تحذيرات علمية من عواقب التسرّع في الإقبال على اللقاحات

انتكاسات في إنتاج بعض مختبرات العقاقير

تحذيرات علمية من عواقب التسرّع في الإقبال على اللقاحات
TT

تحذيرات علمية من عواقب التسرّع في الإقبال على اللقاحات

تحذيرات علمية من عواقب التسرّع في الإقبال على اللقاحات

مع احتدام السباق بين الحكومات وشركات الأدوية حول مواقيت الموافقة على استخدام اللقاحات والمباشرة بحملات التطعيم، وتنامي الحركات والتيّارات المشكّكة في نجاعة اللقاحات والداعية إلى عدم تناولها، تتعالى أصوات في أوساط الباحثين والخبراء تدعو إلى التريّث في خطوات الموافقة على اللقاحات وعدم تجاوز المراحل والجداول الزمنية اللازمة للتأكد من سلامتها التامة وفاعليتها، وإخضاع القرارات حصراً للمعايير والقرائن العلمية.
وتقول الباحثة البلجيكية الإخصائية في علوم تطوير الأدوية إيلس تورّيلي، إن «التسرّع الذي نشهده في الموافقة على اللقاحات والمباشرة في استخدامها من شأنهما أن يقوّضا الثقة بفاعليتها التي يصعب تحديدها بشكل ثابت قبل انقضاء أشهر على تناولها». وتضيف تورّيلي التي أشرفت لسنوات على برنامج منظمة «أطباء بلا حدود» للحصول على الأدوية الأساسية وانضمّت مؤخراً إلى فريق الباحثين التابع لمعهد الابتكار العلمي في جامعة لندن، أن «المعلومات المتوفرة حتى الآن عن اللقاحات المتداولة، لا ترتقي إلى المستوى اللازم لضمان الشفافية وإعطاء الضمانات الكافية حول المدى الزمني لفاعليتها والآثار الجانبية التي يمكن أن تنشأ عنها، ومن الخطأ أن تُترك الحلول لمواجهة الجائحة للشركات الخاصة المهتمة بالربح المادي أكثر من اهتمامها بالصحة العامة». وجاءت تصريحات تورّيلي في ندوة مفتوحة مع عدد من المنظمات الدولية غير الحكومية شارك فيها ممثلون عن منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وبعض الجهات الأكاديمية.
وعلى مدار الأشهر الماضية، ظل العالم يحبس أنفاسه انتظاراً لبارقة ضوء في نهاية النفق المظلم للخروج من أزمة كورونا، وسط فترات من الإغلاق والقيود المشددة، وما لذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية. وأخيراً بدأ الجميع يتنفس الصعداء مع ظهور لقاحات تعد بالأمل في عودة الحياة لطبيعتها. لكن هل باستطاعة هذه اللقاحات إعادة الحياة بالفعل لتُطوى بذلك تلك الصفحة القاتمة من تاريخ البشرية؟
وفي هذا السياق، نشرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء تقريراً حول «انتكاسات» تعاني منها بعض الشركات المصنعة للقاحات، ما أجبرها على تأخير طرح اللقاحات بعيداً عن المواعيد الأولية التي كانت تتوقعها. وتقول «بلومبرغ» إن شركات إنتاج اللقاحات، ومن بينها اثنتان من كبرى شركات العالم، واجهت انتكاسات في محاولة توفير مزيد من جرعات اللقاحات بعد أن نجحت أخيراً في التوصل إلى اللقاح، وهو ما أخذ يخفف من وتيرة الأخبار الإيجابية.
وأخّرت شركة «سانوفي» و«غلاكسو سميث كلاين» التجارب المتقدمة لجرعاتهما التجريبية للقاح مضاد لمرض «كوفيد - 19» الناجم عن فيروس كورونا المستجد، بعد أن فشلت تلك الجرعات في إحداث استجابة قوية بما فيه الكفاية لدى كبار السن، مشيرة إلى إمكانية توفرها نهاية العام المقبل. وفي صفعة أخرى، واجهت تجارب اللقاح التي تطورها شركة «سي إس إل ليمتد» وجامعة كوينزلاند في أستراليا، صعوبات.
وستبدأ «سانوفي» وشريكتها في المملكة المتحدة دراسة المرحلة الثانية الجديدة بمواد محفزة للاستجابة المناعية ضد الفيروس أكثر تركيزاً في فبراير (شباط)، بعد أن قالتا إن الجرعة الحالية فشلت في توليد استجابة مناعية جيدة لدى الأشخاص ممن هم في سن الخمسين أو أكبر. وأظهر البالغون الأصغر سناً استجابة مماثلة للمرضى الذين تعافوا من المرض. وقالت «سانوفي» في رسالة عبر البريد الإلكتروني، إن المشكلة نشأت بعد استخدام مادتين مختلفتين لقياس تركيبات اللقاح التي قدمت معلومات غير دقيقة حول تركيز المواد المحفزة للاستجابة المناعية ضد الفيروس. وأخطرت الشركتان المسؤولين الأميركيين بهذا الأمر.
وذكرت «بلومبرغ» أن هذا التأخير يسلط الضوء على الصعوبات والشكوك التي تواجهها الشركات في تطوير الجرعات في وقت قياسي ضد مرض أودى بالفعل بأرواح أكثر من 1.5 مليون شخص. كما أن هذا يعد أيضاً صفعة للحكومات التي تعتمد على الإمدادات من الشركتين العملاقتين في إنتاج اللقاحات، وسط توقعات بأن العالم سيحتاج إلى لقاحات متعددة لوقف انتشار الفيروس المسبب للمرض.
وفي الوقت نفسه، ألغت أستراليا طلباً للحصول على 51 مليون جرعة لقاحات لـ«كوفيد - 19» يجري تطويرها من جانب شركة «سي إس إل» والجامعة الأسترالية.
ويأتي أحد مكونات اللقاح من فيروس نقص المناعة البشرية. وفي حين أن ذلك لا يشكل أي خطر بالنسبة للإصابة بالعدوى، فإن بعض المشاركين في التجارب كانت لديهم اختبارات إيجابية زائفة لفيروس نقص المناعة البشرية (إتش آي في). ويحد كل ما تم إعلانه عن اللقاحات من بعض التفاؤل الذي أعقب نتائج التجارب الإيجابية من شركتي «فايزر» و«موديرنا». ويبدو أن لقاحاً آخر من شركة «أسترازينكا» وجامعة أكسفورد واعداً أيضاً، على الرغم من الشكوك حول فاعليته لدى كبار السن. ووافقت المملكة المتحدة وكندا بالفعل على الحصول على جرعات من شركة «فايزر» وشريكتها «بيوإنتيك»، وقد تفعل الولايات المتحدة وأوروبا ذلك قريباً، وفقاً لـ«بلومبرغ». وبدأت الصين وروسيا بالفعل في استخدام اللقاحات الخاصة بهما.
ويعني التأجيل للقاح «سانوفي - غلاكسو سميث كلاين» أنه قد لا يصل إلى الأسواق قبل الربع الأخير من عام 2021 بدلاً من منتصف ذلك العام. وتخطط الشركتان لإجراء تجربة جديدة، من المشكلة أن تشمل مقارنة مباشرة بلقاح تمت الموافقة عليه بالفعل من اجل تسريع عملية الأبحاث. لكن الشركتين لم تكشفا عن عدد الأشخاص الذين سيخضعون للتجربة. ومن الممكن أن تبدأ اختبارات المرحلة المتقدمة في الربع الثاني من العام المقبل. وقالت «سانوفي»: «نريد أن يحمي لقاحنا الجميع، بما في ذلك الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمرض كوفيد - 19».


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.