الحرب التي غيّرت خريطة المنطقة... وفتحت الممرّ إلى «أرض نوح»

الحرب التي غيّرت خريطة المنطقة... وفتحت الممرّ إلى «أرض نوح»
TT

الحرب التي غيّرت خريطة المنطقة... وفتحت الممرّ إلى «أرض نوح»

الحرب التي غيّرت خريطة المنطقة... وفتحت الممرّ إلى «أرض نوح»

لن تقتصر تداعيات الحرب الأخيرة في إقليم ناغورنو قره باغ الأذربيجاني الذاتي الحكم، التي استمرت نحو ستة أسابيع داخلية فقط، على تعزيز صورة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف. فهي مع تحقيق بعض المنافع الجيو سياسية لحليفته تركيا / التي نجحت من خلال الاتفاق مع الجانب الروسي في تثبيت وجود دائم في منطقة جنوب القوقاز / تفتح على مرحلة جديدة كليا في التعامل مع الواقع الجيو سياسي الذي كرّس على مدى العقود الثلاثة الماضية.
لقد عادت سبع مناطق كانت تحت السيطرة الأرمينية إلى أذربيجان، أربع مناطق منها تمت السيطرة عليها عسكريا خلال الحرب الأخيرة، وثلاث أعيدت طوعاً بموجب الاتفاق الثلاثي الموقع بين يريفان وموسكو وباكو. غير أن التغييرات الحاصلة تبدو بالغة الأهمية، لجهة أن إقليم قره باغ عملياً بات مقسماً بين: سيطرة أذرية في مناطق مهمة منه بينها مدينة شوشة الاستراتيجية، وسيطرة روسية على طول المناطق التي يوجد فيها عسكريون روس. ولقد انعكست هذه السيطرة العسكرية الروسية بتجليات سياسية تبدو بعيدة الأمد، مع إطلاق مشاريع «إنسانية» روسية لإعادة بناء وتأهيل بعض القطاعات... وهو ما يعني أن موسكو تعد لإقامة طويلة الأمد في هذا الإقليم. وتبقى، بجانب المنطقتين السالفتي الذكر، بعض مناطق الإقليم وخصوصاً عاصمته ستيباناكيرت (خان كندي) تحت سيطرة شكلية من جانب أرمينيا. المهم أيضاً، أن المناطق التي استعادتها أذربيجان تقع في الجزء الأعظم منها في القطاع الجنوبي من الإقليم. وهذا يعني عملياً أن الحدود الأرمينية تقلصت إلى درجة كبيرة جداً مع إيران، الحليف المهم جداً لسلطات يريفان. إذ باتت تحد إيران في هذه المنطقة مساحة أذرية واسعة جداً؛ ما يسهّل الحركة والتواصل بين أذربيجان والإيرانيين الأذريين بعد انقطاع لعقود.
العنصر الثاني الذي يحظى بأهمية كبرى، هو أن الاتفاق (الذي أنهى القتال) نصّ على فتح الممرّات البرية ليغدو ممكناً إنشاء معبر آمن يصل للمرة الأولى أراضي أذربيجان مع إقليم ناخيتشيفان (نخجوان) الأذري الواقع خلف عمق الأراضي الأرمينية. ويعني ذلك أن أذربيجان سيكون لديها اتصال بري مع تركيا، وسيفتح ذلك على اتصال بري لهذا البلد أيضاً مع منطقة آسيا الوسطى.
ثمة مَن يقول من الخبراء الروس، إن إيران ستحاول أن تعرقل تنفيذ هذا البند لأنه يشكل خطراً جيوسياسياً عليها. بيد أن موسكو تبدو حتى الآن، ملتزمة بتنفيذ الاتفاقات المبرمة، التي ما زالت تحتاج إلى نقاشات ومفاوضات تفصيلية قبل الوصول إلى تفاهمات نهائية حول آليات تطبيقها. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إقليم ناخيتشيفان، منطقة تتمتع بحكم ذاتي تقع بين أرمينيا وإيران وتركيا في جنوب منطقة القوقاز، ويُعد من أكثر أجزاء الاتحاد السوفياتي السابق عزلة. ويكاد ناخيتشيفان يكون أكبر بقعة جغرافية في العالم تابعة لبلد لا ترتبط به بممر برّي، ومطوّقة بأراض أجنبية من كل جانب.
هذا، ويطلق سكان ناخيتشيفان على منطقتهم اسم «أرض نوح». وفي حين أن كلمة «ناخيتشيفان» تعني باللغة الأرمينية «المستقر»، فإن الكثير من سكان أذربيجان يزعمون أنها تعني في اللغات الفارسية القديمة «موطن نوح». ووفقاً لتقرير أعده صحافي بريطاني زار الإقليم، يتداول سكان محليون حكايات عن أنه عندما انحسر الطوفان، رسا فلك نوح على قمة جبل الأفاعي «إيلانداغ» المجاور، وأحدث ذلك الشق الذي يمكن رؤيته على قمة الجبل اليوم. ويؤكد كثيرون من سكان الإقليم أن النبي نوح وأتباعه أمضوا بقية حياتهم في هذه المنطقة، وأنهم ينحدرون من نسلهم.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»