تعقيباً على مذكرات عمرو موسى... وقائع زيارة ولقاء

عمرو موسى وناجي صبري خلال زيارة الأول إلى بغداد في 2002 (غيتي)
عمرو موسى وناجي صبري خلال زيارة الأول إلى بغداد في 2002 (غيتي)
TT

تعقيباً على مذكرات عمرو موسى... وقائع زيارة ولقاء

عمرو موسى وناجي صبري خلال زيارة الأول إلى بغداد في 2002 (غيتي)
عمرو موسى وناجي صبري خلال زيارة الأول إلى بغداد في 2002 (غيتي)

وردت في مذكرات الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق الأخ السيد عمرو موسى المنشورة في جريدتكم بتاريخ 7-12-2020 نقاط مغايرة للحقيقة بخصوص زيارته للعراق في 18-1-2002 وأمور أخرى ذات صلة بأزمة العلاقة بين العراق والأمم المتحدة آنذاك. وبما أنني تابعت زيارته منذ بدايتها في نيويورك كفكرة ورافقته بعد وصوله إلى بغداد من المطار إلى المطار، أي في كل لقاءاته، أود أن أعقب فيما يلي على هذه النقاط تبياناً للحقيقة:
أولاً: ورد في المذكرات قول السيد موسى إنه في زيارته نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة التقى الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي أنان، وأكد عليه ضرورة بذل «مجهود واضح في منع حرب وشيكة على العراق». وقال له: «سأزور الرئيس العراقي في يناير (كانون الثاني) المقبل. أريد منك رسالة أستطيع أن أنقلها إليه لحلحلة الموقف فيما يخص استئناف عمل المفتشين الدوليين»، وأن السيد أنان وافق. بعد ذلك نسبت المذكرات للسيد موسى قوله: «رتَّبت مع وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الحديثي، أمر زيارتي للعراق». وهذا يعني أنه قرر الزيارة وحدد موضوعها وموعدها، ثم التقى بي لترتيبها، فضلاً عن مسألة الرسالة. وفي الحقيقة أنني التقيت السيد عمرو موسى، على هامش اجتماعات الجمعية العامة، وتحدثت معه عن أزمة العلاقة بين العراق والأمم المتحدة، وعن الحاجة الماسة إلى السعي من أجل التوصل إلى حل سياسي سلمي لهذه الأزمة يضمن سيادة العراق وأمن شعبه ومصالحه الوطنية. وأوضحت له توجهنا لبناء علاقة إيجابية مع الأمانة العامة للأمم المتحدة وأجهزتها العاملة في العراق وجهودنا لاستئناف الحوار والتفاوض والتفاعل معها باعتبار ذلك الخطوة الأولى الأساسية على طريق حل الأزمة. لمست منه تفهماً وتأييداً لتوجهنا. فطرحت عليه ضرورة أن يكون لجامعة الدول العربية دور في هذا المسعى. وقد أبدى الاستعداد لذلك. وهنا طرحت عليه فكرة زيارة العراق لتأكيد هذا الاستعداد، فضلاً عما ستقدمه الزيارة من دليل رمزي فعّال على تضامن جامعة الدول العربية مع شعب العراق في مواجهة ظروف الحصار والعدوان المتواصل عليه. فوافق ووجهت إليه في الحال دعوة رسمية. وتواصل معي بعد عودته إلى القاهرة لتحديد توقيت الزيارة، وتم ذلك وحددنا يوم 18-1-2002.
لذلك، فإن زيارة السيد موسى للعراق هي فكرتي. ولم تكن لديه أي فكرة عنها قبل لقائنا، وأنا الذي اقترحت عليه موضوعها وقررت توجيه الدعوة إليه في أثناء اللقاء. ولم يبلغني بأي شيء عما زعمته المذكرات من أنه التقى السيد أنان وأخذ منه رسالة إلى الرئيس صدام حسين. وهذه أول مرة أسمع أن الأمين العام للأمم المتحدة قد وجه رسالة إلى رئيس جمهورية العراق بيد السيد عمرو موسى. ولا أدري كيف فاتت على من كتب المذكرات (ولا أقول السيد موسى) أن رئيس أي منظمة دولية لا يوجّه رسائل إلى الدول بيد أشخاص من خارج منظمته، فما بالك برئيس أكبر منظمة دولية في العالم.
ثانياً: تسرد المذكرات (وفق أسلوب الإثارة والتهويل الدعائي) كيف ذهب السيد موسى في اليوم التالي للقاء الرئيس صدام حسين، فتقول إنه تحرك من مقر إقامته إلى «مقر قيادة عسكرية» ثم «مقر وحدة عسكرية»، وتقدم وصفاً درامياً لسكرتير رئيس الجمهورية الذي تزعم أن السيد عمرو تعرف عليه في هذا المكان، ثم اصطحبه بسيارته إلى مكان لقاء رئيس الجمهورية.
