اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والأكراد في «الحسكة» تسفر عن مقتل وأسر العشرات

على خلفية اعتقال الوحدات الكردية نحو 10 من عناصر قوات النظام السوري والمسلحين الموالين له

لقطة تظهر الأضرار التي لحقت بأحد أهم الشوارع الرئيسية في مدينة حلب السورية جراء الصراع الدائر بين قوات النظام والجماعات المناهضة له (أ.ب.ف)
لقطة تظهر الأضرار التي لحقت بأحد أهم الشوارع الرئيسية في مدينة حلب السورية جراء الصراع الدائر بين قوات النظام والجماعات المناهضة له (أ.ب.ف)
TT

اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والأكراد في «الحسكة» تسفر عن مقتل وأسر العشرات

لقطة تظهر الأضرار التي لحقت بأحد أهم الشوارع الرئيسية في مدينة حلب السورية جراء الصراع الدائر بين قوات النظام والجماعات المناهضة له (أ.ب.ف)
لقطة تظهر الأضرار التي لحقت بأحد أهم الشوارع الرئيسية في مدينة حلب السورية جراء الصراع الدائر بين قوات النظام والجماعات المناهضة له (أ.ب.ف)

شهدت منطقة الحسكة (شمال شرقي سوريا) اشتباكات هي الأعنف بين وحدات الحماية الكردية من جهة، وقوات النظام والموالين لها من جهة أخرى، بينما من المتوقع أن تتوصل المفاوضات بين قوات النظام والمقاتلين المعارضين في حي الوعر بحمص (وسط البلاد)، إلى تسوية تقضي بخروج المعارضة منه وعدم دخول النظام إليه.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط» أسر الأكراد ما لا يقل عن 25 عنصرا من قوات النظام، مقابل اعتقال الأخيرة 4 مقاتلين من وحدات الحماية في الاشتباكات التي استمرت طوال يوم أمس، مشيرا إلى أن الطرفين كانا يقاتلان قبل ذلك، إلى جانب بعضهما في هذه المنطقة، ضد تنظيم «داعش».
وذكر المرصد، أن الاشتباكات في الحسكة اندلعت فجرا على خلفية اعتقال وحدات حماية الشعب الكردي لنحو 10 عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بعد انتشارهم في مركز الإطفائية في القسم الشمالي من المدينة، حيث حاصرتهم في المركز، وطوقت حاجز صباغ في المدخل الشمالي، ومحطة الوقود العسكرية.
من جهتها، قالت وحدات الحماية الكردية، على صفحتها الخاصة، على موقع «فيسبوك»، إن قوات النظام والميليشيات التابعة لها تحاول منذ فترة التضييق على الوحدات في المدينة، بشكل استفزازي، ولم تنجح كل محاولات التهدئة معهم، إلى أن اختاروا موعد الرد المناسب، صباح أمس، على التصرفات التي وصفوها بـ«العدائية»، وتمكنوا من السيطرة على مخفر المدينة. وأفادت بأن قوات النظام حاولت نصب حاجز مشترك له وللمغاوير عند دوار الإطفائية، جنوب مركز المدينة، فقامت وحدات حماية الشعب بتطويق المكان وقتل عنصرين منهم وأسر البقية، كما امتدت الاشتباكات إلى جميع خطوط التماس (دوار الكنيسة الأشورية - الإطفائية - المفتي - صالحية - خشمان - تل حجر).
في موازاة ذلك، تستمر المفاوضات التي بدأت الأربعاء الماضي للتوصل إلى تسوية في حي الوعر في حمص، ومن المتوقع أن تتوصل إلى اتفاق يقضي بتسوية أوضاع المقاتلين المعارضين، وكذلك المطلوبون إلى الخدمة العسكرية، بينما سيجبر معارضي الاتفاق على الخروج من الحي، وفق ما قال عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط».
مع العلم بأن بعض المعلومات كانت قد أشارت إلى أن «هناك خلافات بين المسلحين أنفسهم في الحي، فالبعض يريدون الانسحاب منه، كما حصل في حمص القديمة، والبعض يريد التسوية والبقاء».
ولفت عبد الرحمن إلى أن بعض الخروق قد سُجلت منذ التوصل إلى وقف إطلاق النار كبادرة حسن نية، وسمحت بإدخال المساعدات إلى الحي.
وكشفت المصادر أن المفاوضات التي قد تستمر طوال الأسبوع الحالي، يُتوقع أن تفضي إلى توقيع «اتفاق نهائي» يقضي بخروج مسلحي المعارضة من الحي إلى ريف حمص الشمالي، من دون دخول الجيش النظامي إليه.
من جانبه، أوضح ناشط إعلامي معارض من الحي، للمكتب، أن النقاش حاليا يدور حول الإبقاء على 500 مسلح بعتادهم داخل الحي لحماية ممتلكات المدنيين، ولضمان عدم دخول الجيش النظامي إليه، مشيرا إلى أن النظام تعهد بعدم دخول قواته إلى الحي، باستثناء رجال الشرطة الذين سيتمركزون في مقرات داخل الحي بعد جولة تفتيش يقومون بها في أرجائه، حسب الناشط.
وبين الناشط المعارض أن الاتفاق يتضمن «تخيير» المطلوبين لقوات الأمن والجيش السوري من أهالي الحي بين الخروج مع المسلحين إلى الريف الشمالي وتسوية أوضاعهم عبر مكتب تشرف عليه الأمم المتحدة.
وأشار المصدر إلى أن الاتفاق المزمن توقيعه يمر بـ3 مراحل مدتها 3 أشهر، تبدأ بخروج المسلحين وتخفيف الإجراءات الأمنية على الحواجز المحيطة بالحي، وفتح الطرق التي تربطه بمركز المدينة، وعودة النازحين إليه، والسماح للمزارعين بالوصول لبساتينهم، وأخيرا إزالة جميع الحواجز المحيطة بالحي، مشددا على أن كل هذه الإجراءات ستتم تحت إشراف الأمم المتحدة وبضمانات منها، حسب المصدر.
يُذكر أن أولى جلسات التفاوض أسفرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار يستمر 10 أيام، بدءا من الأربعاء الماضي، والسماح بدخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى الحي، كبادرة «حسن نية» من أجل توقيع الاتفاق النهائي في الأيام المقبلة، ما لم تحدث عراقيل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.