المشهد الثقافي المغربي يخسر نور الدين الصايل

نور الدين الصايل
نور الدين الصايل
TT

المشهد الثقافي المغربي يخسر نور الدين الصايل

نور الدين الصايل
نور الدين الصايل

توفي الليلة قبل الماضية في مستشفى الشيخ زايد بالرباط، السينمائي والإعلامي المغربي نور الدين الصايل، عن سن تناهز 73 عاماً، متأثراً بإصابته بفيروس «كورونا».
وتلقى المشهد الثقافي في المغرب رحيل الصايل بكثير من الحزن والأسى، لقيمة الرجل الكبيرة وإسهاماته المميزة في المشهدين السينمائي والإعلامي.
وكتب الأديب أحمد المديني، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «نعيٌ لا يطاق! ما عاد بمقدوري أن أنعى أحداً، وها الوباء اللعين يحصد الجميع تباعاً؛ إنما كيف ندفن النفس المكلومة في حزن صامت ولا ننعى أستاذاً وفناناً وكفاءة مغربية كبيرة وإنساناً حظي بتقدير القريب والبعيد، الفقيد نور الدين الصايل، له واسع الرحمة من رب العالمين». فيما كتب الشاعر والحقوقي صلاح الوديع بنبرة حزينة تلخّص ألم الفقد: «وداعاً أيها الرجل الاستثنائي. لم يعد لنا قاموس للنعي»، قبل أن يعيد كتابة كلام للإعلامي المتخصص في السينما، بلال مرميد، في معرض تفاعله مع رحيل الصايل، يقول فيه: «الآن كل كلام الحزن استنفدناه».
وكان المشهد الثقافي المغربي قد شهد في الفترة الأخيرة وفاة عدد من رواده ورموزه إثر إصابتهم بفيروس «كورونا»، بينهم الفنان الكبير وأحد أبرز رواد الممارسة التشكيلية بالمغرب محمد المليحي والفنان الكبير والملحن المميز محمود الإدريسي.
من جهته، كتب الإعلامي عبد الصمد بنشريف، في سياق موجة التفاعل مع وفاة الصايل: «الفيروس اللعين يخطف منّا نور الدين الصايل. كان كبيراً في كل شيء. في السينما، في الإعلام، في التسيير، في التوقعات، في الأحلام». فيما رأى السينمائي عبد الإله الجوهري أن «رحيل الصايل سيخلّف فراغاً في ساحة الفن السابع بالمغرب نظراً لمكانة الرجل، الذي يشهد له أعداؤه قبل أصدقائه، بمكانته ودوره في تجذير ثقافة السينما بالمغرب». بينما كتب الشاعر محمد بنطلحة: «نور الدين الصايل، وداعاً: سيرة حياة بامتداد رواية – نهر قابلة للتحول إلى أكثر من فيلم».
وُلد الصايل سنة 1948 بمدينة طنجة، حيث تابع دراسته الثانوية بثانوية ابن الخطيب، قبل أن يحصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط.
واشتغل الراحل، في بداية مساره الغنيّ والمتميز، مُدرّساً لمادة الفلسفة بثانوية مولاي يوسف بالرباط، قبل أن يتم تعيينه سنة 1975 مفتشاً عاماً لمادة الفلسفة، وهي الوظيفة التي أدّاها حتى تعيينه في مارس (آذار) 1984 مديراً للبرامج بالتلفزيون المغربي. وكان الصايل قد أسّس في عام 1973 الجامعة الوطنية لنوادي السينما بالمغرب، التي أسهمت في تأسيس مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة عام 1977، وقد ظل رئيساً لهذه الجامعة التي كان دور كبير في تكريس الثقافة السينمائية بالمغرب، حتى عام 1983.
كما اشتغل الصايل مستشاراً لدى إدارة القناة التلفزيونية الثانية (دوزيم) بعد إطلاقها، قبل أن ينتقل إلى مجموعة (كنال+) الفرنسية، التي تم تعيينه بها في منصب مدير مبيعات البرامج. وفي عام 1999 أصبح مديراً عاماً مكلفاً البرامج والبث بالقناة.

وأسهم الصايل، بوصفه ناقداً سينمائياً، بكتاباته في مجموعة من المجلات، وأطلق مجلة خاصة بالسينما وقضاياها، كما قام بتنشيط عدد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية حول السينما.
وفي المجال الأدبي أسهم الراحل بكتابة سيناريو أفلام «الرحلة الكبرى» سنة 1981، و«باديس» سنة 1989، و«للا حبي» سنة 1996 لمحمد عبد الرحمن التازي. كما صدرت له سنة 1989 رواية بالفرنسية تحت عنوان «أ لومبر دي كرونيكور».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».