تلويح بإضرابات في لبنان ضد خفض دعم السلع

TT

تلويح بإضرابات في لبنان ضد خفض دعم السلع

لوّحت النقابات في لبنان بالتصعيد والإضرابات اعتراضاً على اتجاه الحكومة إلى خفض دعم السلع الأساسية، وسط تحذيرات من أن تؤثر الخطوة على انقطاع بعض السلع في البلاد في ضوء تراجع الاستيراد بسبب أزمة الدولار.
وقال رئيس اتحادات النقل البري في لبنان بسام طليس، أمس: «اتخذنا القرار بالذهاب إلى التصعيد والتحرك والإضرابات. أي طرح أو أي كلام عن رفع الدعم إن لم يكن محمياً بتشريعات تحمي المواطن فلن نقبل به».
وتراجع احتياطي مصرف لبنان المركزي من العملة الصعبة بشكل كبير إثر تراجع التحويلات المالية بالعملة الصعبة بسبب الأزمة الاقتصادية، علما بأن «المركزي» يتولى تأمين العملة الصعبة لاستيراد المواد الأساسية وهي المحروقات والدواء والطحين وبعض الأصناف الغذائية. وبدأت النقاشات منذ الأسبوع الماضي لترشيد الدعم، وهو ما رفع التحذيرات من أزمات تترتب عليه، أبرزها ارتفاع سعر صفيحة البنزين ما يعني ارتفاعاً في تكلفة النقل، وبالتالي ارتفاعاً في أسعار سلع أساسية.
ورأى طليس أن «موضوع المحروقات متصل بكل شأن من شؤون المواطن اللبناني، وعلى الدولة التفكير بالإجمال. نحن في أزمة حقيقية». وأضاف: «شاركنا في اجتماعات السراي المتعلقة بالدعم، لكننا لم نفهم شيئاً إلا ما معناه أننا في أزمة واقتربنا من الخط الأحمر».
وحذر عضو تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس من أن تخفيف الاستيراد يعني وقف العجلة الاقتصادية، معتبراً أنه «إذا لم نجد حلاً سندخل في أزمة ونحن بحاجة لمصارحة المواطن».
وأضاف في تصريحات تلفزيونية أنه «إذا قررت الدولة تخفيض استيراد المحروقات فيجب وضع برنامج واضح»، لافتاً إلى أن «هذا الأمر سينعكس على الاقتصاد ككل لذا يجب أن يكون ضمن خطة متكاملة».
وأثرت أزمة ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء على مختلف القطاعات، إذ يبلغ سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة للدولار الواحد، بينما يتم تداول سعر الصرف في السوق السوداء بـ8200 ليرة للدولار الواحد. وتوفر الدولة اللبنانية دعماً بنسبة 85 في المائة للمشتقات النفطية بالعملة الصعبة، وتلزم مستوردي النفط بتأمين 15 في المائة من قيمة المحروقات المستوردة بالدولار. وتقترح الحكومة خفض قيمة الدعم إلى حدود 60 في المائة، ما يفرض على المستوردين تأمين 40 في المائة من قيمة المحروقات المستوردة بالدولار من السوق السوداء، ما يعني ارتفاع صفيحة البنزين بنحو 50 في المائة عن قيمتها الحالية.
وقال ممثل شركات موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، أمس: «لن نقبل بارتفاع سعر البنزين إلى 60 ألفا أو 100 ألف ليرة»، علماً بأن سعر صفيحة البنزين (20 لتراً) 24 ألف ليرة حالياً (16 دولاراً على سعر الصرف الرسمي)، لافتاً إلى أنه «بحسب المعطيات فقد يرتفع السعر بين 5 و10 آلاف ليرة إذا قبلت الاتحادات بذلك».
ويعارض قطاع النقل البري رفع الدعم عن المحروقات، كما يعارض الاتحاد العمالي العام رفع الدعم عن السلع الغذائية والدواء والمحروقات، منعاً لتفاقم الأزمات المعيشية التي أججها انهيار سعر صرف الليرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».