«زينكو».. تلفزيوني ساخر بنكهة فلسطينية يحصد غضب الساسة

يقترب من برنامج «البرنامج» ويتقاطع معه ولا يوفر أحدا

عبد الرحمن ظاهر ومحمود رزق في مشهد من «زينكو»
عبد الرحمن ظاهر ومحمود رزق في مشهد من «زينكو»
TT

«زينكو».. تلفزيوني ساخر بنكهة فلسطينية يحصد غضب الساسة

عبد الرحمن ظاهر ومحمود رزق في مشهد من «زينكو»
عبد الرحمن ظاهر ومحمود رزق في مشهد من «زينكو»

منذ انطلق الثنائي عبد الرحمن ظاهر ومحمود رزق، عبر شاشة فضائية «رؤيا» الأردنية، قبل عامين، في الدراما الساخرة «فنجان البلد»، ثم «فنجان البلد 2»، وبينهما «بالشكلوب» (بالمقلوب)، وهما يحصدان النجاحات الجماهيرية في فلسطين والأردن وعموم الوطن العربي بشكل غير مسبوق لم يتوقعاه. في الوقت ذاته، كانا يحصدان غضب الساسة الفلسطينيين وبعض قياداتهم، وحتى عناصر الحركتين الحاكمتين، فتح في الضفة الغربية، وحماس في قطاع غزة، فكأن الوحدة الوطنية الفلسطينية تجلت في الهجوم على ظاهر ورزق.
تفاقمت حدة الغضب مع ظهور «زينكو»، وهو أول برنامج ساخر يتناول القضايا الفلسطينية، وعبر الشاشة الأردنية ذاتها، من خلال أسلوب يقترب مما قدمه الإعلامي المصري الشهير باسم يوسف في برنامج «البرنامج»، ولكن بنكهة فلسطينية، تحمل خصوصية القضية ومعاناة أهل البلاد المحتلة، إلا أن تهديدات المتنفذين الفلسطينيين، وفق ما صرح به ظاهر، آتت أكلها بعد الحلقة الرابعة للبرنامج، التي منعت من البث، لكونها تنتقد قيام قيادات في السلطة الفلسطينية وحركة فتح بمهاجمة حركة حماس في ظل أجواء من المصالحة، والتوافق على حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، قبل أن تعود حلقات «زينكو» إلى شاشة «رؤيا» مجددا بعدها بأسابيع.
ومن الجدير بالذكر أن «زينكو»، أن ظاهر ورزق، وبالدارجة الفلسطينية «ما وفّروا حدا»، أي لم يتركا أي جهة إلا وانتقدها بما في ذلك حركة حماس، واليسار الفلسطيني، وحتى القطاع الخاص والمؤسسات غير الحكومية، وبعض الظوااهر الاجتماعية، وإن كانت الحصة الأكبر للسلطة الفلسطينية، دون خطوط حمراء، فقد طالت بعض الحلقات بالنقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإن كانت أكثرها سخونة «خطاب الرئيس»، لم تبث إلا عبر موقع «يوتيوب» الإلكتروني.
و«الزينكو» (صفيح معدني)، عنصر أساسي من عناصر تكوين مخيمات اللاجئين والشتات الفلسطيني، وهو سقف غير ثابت مختل قد يسقط في أي لحظة.. وقال ظاهر: زينكو تعبير عن وضع مأساوي مؤقت سينهار في يوم ما لنصل بعده إلى سقف ثابت حام لما يغطيه.. من هنا فإن فكرة البرنامج تعتمد على خلخلة هذا الزينكو الهش الذي يغطي كل التجاوزات التي تحصل تحته في الظلام، ويحاول كشف الغطاء عن المستور السلبي لفضحه بطريقة ساخرة تهكمية تصل إلى الجمهور من دون تكلف.
وأضاف معد وأحد مقدمي «زينكو»: البرنامج يناقش في فقراته قضايا ساخنة تؤرق الشعب الفلسطيني من منطلق «دق الحديد وهو حام»، مع مراعاة البرنامج للمهنية في نقل المعلومات وعرضها والسخرية منها بما لا يخالف مبادئ وقواعد النقد العامة، حيث تعرض كل حلقة على المستشار القانوني للقناة. ولا ينكر ظاهر أن الاعتماد على مقاطع فيديو يجعل «زينكو»، بشكل أو بآخر، يتقاطع مع برنامج «البرنامج» لباسم يوسف الذي بات خارج الخريطة التلفزيونية العربية، خاصة أنه يقوم على فكرة مشابهة برؤية فلسطينية، ويتقاطع معه بعرض حلقة أسبوعيا أيضا، مساء كل أربعاء، عرض منها 8 حتى الآن، كان آخرها «عملية فدائية»، ومن بينها: «خزق كبير»، و«حشيش سياسي»، و«زلزال»، و«فيلم هندي».
البرنامج يسعى إلى التفاعل مع قضايا الشارع الفلسطيني الساخنة أسبوعيا، وتعريف الجمهور العربي والمجتمع الدولي بما يحدث، والضغط على الجهات المسؤولة للقيام بواجباتها، وتشكيل نوع جديد من الرقابة الإعلامية المتوافقة مع الأحداث اللحظية، التي تؤدي إلى تخفيف حدة الفساد واللامسؤولية، وتسليط الضوء في فقرة خاصة من البرنامج على ما يحدث عربيا، خصوصا ما يرتبط بالموضوع الفلسطيني، علاوة على إيجاد نوع جديد من البرامج التفاعلية لا يعتمد تكوينا ثابتا في كل الحلقات وإنما يفاجئ الجمهور بمنوعات تبتعد عن التكرار الروتيني الممل، وإبراز بعض المواهب غير المكتشفة من خلال استضافتهم في البرنامج، والانتقال من خلال البرنامج من مرحلة النقد الإعلامي إلى مرحلة التغيير الجذري في المجتمع والتحفيز على التفكير الجدي في إيجاد الحلول للمشكلات المطروحة، وإن بشكل كوميدي ساخر، والعمل على رفع مستوى الوعي السياسي لدى الشباب، كما أكد ظاهر.
ولا ينكر ظاهر أن هناك مكالمات مستمرة وشبه يومية يتلقاها ورفيق دربه رزق، من مجهولين من أرقام خفية، تنقل لهما التهديد والسب والشتم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».