وفي الحقيقة فإنني والسيد موسى ومساعديه التقينا في بناية المجلس الوطني في منطقة كرادة مريم قبل الذهاب إلى مكان اللقاء برئيس الجمهورية. ثم جاء سكرتير الرئيس الفريق عبد حمود واصطحبني والضيف بسيارته إلى أحد القصور الرئاسية في منطقة الرضوانية. وتبعنا مساعدو الضيف بسيارة ثانية. وبناية المجلس الوطني ليست ثكنة عسكرية كما ورد في المذكرات، وإنما بناية كبيرة ذات طراز عمراني كلاسيكي جميل تقع على نهر دجلة على بعد أقل من 200 متر من القصر الجمهوري. وتضم مكاتب مدنية تابعة لرئاسة الجمهورية. ومن الطبيعي أن تُحمى البناية بسياج خارجي وأن يحرس بوابة مدخلها الخارجي بضعة حراس أمنيين مثل أي مبنى تابع لرئاسة الدولة في أي دولة في العالم. كما أن السيد موسى لم يتعرف على السكرتير في هذا المكان كما ورد في المذكرات. وإنما التقاه في الليلة السابقة حين حضر دعوة العشاء التي أقيمت على شرفه بحضور السيدين نائب رئيس الوزراء طارق عزيز ورئيس ديوان الرئاسة أحمد حسين ووزير التجارة الدكتور محمد مهدي صالح.
ثالثاً: تسرد المذكرات رواية مغايرة للواقع عما جرى في المقابلة مع الرئيس صدام حسين. فقد زعمت أن السيد موسى قد استشاط غضباً وخاطب الرئيس صدام بنبرة كأنها صرخة بوجهه، وأن الرئيس خاطبه بلقب دكتور...إلخ! لا صحة لهذا ولكل ما ورد عن اللقاء إطلاقاً. فقد بدأ اللقاء بحديث السيد موسى عن موقف الجامعة العربية من قضية العراق المتمثل بالحرص على سيادته واستقلاله وحرمة أراضيه ووقوفها معه ضد الانتهاكات والتهديدات، وضد استمرار الحصار على شعبه. ثم تطرق وفق إطار الزيارة الذي اتفقتُ معه عليه في نيويورك، إلى أهمية العمل من أجل الحل السياسي السلمي لأزمة العلاقة مع الأمم المتحدة من خلال التواصل مع أمانتها العامة والتحاور معها بشأن كل المسائل المعلقة بين الطرفين. ثم أشار إلى التوجه الدبلوماسي العراقي لإيجاد مخرج للأزمة التي تمر بها علاقة العراق بالأمم المتحدة من خلال استئناف التواصل والتفاوض مع الأمم المتحدة. وأبدى استعداد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للمساهمة في هذا التوجه.
وقد رد الرئيس صدام حسين بشرح موقف العراق من موضوع العلاقة مع الأمم المتحدة، واستعرض ما فرضته الولايات المتحدة وبريطانيا على مجلس الأمن من قرارات تعسفية وانتهاكاتهما لسيادة العراق واعتداءاتهما على مواطنيه ومواقعه وإصرارهما على مواصلة الحصار على شعبه. وتحدث عن تهديداتهما بشن الحرب عليه وغزوه، وعن ممارسات فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة المنتهكة لسيادة العراق وأمنه. وقد أبدى عدم ممانعته لاستئناف التفاوض مع الأمانة العامة. واختُتم اللقاء بتعهد السيد موسى بالاتصال بالأمين العام للأمم المتحدة للاتفاق على ترتيبات استئناف المفاوضات الشاملة بين العراق والأمم المتحدة في أسرع وقت. وبالفعل اتفقنا مع السيد أنان على بدء المفاوضات في 7-3-2002 في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.
غير أن ما يثير الغرابة هو ما ورد في المذكرات عن غضب السيد موسى وصراخه بوجه الرئيس صدام حسين وغير ذلك من المزاعم. كيف قـَبِل الأخ عمرو أن ينسب إليه من كتب مذكراته هذه الكذبة الصارخة؟ فهو بذلك قد نَسبَ إلى سليل الدبلوماسية المصرية ذات التقاليد العريقة ما يتنافى وأبسط مواصفات الدبلوماسي الناجح، أي الكياسة والتهذيب وحُسن الكلام. ونَسَبَ إليه كلاماً يتناقض مع ألف باء الدبلوماسية التي تشترط في الدبلوماسي المفاوض تمتعه، إضافة إلى أعلاه، بحسن التصرف والحكمة والهدوء، والتحكم بالعواطف والابتعاد عن الانفعال والغضب.
رابعاً: نسبت المذكرات إلى السيد عمرو موسى قوله إن زيارته للعراق كانت لإقناع الرئيس صدام حسين بإعادة المفتشين، وأن السيد الرئيس قد وافق على إعادة المفتشين، وفوّضه التحدث باسم العراق.
