنا أفلامنا من بين ما نعتقد بأنها أفلام ستلهب هذا الاهتمام وتمنح صندانس الحضور بقوّة رغم الظروف».
هناك العديد من الأفلام التي ستحقق هذه الرغبة بلا ريب. المجتمع السينمائي ينتظر بلهفة عدداً من الإنتاجات الجديدة التي تم إنجازها تحت وابل هذه الظروف الصعبة. مثلاً هناك فيلم جيم راش ونات فاكسون «منحدر» (Downhill) بطولة ول فارل. كذلك تعرض المخرجة جولي تايمور فيلمها الجديد «ذا غلورياس» (The Glorias) مع جوليان مور وأليسيا فيكاندر وهو من نوع السير (بيوغرافي) كذلك حال فيلم مايكل ألمريدا «تسلا». الأول عن سيرة الداعية لحقوق المرأة غلوريا ستايمان، والثاني سيرة حياة المخترع نيكولاس تسلا (يقوم بدوره إيثان هوك) ومواجهاته مع المخترع الآخر توماس أديسون (كما يؤديه كايل ماكلاكلِن).
وبينما ستكون متابعة هذه الأفلام على شاشة الناقد متعة دافئة كعوض عن صقيع جبال يوتا، فإن الأرقام المعلنة تتكلم عن كيف ما زال هذا المهرجان محط اهتمام كبير: هناك 65 مخرجاً يشتركون في تقديم أفلامهم في الأقسام الأربعة الرئيسية بينهم 44 مخرجا جديدا يقدم باكورة أعماله، وهؤلاء يمثلون أكثر من 25 دولة. من 65 مخرجا هناك نسبة تبلغ 46 في المائة من الإناث.

ممانعة
بالنسبة لمهرجان برلين، الذي لم يُعلن بعد عن أفلامه، فإن الحال مختلف من حيث إنه كان قد بدأ فعلياً العد التنازلي للانطلاق في الحادي عشر من شهر فبراير (شباط) ولعشرة أيام حافلة بالأفلام المختلفة بالحجم الكبير الذي اعتاده كل سنة.
لكن مع ارتفاع الإصابات الحالي في ألمانيا ومع إدراك المهرجان بخطورة الوضع، تقدّم المهرجان للحكومة بفكرة تأجيله حتى أبريل (نيسان) المقبل لعل الوباء يكون قد خفّ كثيراً عما هو عليه اليوم. لكن الحكومة، التي تؤمّن معظم ميزانية المهرجان اعترضت على أساس أنها لا يمكن أن تخاطر بنحو 12 مليون دولار في وضع غير مستتب بعد.
سبب آخر دعا لإلغاء فكرة التأجيل إلى الشهر الرابع من العام، يكمن في أن صالات السينما، التي يتعامل المهرجان مع معظمها، تحضّر نفسها للفيلم الذي تعتقد سينقذ الوضع التجاري الصعب الذي تمر به وهو فيلم «لا وقت للموت» الذي يعود فيه دانيال كريغ لدور جيمس بوند.
شهر أبريل كان اختيارها لإطلاق هذا الفيلم ولن ينفع إقامة المهرجان في الشهر ذاته لأنه سيحرم الصالات من جمهور هذا الفيلم وسيحرم الجمهور من متابعة الحملة التجارية الكبيرة التي ستسبقه وتصاحبه أيضاً.
على هذا الأساس قرر المهرجان تحويل نشاطه إلى البث الافتراضي وإلغاء كافة النشاطات الفعلية التي ميّزته والتي كانت الدورة الجديدة (الـ71) تستعد لها.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز