نائب وزير الحج والعمرة: تكامل القطاعات وراء نجاح خدمة ضيوف الرحمن

مشاط أكد لـ أن تطبيق «اعتمرنا» مستمر بهدف تنظيم الحركة

نائب وزير الحج والعمرة السعودي الدكتور عبد الفتاح مشاط
نائب وزير الحج والعمرة السعودي الدكتور عبد الفتاح مشاط
TT

نائب وزير الحج والعمرة: تكامل القطاعات وراء نجاح خدمة ضيوف الرحمن

نائب وزير الحج والعمرة السعودي الدكتور عبد الفتاح مشاط
نائب وزير الحج والعمرة السعودي الدكتور عبد الفتاح مشاط

أرجع الدكتور عبد الفتاح مشاط، نائب وزير الحج والعمرة في السعودية، نجاح بلاده في خدمة ضيوف الرحمن خلال جائحة «كورونا المستجد» إلى منظومة التكامل بين الجهات الحكومية، والترابط بين القطاعين العام والخاص، واصفاً آلية العمل خلال تلك الفترة بأنها مثل «النسيج الواحد».
وقال الدكتور مشاط إن وزارة الحج والعمرة السعودية عملت على التنسيق المتكامل مع القطاعات الحكومية التي تعمل تحت منظومة الحج والعمرة، مما ساهم في تيسير وتسهيل عملية إدارة الحج والعمرة خلال الجائحة، لافتاً إلى أن تطبيق «اعتمرنا» أعاد تعريف إدارة الحشود داخل الحرم المكي والنبوي. وأوضح مشاط في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تطبيق «اعتمرنا» هو أحد التطبيقات التي ساهمت في إدارة الحشود داخل مناطق الحرم، وشاركت بشكل كبير في توضيح الصورة، وقال: «نحن نتعامل الآن مع الجائحة، ولكن حقيقة فإن (اعتمرنا) في حد ذاته ليس فقط للتعامل مع الجائحة، بل هو تنظيم لإدارة الحركة داخل مناطق الحرم».
وأكد على هامش مشاركة الوزارة في معرض جيتكس التقني أن الوزارة سعت في بداية الأزمة، كما هو حال المملكة، لحماية صحة الإنسان وسلامته في جميع الخدمات التي تقدمها، موضحاً وجود خطة متكاملة وضعت في بداية أزمة «كوفيد 19» لخدمة ضيوف الرحمن، وساهمت بشكل كبير في نجاح التطبيقات والمنتجات التي طرحتها الوزارة حتى الوقت الحالي.

موسم حج ناجح
وعن موسم الحج الماضي، قال مشاط: «كان الحج نموذجياً ناجحاً بشكل كبير جداً، حيث شكل العام الماضي مثالاً واضحاً للجهود التي قامت بها السعودية للوقاية من الفيروس، من خلال تعزيز الترابط والتكامل بيننا وبين القطاعات الحكومية الأخرى عبر تطبيق (اعتمرنا)، وهو أحد التطبيقات الوطنية». وأضاف أن التطبيق يقدم خدمة الوصول إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة، وإلى المسجد النبوي للسلام على الرسول (صلى الله عليه وسلم) بشكل آمن وسلامة، ويسهم في الوقت نفسه بتطبيق الاحترازات الوقائية، مشيراً إلى «أنه تطبيق إلكتروني يمكن ضيوف الرحمن من حجز مواعيد لأداء فريضة العمرة تكون متناسبة مع الإجراءات التي تطبق فيها الاحترازات الوقائية ضد الفيروس». وزاد مشاط أنه «تتضمن الإجراءات تطبيق مفهوم التباعد الاجتماعي، وعدم زيادة الأعداد التشغيلية التي تفوق الطاقة التشغيلية للحرم المكي أو المدني، وبالتالي تتوزع جميع الكتل البشرية على 24 ساعة، بحيث تطبق فيها كل معايير السلامة. كما يساعد على تطبيق المعايير التوعوية والصحية الطبية المطلوبة من وزارة الصحة».
وقال: «نعمل على إرسال رسائل توعوية لضيف الرحمن قبل القدوم، إذ تمهد الطريق له قبل الوصول إلى مكة المكرمة، وكيفية أداء العمرة بسلامة، والحفاظ على الكمامة، والالتزام بالخطوات في مناطق التجمع التي ينطلق منها لأداء العمرة».
وتابع: «الصورة أكبر برهان، وذلك من خلال الأعداد الكبيرة، مع ازديادها خلال المرحلة التشغيلية التي وصلنا فيها للمرحلة الثالثة لتنفيذ خطة العمرة عبر 20 ألف معتمر، والوصول إلى 60 ألف مصلٍ في الحرم المكي، بالإضافة إلى زوار الروضة الشريفة للسلام على الرسول (صلى الله عليه وسلم) في المدينة المنورة».