لكن الحقيقة أن موضوع عودة المفتشين لم يُطرح في اللقاء. كما لم يطرح في جولة المفاوضات الأولى مع الأمم المتحدة التي عقدت في مقر المنظمة الدولية في نيويورك يوم 7-3-2002 والتي رأست فيها وفد العراق ورأس وفد الأمم المتحدة أمينها العام. كما لم يطرح في الجولة الثانية التي عقدت في المقر نفسه في 2-5-2002. ولم يطرح كذلك في الجولة الثالثة التي عُقدت في مقر الأمم المتحدة في فيينا يوم 5-7-2002 بناء على طلبي للابتعاد عن مضايقات المخابرات الأميركية لأعضاء الوفد العراقي. وقبيل نهاية الجولة الثالثة، التقاني السيد كوفي أنان على انفراد، وقال لي إنه بحاجة لوعد منا بأن تنظر حكومة العراق بعودة المفتشين، كي يتمكن من مواصلة المفاوضات والاتفاق معنا على جولة رابعة. لكنني اعتذرت لعدم تفويضي بذلك من حكومتي.
إذن، كيف تقول المذكرات إن السيد الرئيس قد وافق على عودة المفتشين وفوّض السيد عمرو موسى التحدث باسم العراق؟ هل ثمة دولة في العالم، حتى تلك التي لا يزيد سكانها على سكان حي من أحياء بغداد، تفوّضُ شخصاً من غير مواطنيها ولا يقيم فيها ولا يحتل وظيفة رسمية لديها بتمثيلها في العلاقات مع دول ومنظمات دولية؟
وفي التاسع من سبتمبر (أيلول) 2002. التقيت الرئيس صدام حسين قبل توجهي إلى نيويورك لحضور الدورة السابعة والخمسين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وسألته عن أي موقف جديد بشأن عودة المفتشين فأجابني بالانتظار، أي أن الرفض ما زال قائماً. وبعد وصولي إلى الأمم المتحدة، دعت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى اجتماع لوزراء الخارجية العرب في قاعة بمبنى المنظمة الدولية يوم 15-9-2002. وقبيل دخولي القاعة علمت أن وزير الخارجية الأميركي كولن باول بدأ مشاورات مع مستشاريه القانونيين لوضع مشروع قرار لمجلس الأمن يجيز لأي دولة شن الحرب على العراق بذريعة رفضه إعادة المفتشين. ويفرض مشروع القرار على العراق مطالب باهظة في مُهل زمنية قصيرة تستحيل تلبيتها حتى لو رغب العراق بالامتثال. وهكذا بتُ متيقناً من ضرورة إعادة المفتشين. كان محور اجتماع الوزراء العرب أزمة العراق والأمم المتحدة. ووجّه الأمين العام ووزراء عدة مناشدات إلى العراق للعمل على حل الأزمة والتعامل بمرونة مع قرارات مجلس الأمن. ومما أتذكره جيداً المناشدة المؤثرة لسمو الأمير الراحل سعود الفيصل، وزير خارجية المملكة العربية السعودية.
بعد خروجنا من الاجتماع سألني السيد عمرو عما سأفعله. أجبته: «سنعيد المفتشين»، فرحب بذلك. وتمنيت عليه أن يشاركني في ترتيب الأمر مع الأمين العام كي يكون قرار عودة المفتشين في إطار احترام الأمم المتحدة لحقوق العراق الثابتة في حماية سيادته وحرمة أراضيه وحق شعبه في رفع الحصار اللاإنساني بموجب الميثاق وقرارات مجلس الأمن والقانون الدولي. فأبدى استعداده لذلك. أرسلت في الحال برقية مشفرة إلى الرئيس صدام حسين طلبت فيها موافقته على إعادة المفتشين بلا شروط. بعد نحو 3 ساعات مساء اليوم نفسه، وصلتني الموافقة، أي بعد تسعة أشهر على زيارة السيد عمرو موسى لبغداد والتي تزعم المذكرات أن السيد الرئيس قد أبلغه في أثنائها الموافقة على عودة المفتشين!
اتصلت بالسيد عمرو وذهبنا سوية إلى السيد أنان وأبلغناه بالقرار. ثم شاركني في كل الاتصالات اللازمة حتى وصلنا إلى الصياغة النهائية لرسالة قرار العراق السماح بعودة المفتشين بالتنسيق مع السيد أنان وقدمتها إليه مساء يوم 16-9-2002. وقد استمرت صلة العمل الودية الطيبة التي جمعتني بالأخ عمرو موسى حتى آخر اجتماع وزاري عربي حضرته يوم 25-3-2003 في مقر الجامعة بعد بدء الغزو الأميركي للعراق. وبعد انتهائه، خرج السيد عمرو معي حتى البوابة الخارجية للمبنى على الشارع الرئيسي لتوديعي.
- وزير خارجية العراق (2001 - 2003)



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».