مخبز يولد من رحم الإقفال بلندن

«مجوهرات من السكر» تتحدى الصعوبات وتفتح «كونوت باتيسري» في أحلك الأوضاع

TT

مخبز يولد من رحم الإقفال بلندن

ضرب فيروس كورونا قطاع الضيافة والمطاعم بشكل كبير، لدرجة أن هذه الضربة كانت مميتة بالنسبة لعدد كبير منها بسبب الإقفال التام والخسائر المادية الفادحة والاضطرار لتسريح الموظفين وإفلاس عدد من الطهاة البارزين.
ولكن ورغم الغيمة السوداء التي لا تزال تلقي بثقلها وعتمتها على عاصمة الضباب لندن فإن هناك من تحدى الصعوبات وفتح أبوابه في أصعب الأوقات مثل «ذا كونوت باتيسري» في شارع «ماونت ستريت» بحي مايفير الأنيق.
ديكور الباتيسري أو المخبز الأنيق من تصميم «إي بي روجرز»، وميزته البساطة والبعد التام عن موضة الديكور التي تكثر من استخدام الزهور الاصطناعية، يعتمد على اللون الوردي وعلى فكرة طريقة عرض المجوهرات، فترى واجهة عرض الحلويات على شكل أدراج تسحب إلى الخارج تماماً مثل الأدراج التي تعرض عليها المجوهرات في محلات بيع الذهب. وتباع عليها 10 أصناف من الحلوى تتغير بحسب المواسم من بينها «أبل تاتين» و«سانت أونوريه» و«يوزو إيكلير» و«باشن فروت موس كيك» و«شونكا كيك بالشوكولاته».
وتتصدر الحائط ساعة كبيرة الحجم ليست لإعلامك بالوقت وإنما وبتوقيت توفر كل نوع من الحلوى طيلة اليوم، لأن فكرة المخبز هي تقديم الحلوى والمعجنات طازجة مباشرة بعد خروجها من الفرن.
وتم الربط ما بين المجوهرات والحلوى لأن تلك القطع الصغيرة من السكريات هي أشبه بمجوهرات صغيرة تتميز بتصميم رائع، ومن بين ما تقدمه القائمة الطويلة للحلوى «نيميسيس كيك» الذي يشتهر بتقديمه «ريفر كافيه» بفرنسا، إلى جانب المعجنات الأخرى والكرواسان.
يضم المخبز أرائك من الجلد تتدلى فوقها إنارة باللون الوردي وأرضية من الرخام باللون نفسه، وبما أن الافتتاح جرى في وقت منعت فيه القوانين بلندن الجلوس في المطاعم والمقاهي، فكان يقف أمام المخبز طابور طويل من الذواقة ومحبي القهوة عالية الجودية لتحلية الأوضاع والنفسيات المتأثرة سلباً بسببها.
ولكن اليوم ومع تخفيف الإجراءات الخاصة بالسلامة من الممكن الجلوس من الساعة الثامنة صباحاً ولغاية الساعة السادسة مساء لتناول القهوة والحلوى والشاي والشوكولاته الساخنة في أجواء أنيقة تنقلك إلى الأجواء الباريسية.
يقوم بتحضير الحلوى الشيف الفرنسي نيكولا روزو الذي اهتم أيضاً بوضع أطباق مالحة على اللائحة مثل الكرواسان مع البيض والكمأة.
وخلال الإقفال الثاني الذي طال لندن، قدم المخبز أكثر من 400 وجبنة لجمعية خاصة بالمشردين في لندن.
وإذا قمت بزيارة المخبز هذا الشهر ستجد عند مدخله كوخاً صغيراً تقدم فيه مأكولات ومشروبات عيد الميلاد، ولا بد أن تجرب الكريب بالشوكولاته وحلوى الفستق.
الإقبال على المخبز كبير جداً وهذا واضح من الطابور الدائم خارجه، خاصة أن القوانين الخاصة بالسلامة التي تفرض حالياً بسبب الفيروس المستجد تمنع وجود عدد كبير من الزبائن في الوقت نفسه في الأماكن المغلقة.
وتحدي المخبز للأزمة من خلال اختيار أسوأ الأوقات لافتتاحه علامة على عزيمة أصحاب الأعمال في متابعة المسيرة وتقديم الأفضل في عالم الطعام والضيافة والأكل.
واليوم نجد المطاعم والمحلات التجارية في لندن التي كانت تتنافس فيما بينها في السابق، تتحد في وجه هذه المرحلة الصعبة وتطلق هاشتاغ يحث الناس على تشجيع المطاعم والمقاهي والمراكز التجارية من خلال الشراء وضخ المال في هذا القطاع الأكثر ضراراً ليعود إلى سابق نجاحه.


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».