تحسن مستمر
وقال مشاط إن «هذه الحقيقة لم تأتِ إلا بعد تعامل وزارة الحج والعمرة بكل احترافية، كما هو حال جميع القطاعات الحكومية، حيث نعمل بشكل استراتيجي، ونضع تخطيطنا ومستهدفاتنا، ونعمل على تصميم الأعمال، وننفذها على أرض الواقع، ونتابع باستمرار ونراجع حتى يكون هناك تحسين مستمر للأعمال».
ولفت الدكتور مشاط إلى أنه «لدينا سبع نقاط للتجمع والانطلاق إلى الحرم المكي، نستخدم فيها الحافلات المعقمة؛ كل هذه الإجراءات نُظمت وساعدت على تطبيق الاحترازات. ونحن في نهاية المرحلة الثالثة، وستُطلق الرابعة قريباً، وما زلنا نتدارس ونتباحث المؤشرات الصحية والتشغيلية، وعلى ضوئها ننتقل من مرحلة لأخرى، ونحن متفائلون جداً بأن الجائحة إن خفت ستزول، ومع ذلك نضع كل الالتزامات والارتباطات والممكنات التي تساعدنا على التعامل معها لأنها لم تنتهِ بعد، ونتعامل معها بكل احترافية، وحسب التخطيط الذي وضع لها».

توافق مع «رؤية 2030»
وتابع مشاط حديثه، قائلاً إن الخطة الاستراتيجية لوزارة الحج والعمرة تمضي وفق «رؤية السعودية 2030» وأهدافها ومستهدفاتها، مشيراً إلى أن عملية التخطيط ووضع المبادرات تأتي بصورة تكامل وتوافق مع تحقيق مستهدفات الرؤية، واستطرد قائلاً إن «أهم ما في برنامجنا هو خدمة ضيوف الرحمن، فهو يهدف لثلاثة أهداف رئيسية: الأول استقبال مزيد من ضيوف الرحمن؛ والثاني تسهيل أداء المناسك للضيوف وتيسيرها؛ والثالث إثراء تجربتهم، بحيث تبدأ التجربة بفكرة من ضيف الرحمن، وتنتهي بذكرى جميلة خالدة تكون في بال المعتمر والحاج»، وتابع: «كل خططنا تصب في سبيل تحقيقها».

تمكين القطاع الخاص
وأكد مشاط أن وزارة الحج والعمرة تسعى إلى دعم القطاع الخاص، وتمكينه من العمل، موضحاً أن «ما نراه في العمرة هو تمكين للقطاع الخاص في أداء أعماله لتوفير خدمة أفضل للمعتمر، وليس فقط تمكينه من العمل؛ نحن ننظر لها من جانب مختلف، وهو تمكين القطاع الخاص لخدمة ضيف الرحمن بالشكل الأفضل والأصح الذي يليق بالمعتمر والحاج على وجه العموم، وبالتالي رفع كفاءة الأداء وجودة الخدمة».
واختتم نائب وزير الحج والعمرة، قائلاً إن «كل أعمالنا مع القطاع الخاص والمحرك المركزي للخدمات لضيوف الرحمن موجهة للقطاع الخاص، وفتح الأبواب له كبير جداً في الحج والعمرة. وأؤكد أنها ليست من منظورٍ تجاري أو اقتصادي، إنما خدمي، ولتجويد الخدمات لضيوف الرحمن».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».