شطب السودان من «قائمة الإرهاب» ينعش الجنيه

البنك المركزي يكشف سياسات جديدة لمعالجة اختلال سعر الصرف

تراجعت أسعار صرف الدولار في السوق الموازية عقب الإعلان عن شطب السودان من قائمة الإرهاب (رويترز)
تراجعت أسعار صرف الدولار في السوق الموازية عقب الإعلان عن شطب السودان من قائمة الإرهاب (رويترز)
TT

شطب السودان من «قائمة الإرهاب» ينعش الجنيه

تراجعت أسعار صرف الدولار في السوق الموازية عقب الإعلان عن شطب السودان من قائمة الإرهاب (رويترز)
تراجعت أسعار صرف الدولار في السوق الموازية عقب الإعلان عن شطب السودان من قائمة الإرهاب (رويترز)

شهدت قيمة الجنيه السوداني تحسناً طفيفاً على أثر شطب البلاد من قائمة الإرهاب، وفي غضون ذلك أعلنت وزارة المالية السودانية عن قرض أميركي قدره مليار دولار لمساعدة الخرطوم في سداد متأخرات البنك الدولي.
وأحدث القرار الذي صدر الاثنين الماضي حالة من الارتباك في السوق الموازية (السوداء) للعملات الأجنبية، التي دائماً ما تتأثر بالمتغيرات السياسية في البلاد. وقال متعامل في «السوق السوداء» بالخرطوم، إن سعر الدولار تراجع من 267 إلى 255 جنيهاً، فيما يبلغ سعر الصرف الرسمي في بنك السودان المركزي 55 جنيهاً للدولار.
وأفاد المتعامل بأن السوق تأثرت بقرار إزالة السودان من قائمة الإرهاب، وشهدت حالة من الركود والتذبذب وتراجع الأسعار، متوقعاً أن يستقر السعر عند هذه الحدود حتى نهاية الأسبوع الحالي.
وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار وانخفاضها يتوقف أيضاً على العرض والطلب، لكنه توقع أن تعاود الأسعار الارتفاع مجدداً في الأسبوع المقبل لنقص النقد الأجنبي في البنك المركزي، وضعف قدرته على تغطية احتياجات السوق من العملات الأجنبية. ويتحفظ تجار العملة والمتعاملون في السوق الحرة للعملات الأجنبية على الكشف عن هوياتهم خوفاً من ملاحقة السلطات، التي تنفذ حملات أمنية لضبط المضاربين وتفرض عقوبات مشددة بالسجن والغرامة والمصادرة عند حيازة النقد الأجنبي.
وقفز معدل التضخم بالسودان في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 245.34 في المائة، بزيادة 24.49 في المائة على أكتوبر (تشرين الأول) الذي سبقه حين وصل إلى 229.85 في المائة.
وصرحت وزيرة المالية السودانية، هبة أحمد علي، أول من أمس، لوكالة «بلومبرغ» بأن أميركا التزمت بمنح السودان مليار دولار في الأيام المقبلة لمساعدته في سداد متأخراته للبنك الدولي.
وقالت إن ذلك يسمح للسودان بالحصول على 1.5 مليار دولار من المساعدات التنموية السنوية من خلال مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون. وفي المقابل؛ تعهدت وزارة الخزانة الأميركية بعمل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، مع الحكومة السودانية لمساعدتها في سداد متأخراتها للمؤسسات المالية والدولية، لتعزيز جهود السودان لتخفيف ديونه الخارجية البالغة 60 مليار دولار.
من جانبه؛ كشف نائب محافظ بنك السودان المركزي، محمد أحمد بدوي، عن سياسات جديدة للبنك لمعالجة اختلال سعر الصرف، من خلال مراجعة القوانين واللوائح للتعامل في النقد الأجنبي داخل وخارج البلاد. وأشار إلى أن نجاح السياسات الجديدة يتطلب تعاون وزارة القطاع الاقتصادي لضبط تمويل الحكومة عبر الاستدانة المؤقتة من البنك المركزي في الحدود الآمنة. وأقرت الحكومة السودانية في موازنة 2020 رفع الدعم عن المحروقات وتعديلاً تدريجياً لسعر الصرف لمدة عامين للوصول إلى القيمة الحقيقية للجنيه. وتحمّل أحزاب التحالف الحاكم في السودان الحكومة مسؤولية تدهور قيمة العملة، «لرضوخها لشروط البنك الدولي وصندق النقد الدولي باعتماد سياسة التحرير الاقتصادي».
ويتوقع السودان بعد إزالته من قائمة الدول الراعية للإرهاب أن يحقق مكاسب اقتصادية كبيرة، من خلال دخول الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، وتسهيل حركة التحويلات المالية عبر النظام المصرفي الرسمي.



غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.